أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر

وحصار غزة

رضوان سلمان حمدان

[email protected]

ما أحوج الأمة اليوم إلى علماء ربانيين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وألا تأخذهم بالله لومة لائم باعوا أنفسهم لله واشتروا بها جنة عرضها السموات والأرض..

علماء يعيدون لنا سيرة سعيد بن جبير والعز بن عبد السلام وسيد قطب

إن اليوم الأمة تئن من وطأة الجراح ، فبم علماؤنا مشغولون أبطبع الأحكام للحكام ، !!! إن دور العلماء أكثر من التوجيه والتعليم والتقويم فهم ورثة الأنبياء وهم مشاعل الحق.. أين هم اليوم من ملاحقة الفساد والمفسدين ، أين هم من نصرة المظلومين ، أين هم من اليتامى والثكالى ، أين هم من دماء المسلمين المسفوحة في كل مكان؟؟ في فلسطين في الأفغان وباكستان والعراق والصومال.. والرقعة تمتد..

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه من كان قبلكم من بني إسرائيل إذا عمل فيهم العامل الخطيئة فنهاه الناهي تعذيرا فإذا كان من الغد جالسه وواكله وشاربه كأنه لم يره على خطيئة بالأمس فلما رأى الله تعالى ذلك منهم ضرب قلوب بعضهم على بعض على لسان داود وعيسى بن مريم { ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون } والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر ولتأخذن على أيدي المسيء ولتأطرنه على الحق أطرا أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ويلعنكم كما لعنهم" رجاله رجال الصحيح

جاء في منهاج القاصدين: اعلم‏:‏ أن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر هو القطب الأعظم في الدين، وهو المهم الذي بعث الله به النبيين، ولو طوى بساطه، لاضمحلت الديانة، وظهر الفساد، وخربت البلاد‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون‏}‏‏. ‏[‏آل عمران‏:‏ 104‏]‏، وفى هذه الآية بيانٌ أنه فرض على الكفاية لا فرض عين، لأنه قال‏:‏ ‏{‏ولتكن منكم أمة‏}‏، ولم يقل‏:‏ كونوا كلكم آمرين بالمعروف، فإذا قام به من يكفى سقط عن الباقين، واختص الفلاح بالقائمين المباشرين له‏.‏ وفى القرآن العظيم آيات كثيرة في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر‏.‏ وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول‏:‏ "‏مثل القائم على حدود الله والمداهن فيها مثل قوم ركبوا سفينة فأصاب بعضهم أسفلها وأوعرها وشرها، وأصاب بعضهم أعلاها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا الماء مروا على من فوقهم فآذوهم، فقالوا‏:‏ لو خرقنا في نصينا خرقاً فاستقينا منه، ولم نؤذى من فوقنا، فإن تركوها وأمرهم هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا جميعاً‏"‏‏.‏

يا علماء الأمة خذوا من هذا الموقف عبرة ودرسا:

قال الحجاج لسعيد بن جبير: فما تقول في؟

قال سعيد: أنت أعلم بنفسك.

قال الحجاج: بث بعلمك.

قال سعيد: إذاً يسوؤك ولا يسرك!!

قال الحجاج: بث بعلمك.

قال سعيد: اعفني.

قال الحجاج: لا عفى الله عني إن أعفيتك!

قال سعيد: إني لأعلم أنك مخالف لكتاب الله ترى من نفسك أموراً تريد بها الهيبة وهي تقحمك الهلكة وسترد غداً إلى الله فتعلم.

قال الحجاج: أما والله لأقتلنك قتلة لم أقتلها أحداً من قبلك ولا أقتلها أحداً من بعدكّ.

قال سعيد: إذاً تفسد علي دنياي وأفسد عليك آخرتك.

ومن الكلمات والمواقف الشجاعة اليوم ما أفتى به الشيخ نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق، بأن من يأمر بحصار الفلسطينيين وتدمير الأنفاق آثم ومتحالف مع المحتل..

وقد ندَّد باستمرار النظام المصري في إغلاق الحدود بين قطاع غزة ومصر للعام الثالث على التوالي، معتبرًا السعي إلى إحكام الحصار هو بمثابة الحرب المعلنة على ديار المسلمين ودعمٍ للعدو.

وأوضح واصل في تصريحاتٍ نشرتها اليوم الإثنين (25-5) صحيفة "القدس العربي" أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال صنع الأعذار لأي نظام عربي في تقاعسه عن نجدة مليونَي فلسطيني من أهالي القطاع، قائلاً: "إذا كان المولى عز وجل سيُدخل امرأةً النار لأنها حبست هرة، فما بال الذي يحبس مليونَي مواطن ويحُول بينهم وبين العلاج والطعام وطلب العلم".

وشدَّد على أنه لا يجد أي عذر يُقبل في هذا السياق، وقال: "الذين يتحدثون عن دفع الضرر عن النفس لا يدركون أن كمال الإيمان لا يتحقق إلا بأن يحبَّ المرء لأخيه المسلم ما يحب لنفسه"، متسائلاً: "هل يقبل مواطن لنفسه أن تعيش أسرته في رعب وظلم وقهر وجوع عدة أعوام؟!"، رافضًا الذرائع التي يُطلقها البعض بشأن حتمية هدم الأنفاق بين رفح وقطاع غزة.

واعتبر الأنفاق الشريان الوحيد المتبقي من أجل إبقاء الفلسطينيين على ظهر الحياة، وأفتى بحرمة ردم الأنفاق؛ لما فيها من إلحاق المزيد من الضرر بالفلسطينيين، قائلاً: "لا يحل لأي جهة أو مسؤول تدمير تلك الأنفاق مهما كانت التهم التي توجَّه للطرف الذي يستخدمها".

وأكد أن الامتثال للمطالب الأمريكية والصهيونية في هذا الشأن هو بمثابة إعانة العدو على الشقيق، نافيًا أن يكون هناك نص من القرآن والسنة قد أباح مثل ذلك السلوك.

وانتقد واصل الأنظمة التي لا تريد دعم حركات المقاومة بزعم أنها تعمل ضد مصالح الشعب الفلسطيني قائلاً: "دعم "حماس" وشقيقاتها فرض عين على القادرين من المسلمين، كما أن مساندتها تمثِّل واجبًا على حكام المسلمين ليس بإمكانهم الفرار منه مهما اختلقوا من أعذار"، مناشدًا علماء الدين أن يكونوا عين الأمة الساهرة في الدفاع عن المقدسات الإسلامية مهما شكَّل ذلك من عبء عليهم، وقال: "إذا لم يدافعوا عن القدس والمقدسات والشعب والعِرض فعن أي قضية شريفة أخرى بوسعهم أن يدافعوا؟".

واعتبر واصل ضياع فلسطين من البحر إلى النهر بأنه خطيئة الحكام العرب ومن عاونهم من علماء الدين الذين أطلقوا لهم الفتاوى التي تجعلهم يتمادَون في خلق الأعذار تلو الأعذار، بينما العدو الصهيوني يلتهم كل صباح مساحة جديدة من الأرض.

وفي ذات السياق انتقد مفتي مصر الأسبق المناهج التعليمية في المدارس والجامعات، والتي أسفرت عن تغييب قضية القدس عن أذهان الأجيال الجديدة، وتساءل عن المغزى من تقليص تدريس ما له علاقة بفلسطين والقضية في مناهج التعليم المختلفة؛ مما كرس في نهاية الأمر حالةً من فقدان الذاكرة والهويَّة بالنسبة للأجيال الجديدة، فلم يعد الكثير من الشباب يعلم الكثير عن القضية.