أيها المنكوسون دافعوا عن الصفر حتى آخر "نفــس"

أيها المنكوسون

دافعوا عن الصفر حتى آخر "نفــس"

بقلم: د. جابر قميحة

ابتداء أعتذر للوزير الهمام «علي الدين هلال», وبقية الهلالية, بسبب ما وجهه إليهم الشعب المصري من نقد مرّ, واتهامات قاسية لأن «مصرنا المحروسة» حصلت علي «الصفر المونديالي».
وأعتقد أن هؤلاء المهاجمين الظالمين -وهم لا يزيدون علي خمسين مليونًا بأية حال- ما دفعهم إلي هذا الهجوم الغاشم علي «الهلالية» إلا الحقد الأسود. وقد يمثل هؤلاء غالبية الشعب المصري, ولكن علينا أن نؤمن بأن الأغلبية قد لا تكون علي حق.
لماذا الحقد...?!
وأعتقد أن الذي غذَّي تيار هذا الحقد علي الهلالية هو الجهل.. نعم الجهل... جهل هذه الملايين قيمة «الصفر المونديالي الهلالي», وكذلك رفض هلال الوزير أن ينازل هؤلاء في مهاترات وعبثيات, فهو يعلم أنهم يتمتعون بالضحالة الفكرية, والسطحية في معالجة الأمور وتقييمها.
كما أنه يعرف البعد الحقيقي لهذا «الصفر المونديالي» -ظاهرًا وباطنًا- فهو صفر عزيز غال, نادرًا ما يتكرر لغيرنا علي مدار التاريخ كله.
ومثل هذا الصفر جدير بأن يُضحَّي -من أجل الحصول عليه- لا بعشرات الملايين, بل مئات الملايين من الدولارات أو اليوروات. وأعتقد أن التخطيط الهلالي «الحويط» للحصول علي هذا الصفر, فاق كل الخطط والتخطيطات التي رسمتها دول أخري.
ولا شك أن زعيم الهلالية -وهو مشهور بتواضعه- عنده المبررات والمسوغات لإصراره المكتوم علي «قطف» هذا الصفر التاريخي. والرجل من تواضعه وإنكار ذاته لم يبح بهذه المسوغات, وتلك المبررات.
مبررات.. ومسوغات.. وفوائد..
وبأنٍفي صحفي, وحسّي مرهف حاولت أن أستبطن أعماق زعيم الهلالية, فوصلت إلي اكتشاف هذه البواعث والمبررات والمسوغات. وهي -في مجموعها- تكاد تنحصر فيما يأتي:
1- حصول مصر المحروسة علي هذا الصفر يمثل نتيجة إيجابية, فمن حقنا أن نقول: «حصلت مصر علي صفر» ولا تستطيع ليبيا أو تونس أن تردد مثل هذه العبارة, بعد أن انسحبتا من الميدان, وهو تصرف لا يليق بالأبطال.
وخطأ الحاقدين علي الهلالية أنهم يساوون بين مختلفين: هما «الصفر» و«لا شيء», مع أن «الصفر» يعني حصيلة بصرف النظر عن قيمته. أما «لا شيء» فتعني انعدام الإيجابية والعمل الناشط تمامًا.
2- حصول «مصر المحروسة علي الصفر في «التصويت» زاد من شهرة وطننا الحبيب, فلا حديث للعالم كله إلا عن مصر.. ملكة الصفر المونديالي.. وبه أصبحنا أشهر من المغرب وجنوب أفريقيا.
3- ومن ناحية أخري, صرف هذا الصفر عن مصرنا «شر العين» أي الحسد. وصرف عنها «القرّ» من الناس الشر. ونحن شعب يؤمن بأن «العين حق».
قيم خلقية ونفسية...!!
4- ومن الصفر يمكن أن نتعلم فضيلة التواضع: فهو -بإرادته- يتنازل عن قيمته كاملة, إذا أخذ موقعه في يسار الأرقام الأخري.
5- والصفر من الرموز الحسابية المكافحة المتطورة, فقد ظل يقاتل قرونًا طويلة حتي صنع لنفسه مكانة وقيمة. صحيح أنه لا يساوي شيئًا إذا كان علي الشمال, ولكنه الآن حقق أمله في الهاتف المحمول, فهي جميعًا تبدأ بـ(010) أو (012).
وبذلك يكون قد جمع بين عدة فضائل وشمائل طيبة, منها: التواضع, وقوة العزيمة, والطموح, والقدرة علي التطور.
6- وهناك قيمة قد تبدو شكلية للصفر: فلو كتب باللاتينية جاء في شكل بيضاوي جميل, أو في شكل دائري كأنه البدر الساطع.
ولو كُتب بالعربية جاء في شكل «نقطة» .والنقطة لها أهميتها بين الحروف: كالتاء, والثاء, والسين, والشين... إلخ. وموضوعيًا ترمز النقطة إلي الفكرة الرئيسية, أو الجزئية المهمة في الموضوع.
والنقطة تمثل حد الانتهاء الجزئي, فيقال: «انتهينا في الموضوع عند نقطة كذا...», وكذلك تمثل حد الابتداء الجزئي, فيقال : «ومن هذه النقطة -أي الفكرة- نبدأ موضوعنا», و«ساعة الصفر» اصطلاح عسكري يعني الوقت السري المحدد لبدء عمل حربي.
7- والصاد, والفاء, والراء (ص.ف.ر) يؤخذ منها مواد لغوية ذات قيمة مادية أو معنوية: فالأصفر: هو الذهب. والأصفران: الذهب والزعفران. والصفير: صوت موسيقي بالفم.
الصفر.. والولاء
8- وحصولنا علي هذاالصفر يمثل الولاء الحقيقي العميق للنظام الحالي, لأن الصفر يتسق -في صدق وأمانة- مع الحال التي نعيشها في كل الميادين والمناحي. والمؤسسات. وغير الصفر يعد تمردًا علي النظام الحاضر الذي يعد امتدادًا للميمونة التي قامت سنة 1952.
ومركز مصر المحروسة وثقلها في نظر العالم -بما فيه دول العالم الثالث- لا يزيد حاليًا علي الصفر وذلك بعد أن فقدت مصر -بسبب حكامها- هيبتها في أنظار دول الغرب والشرق.
ولا عجب فيما هبطنا إليه: فنظام الحكم عندنا خلاصته أنه: نظام بلا نظام. فهو نظام صفٍر أي خالي -عمليًا- مما يسمي بالديمقراطية, ما عداها هامشًا شاحبًا اخترعوه ذرًا للرماد في العيون.
وحالة الاقتصاد المصري -بعد عمليات النهب, والسلب المشهورة- هبطت إلي «الصفر».
والمستوي المعيشي للمواطن المصري يعانق الصفر بسبب الغلاء والرشاوي, والفساد الإداري, فعاش المواطن مطحونًا تحت وطأة الفقر, وركام من المشكلات تتفاقم.. وتطّرد, كالبطالة, والإسكان, والعنوسة, والأمية... إلخ.
أما «صفر الأصفار» فهو الوسام الذي يجب أن «يحلّي» قفا التعليم في العهد البهائي, فالطالب يحصل علي الثانوية العامة, بل الليسانس, ولا يستطيع أن يكتب - بلغة سليمة- عبارة من سطرين ومشهورة حكاية الطالب الذي كتب -من بضعة أشهر- التماسًا لعميد كليته يطلب فيه «قردًا يُقصَّت علي 12 قًصٍتًا», والصحيح -الذي لم يكتبه- أنه يطلب «قرضًا يقسط تسديده علي 12 قسطًا».
والحالة الصفرية هي التي تصًم الفن والإعلام.. بل الحالة «تحت الصفرية», وقد كتبت عددًا من المقالات في (آفاق عربية) تصور هذه الحال, كما فصّلت ذلك في كتابي عن «أثر وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية..».
فالصفر إذن هو صاحب الجلالة الذي يصم ويسيطر علي كل مناحي حياتنا: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية, فلماذا يريد الحاقدون أن تتمرد حياتنا الرياضية علي هذا النسق الكريم?! ولماذا يريدون من «الهلالية» -وعلي رأسهم شيخ القبيلة علي الدين هلال- أن ينقضوا ولاءهم, ويتمردوا علي ما هو سائد في مصرنا المحروسة?!
أعيدوا للصفر اعتباره..
وحتي تنتصر دولتنا لصاحب الجلالة الصفر, وتعيد إليه الحكومة العاطفية العبيدية اعتباره بوصفه الأصل الأصيل في حياتنا الحالية, وحتي تسير حياتنا علي نهج واحد, ونسق واحد, لا يعرف الشذوذ والنشوز أقترح الآتي:
1- اعتقال كل من يهاجم الصفر, ويهاجم «الهلالية» وعلي رأسها الوزير الجدع علي الدين هلال, وذلك حرصًا علي وحدة الصفر في مصرنا المحروسة, وصدق الولاء بها.
ولا يستطيع أحد أن يعترض علي هذا الاعتقال, فقانون الطوارئ يمكن أن يتسع لهؤلاء, كما اتسع لأعضاء جماعة الإخوان التي هي «محظورة».
2- اتخاذ الصفر شعارًا رسميًا للدولة, فيلغي ختم النسر ويستبدل به «ختم الصفر».
3- تجعل الدولة من يوم حصولنا علي «الصفر المونديالي» عيدًا قوميًا رياضيًا, تحتفل به كل عام.
4- يُلزم الحلاقون ألا يحلقوا لزبائنهم الذكور إلا «مودة الزيرو». ويُلزم تجار السيارات بألا يبيعوا السيارات إلا جديدة تمامًا أي «علي الزيرو».
5- تعدل كلمات الأغاني -بقدر المستطاع- بما يتفق مع «المنطق الصًّفري», وما يشتق لغة من الصفر فمثلاً:
- يا مسافر وناسي هواك. تعدل إلي يا مصافر... إلخ.
- أغنية بكرة السفر بكرة. تصبح: بكرة الصّفَر...
- أغنية: أسمر يا أسمراني. تصبح: أصفر يا أصفراني.
- أغنية: سمراء يا حلم الطفولة تصير صفراء يا...
- أغنية أبو سمرة السكرة, تصير: أبو صفرة السكرة.
وهناك وسائل أخري لا يتسع المقام لذكرها.
وبكل ما ذكزت يعادُ «للصفر» «اعتباره وقيمته, ويعود لشعبنا وحدة صفه, وتلاهم أبنائه, وينتصر الهلالية علي الحاقدين. بعدها سيشهد العالم أننا جديرون فعلاً «بالصفر المونديالي».