أزهار العراقيِّين !
أزهار العراقيِّين !
جمال علوش
قبل أن يبدأ بوش حربه ( التحريرية ) على العراق ، وعد جنوده ( الميامين ) بنزهة شرقية على ضِفاف الرافدين ، وأكَّدَ لهم بيقين لايقبل الشكَّ أو الجدل ،أنهم سيُسْتَقبَلونَ هناكَ بالورود والأزهار ، وبأنَّ فتيات العراق الفاتنات سينثرْنَ على رؤوسهم الرُّز المُبارك ، ولكنه لم يوضِّح مصدر الرز الذي سينثر .. هل هو رزٌّ صيني ، أم أنه رزٌّ أمريكي مُصَنَّع من بقايا عظام الدجاج ! ...وابتهج الأمريكيون ( المرتَزَقة ) بهذا الوعد ، وهم واثقون بأنَّ رئيسهم (عرَّاف عصره) ، ولايمكن أن يكذب ، أو يُخطىء في حدسه أبداً .
ودخلوا بغداد .. نعم دخلوها ، دون قتال ، ودون خسائر تذكر ، على حد زعم قادتهم ، فملحمة معركة مطار بغداد لم يسمعوا بها ، ولم يعرفوا أن أكثر من ألف علج قد أبيد فيها ، وأن قيادتهم تكتمت على هذا الأمر .. ولكن ماحدث بعدذلك،أثبت لهم أنَّ ( بوشاً )كان أكذب من ( مُسيلمَة )،وأنه مجرد( روبوت ) مُسَيَّر من ( تشيني ) وغيره من دُهاة الصهاينة المدربين ، منذ ابتدأت آلام السيد المسيح ، على ترقيص دُمى البيت الأسود ودُمى مسرح العرائس العالمي ، وجعلها تتحرك كما يشاؤون ويودون ويرغبون .نعم ، لقد لاقى (مرتزقة) بوش في العراق وروداً وأزهاراً ، ولكنها ورود نار ، وأزهار موت ، واستُقْبِلُوا بزغاريد صهيل لايجيد في كتابة أغنياته غير أبجدية الدم ، ودارت عليهم شمول المنايا ، كما كانت تُدارُ أيام سيف الدولة الحمداني على علوج الروم في الثغور
نعم ، لم يقصِّر العراقيون في الضيافة ، فكرمهم فاق كلَّ حد . أعادوا ، وبكل الحب ، للشعب الأمريكي أبناءه الميامين الذين جاؤوا فاتحين ، ولكن في قوالب خشبية مغطَّاة بالعلم الأمريكي..أعادوهم بالمئات والآلاف ، ولكنَّ رُقباء هوليود - سامحهم الله – خافوا على صناعتهم ،وعلى شعبية ( رامبو ) و( جيمس بوند )
و(سيلفستر ستالون ) ، وغيرهم من عمالقة الوهم والشخوص التي صُنعوها لتروِّعَ العالم ، من أن يخبو بريقها أمام ماحقَّقه ويحقِّقهُ ( رامبو ) العربي الحقيقي والأعزل ، لا السينمائي الوهمي الهوليودي الأمريكي اليهودي، فاحتجزوا،حرصاً علىصناعة السينما الخادعة ومستقبلها،تلكَ القوالب الخشبية في برَّادات في ألمانيا، ليُقَسَّطَ،فيمابعد، إرسالها إلى أمريكا،وعلى مدى سنوات،كما حصل بعد حرب الكويت( عاصفة الجبناء!) .
أزهار العراقيين التي خدع بها بوش مرتزقته تتساقط اليوم حِمماً لاهبة حارقةً
قاتلةً ، وأحفاد ( جيمس بوند ) يتساقطون كالذباب ب (بيف باف ) من صنع عربي عراقي ، يندبون حالهم ، ويبولون في سراويلهم رعباً ، ويلعنون اللحظة التي صدَّقوا فيها (مسيلمة) البيت الأسود ، وخرجوا طائعين إلى النزهة الشرقية في ديار ألف ليلة وليلة !
أزهار العراقيين ، رغم أنها خنقت بعبيرها الفاغم ، أعني حصدت آلاف الأرواح النتنة من عبدة الدولار ، إلاَّ أنها مازالت رحيمة جداً .. ومازال في الحدائق العراقية الكثير ... فتعالوا أيها الأمريكيون .. حدائق بابل مشرعة ، والموتُ يبتسم ، والفلوجة وديالى والكوفة وكربلاء وبغداد والعوجة والبصرة والنجف والموصل والبصرة والقائم وصلاح الدين والرمادي .. كلها مدائن تبتسم ، وتهيِّىءُ أزهارها المحملة بالموت لكم أيها العشاق القَتَلَة !