اليمين الإسرائيلي

اليمين الإسرائيلي...

المعتدلون العرب في مهب نتنياهو- ليبرمان!!!

أسعد العزوني

[email protected]

بداية لا بد من التوكيد على  أن الطابع الاسرائيلي منذ مؤسسي الحركة الصهيونية د.ثيودور هيرتزل وحاييم وايزمان إلى نتنياهو وليبرمان مرورا بغولدامائير وبن غوريون وشارون وشامير وبيغن وأولميرت هو طابع يميني فاشي عنصري بحت وأن (مشحة) ما يطلقون عليه اليسار هي أضافة نكهة اصطناعية لمنتج مشكوك في جودته.

هذه الكلمات ليست دعاية انتخابية  أو بيان حزبي عربي بل هي تسليط للأضواء على حقيقة هذا الكيان المسخ الذي أسهمت الرسمية العربية قديما وحديثا بتكوينه ومنحه ماء الحياة إلى يومنا هذا رغم أنه أعلن هويته ونواياه حتى قبل أن يدب على الأرض عصابات صهيونية ارهابية أول ما كشرت عن انيابها ضد الأم القابلة بريطانيا حيث قاموا بتفجير المؤسسات البريطانية العسكرية وقتل الجنود البريطانيين وتعليقهم –عبرة لمن اعتبر – على الأشجار وأعمدة النور على الطرقات العامة ومن ثم مطالبة بريطانيا بالرحيل كونها دولة محتلة. وهذا برأيي قمة العنجهية والعقوق اذ لولا بريطانيا لما قامت إسرائيل فهي –ولمصلحتها طبعا كي تتخلص من السرطان اليهودي- ألقته في حلوق العرب كما قال رئيس الوزراء البريطاني آنذاك ونستون تشيرشيل .

ولأنهم لا يرعوون ولا ذمة لهم أو ان معروفا ينفع معهم ها هم الآن يهينون ادارة أوباما  وكان أول الغيث تصريحات رجل الأعمال اليهودي الأمريكي بيبي نتنياهو رئيس الوزراء الحالي الذي(فقع) القنبلة في وجه المبعوث الأمريكي للسلام جورج ميتشيل عندما اشترط على الفلسطينيين الاعتراف بيهودية إسرائيل قبل استئناف المفاوضات معهم .علما أن الرئيس الأمريكي الأسبق هاري ترومان رفض الاعتراف بهذا الأمر وشطب بخط يده على عبارة (الدولة اليهودية) وكتب بدلا منها (دولة إسرائيل) وما قام به حارس الملهى السابق اليهودي الروسي أفيغدور ليبرمان الذي يرأس حزب (إسرائيل بيتنا) ويتربع به على قمة اليمين الإسرائيلي الحديث يكملها ولكن ليس ب(الستر) مع ميتشيل .

وتتلخص القصة انه وجه له حزمة اهانة لا تغتفر ولو أن شبيها لظلها وقع مع مسؤول أمريكي في العالم العربي لوقعت حرب شعواء اذ انه وبعد انتهاء اللقاء معه أشار له بيده إلى سيارة واقفة في الخارج وقال له تلك هي السيارة التي ستقلك إلى الفندق ومضى دون ان يصافحه وهذا من أول دروس الدبلوماسية لكن هذا الليبرمان على ما يبدو لا يفقه هذه الأبجدية ؟

وثالثة أثافي اليمين الإسرائيلي هذه الأيام هي القنبلة التي باتت على وشك التفجير وأين ؟في وجوه وحجور من يطلقون على انفسهم المعتدلون العرب وهم في حقيقة أنفسهم لا يلوون على شيء ولكنهم ارتضوا لأنفسهم ما هم فيه وحسبي الله ونعم الوكيل.

المعتدلون العرب حاليا لا يعلم بأوضاعهم سوى رب العالمين الذي يعلم السر وما يخفى فهم في حيص بيص وخاصة منذ اعلان نتنياهو رئيسا لوزراء إسرائيل وشراكته مع حارس الملهى الليلي أفيغدور ليبرمان الذي كان قد دعا إلى ضرب إيران وتدمير السد العالي ومهاجمة مصر ولا أظن انه نسي ان الأردن هو الوطن البديل للفلسطينيين مع ان اليمين الإسرائيلي يطالب ب(تحرير )الأردن من الاحتلال ؟!!!!!!!!!!!!

هؤلاء المعتدلون الذي برزوا نقيضا لدعاة الصمود والتصدي والممانعة- الذين لم يحققوا شيئا هم الآخرون للقضية الفلسطينية رغم الشعارات والتصريحات الاعلامية – وجدوا أنفسهم بين فكي ليبرما ن ونتنياهو بعد أن ساح في ساحاتهم جورج دبليو بوش أو بوش الصغير الذي أوهمهم بأنه يرغب في التوصل إلى حل الدولتين وكم طبلوا له وزمروا ونحن نقول أن بوش الذي غزا افغانستان والعراق تنفيذا لتوصيات الصهاينة الذين أدخلوا في مخه ان من ينتصر على العراق انما يضمن النصر في حرب هرمجدون.

ومجمل القول أن المعتدلين العرب الذين ابتدعوا فكرة مواجهة الغول الإسرائيلي باعتدال الحمل لضعفه وتبنوا ما أسموه مبادرة السلام العربية التي أعطت إسرائيل ما لم يحلم به عتاة الصهيونية بدءا من جابوتنسكي مرورا بشامير وبيغن ,اكتشفوا متأخرين جدا أنهم ممن كتب عنهم الكاتب الايرلندي الساخر صاموئيل بيكيت في مسرحية (في انتظار غودو) بمعنى ان كل الكرم الذي قدموه لإسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني انما انقلب إلى سم زعاف وأرق يؤرق مضاجعهم فلا هم أرضوا السيد الإسرائيلي ولا هم باتوا مستورين أمام شعوبهم؟

أنا هنا لا اتحدث عن ضياع ما يسمونه فرص السلام لأنني لست من الذين يتوهمون بامكانية مواجهة المحتل الغازي بباقات الورود وانما اتحدث عن الأزمة التي يعاني منها المعتدلون العرب نظير ما اقترفوه بحق الشعب الفلسطيني وبحق شعوبهم التي أوهموها أنهم يريدون خيرا للشعب الفلسطيني مع أنهم وحتى الأمس القريب وفي هولوكوست غزة ارتدوا ثوب الذل والهوان وتركوا غزة في مهب الاجرام الإسرائيلي.

نعيش هذه الأيام ملهاة أو مأساة  لا فرق من نوع جديد وهي ان إسرائيل كانت في السابق تسوق نفسها على انها حمل وديع فيما تصور العرب على أنهم غيلان يحملون السيوف ويستعدون للانقضاض عليها بين عشية وضحاها والغريب أن المجتمع الدولي الذي ما يزال فرحا بالتخلص من غالبية اليهود من بين ظهرانيه صدق ذلك وساعده الغوغائيون العرب الذين أظهروا انفسهم على أنهم المنقذون للشعب الفلسطيني وكلنا نعرف السالفة من ألفها إلى يائها .

اليوم اختلفت الصورة لكن اللاعب الماهر ما يزال هو الظاهر فالعرب العاربة والمستعربة جنحوا للسلم مع إسرائيل وأعلنوا الزواج العرفي في مؤتمر قمة بيروت 2002 ليكون الحفل جماعيا ولكن المجتمع الدولي لم يصدق جنوح العرب للسلم لأنه وحسب تصوره الذي هو في غير محله يعلم أننا اصحاب غزوات و(ويلك يا اللي تعادينا يا ويلك ويل) وبقيت إسرائيل هي المستهدفة رغم كل جرائمها التي ارتكبتها ليس بحق الفلسطينيين بل بحق العرب اجمعين بدءا بلبنان وانتهاء بتونس وآخرها الاعتداء على السودان.

نعود إلى الحديث عن الطابع التي تتسم به إسرائيل وهو الطابع اليميني رغم ما يوهم يهود به العالم ان لديهم تعددية وقد قاد شيمون بيريز التيار الآخر وارتبط بما يطلق عليه الاشتراكية الدولية وهو بالمناسبة رغم حظه العاثر إلا انه صديق حميم للحكام العرب وهو صاحب مجازر  قانا اللبنانية التي راح ضحيتها عشرات الأطفال اللبنانيين ابان عدوان عناقيد الغضب عام 2005 بمعنى أن الطرفين وجهان لعملة واحدة فاليميني يتخندق في خندق اليسار ان لزم الأمر واليساري يتخندق في خندق اليمين ان كانت الحاجة ماسة لذلك.وهكذا دواليك فيما نقبع نحن العرب العاربة والمستعربة في خانة اللازمان واللامكان وننتظر من العالم أن يحترمنا  وهذا مستحيل.