عالم ظالم وفراس مظلوم
خليل الصمادي
[email protected] عضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين/ الرياض
ما بثته قناة الجزيرة مساء الأربعاء 13/5/2009 ضمن نشراتها الإخبارية عن مأساة الطفل فراس مظلوم تفتح أعين المراقبين والمشاهدين على جرائم الاحتلال الإسرائيلي وأيضا على ظلم ذوي القربى، وليس فراس مظلوم هو المظلوم وحده بل هناك شعب بأكمله مظلوم في غزة والضفة والشتات ،هذا الطفل الصغير الذي لقي حتفه أمام الكاميرا بانتظار خروجه من قطاع غزة المحاصر لتلقي العلاج في أحد المشافي الإسرائيلية بعد مماطلات مقصودة وإجراءات الغاية منها ما كان ، فقد لفظ الطفل فراس أنفاسه الأخيرة أمام كاميرا الجزيرة التي أحسنت صنعا في نقل هذه المعاناة الإنسانية والتي جعلت مذيعة الجزيرة السيدة فيروز الزياني في أرقى صورة إنسانية وهي تحاور والدته الثكلى إذ أن دموعها الإنسانية سبقت مهنتها الصحفية فامتزجت المهنية مع الحالة الإنسانية الفريدة من نوعها ، وليست دموع السيدة فيروز أو دموع والدته هي الوحيدة التي ذرفت خلال تلك المقابلة بل اعتقد أن دموع مئات الألوف ممن لا يملكون إلا الصبر والحرقة سالت من محاجرها لتبأ أن هذا العالم الظالم هو الذي اغتال فراس مظلوم بدون ذنب اقترفه، اللهم إلا إذا كان ذنبه أنه من أهالي غزة الأشاوس الذين أعطوا العالم كله دروسا في الثبات والصبر والمقاومة .
لو كان فراس مظلوم يهوديا لقامت الدنيا ولم تقعد ولامتلأت الفضائيات بأعضاء منظمات الطفولة وحقوق الإنسان وبالمحللين والساسة وأصحاب الضمائر المزيفة وربما كان بعضهم عربا او مسلمين ينددون بهذه الجريمة النكراء أما فراس الفلسطيني العربي المسلم فيبدو أنه من أحفاد أسد الله حمزة إذ لا بواكي له (إلا من محطة الجزيرة ) التي لا يروق للكثيرين ما تعرضه وربما يعدون ذلك ثقافة إرهابية تقوم على التحريض وربما هذا النوع ما عناه البابا خلال زيارته لرام الله .
لم تكن جريمة فراس مظلوم هي الأولى ولا الأخيرة فهناك مئات الأطفال صاروا طيورا بالجنة بسبب الآلة العسكرية الإسرائيلية الإرهابية؛ هناك محمد الدرة وفارس عودة وإبراهيم ريان وحسام أبو زنط وأطفال عائلة السموني ووو وهناك آلاف الجرحى من الأطفال الذين مازالوا يذكرون العالم المتحضر بدولة الاحتلال الديمقراطية هناك لؤي صبح الذي فقد حبيبتيه وهناك جميلة التي فقدت رجليها وهناك وهناك ، ولكن هناك ظالمون متآمرون لا يلقون بالا لمثل هذه الجرائم ،يصدحون في محطاتهم وصحفهم ليل نهار بأخبارالإرهابيين وصناع الموت ويتصيدون العثرات ويضعونها تحت المجهر، ويبشرون بالديمقراطية الإسرائيلية بل هناك من العرب والمسلمين من تباكى على أطفال اليهود لأنهم شعروا بالخوف من صواريخ المقاومة وتعاطفوا معهم لأن بعضهم صار يبول في الفراش، وقد وصل الحد بأحدهم أن دعا إلى سحق غزة خوفا على هؤلاء الأطفال أبناء العم سام ، وجدير بأطفالنا أن يبولوا على مقالاتهم وتقاريرهم إذ أضحت من المباحات التي يجوز الاستجاء والاستجمار بها لأنها تحمل في طياتها كلاما غير محترم .