اجتماع وزراء الخارجية الطارئ
من أجل القدس ومأساة الأغلال على رقاب "الصحافة"
محمود خلوف
صحفي وطالب دكتوراه إعلام
لم يكن يوم السابع من أيار/مايو الجاري يوما عاديا بالنسبة لمحرري الشؤون العربية من مصريين وعرب ممن يتواجدون باستمرار لغرض التغطية الصحفية في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، الجميع استنفر منذ ساعات الصباح الباكر، وحشد بقية زملائه من صحفيين وإعلاميين عرب وأجانب لتغطية حدث كان في تقديرات الكثيرين ضخما يتمثل باجتماع وزراء الخارجية العرب الاستثنائي، لا لشيء إلا لأنه يتعلق أولا بقضية القدس والمسجد الأقصى وثانيا لأنه يخص البحث في كيفية التوجه للقضاء الدولي لتقديم مجرمي الحرب الإسرائيليين للقضاء.
رويدا رويدا الصحفيون يشعرون بضيق النفس، وشح المعلومات....أسئلة تتردد دون إجابات واضحة وشافية( هل بدأ الاجتماع فعلا؟، هل ما بدأ اجتماع تشاوري أو عادي؟، هل سيسمح لجيش الصحفيين والإعلاميين بدخول قاعة الاجتماعات ولو في الجلسة الافتتاحية كما هو المعتاد؟؟، هل التقارير المصورة والوثائق المهمة التي جلبها وفد فلسطين سنتمكن من الحصول عليها أو تصوير جزءا منها لبثه عبر القنوات الفضائية؟..
مر الوقت، وثبت أن الإجابة عن جميع الأسئلة سالفة الذكر سلبيا، فلم يسمح للصحفيين ومصوري التلفزة والوكالات العربية والدولية بتغطية أي كلمة أو مداخلة، أو حتى التقرير الهام الخاص بدائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الذي عرض بالاستعانة عبر تقنية "البوربوينت"، والذي كشف بالصور والوثيقة حقيقة المخططات الإسرائيلية بالقدس، وطبيعة معاناة المقدسيين.
الصحفيون لم يجدوا سوى عنوانا واحدا وحيدا بالأساس ليصبوا جل غضبهم عليه، وهو العبد الفقير كاتب هذه الكلمات...اعتقدوا ظلما أنني متواطئ مع من هم بالاجتماع ضدهم، بل وصل الحد لاتهامي على أنني متواطئ ضد أهل القدس؟!!...اعتقدوا ظلما أن رئيس الاجتماع أو وفد فلسطين يدركون أهمية الإعلام بمثل هذا الاجتماع وأن عدم السماح للصحفيين جاء بتحريض غير مبرر من بعض الصحفيين ربما أرادوا التلميح بذلك لي شخصيا، لكن الحقيقة لم تكن هكذا.
أعرف أن هذه الكلمات قد تزعج البعض، ولكن القدس وقضيتها وأهلها وضحايا الجرائم الإسرائيلية من مواطنين غزيين، وغيرهم لا يتطلب السكوت عما حصل، ولا يتطلب سوء تقدير الموقف من هذا المسؤول أو ذاك، ولا تعتيم على قضية تمس شعور ووجدان مليار و300 مليون مسلم.
أليس من حقي كفلسطيني وصحفي ومتابع للشأن العربي، بل لكثير من الاجتماعات الطارئة للجامعة العربية على المستوى الوزاري "وزراء الخارجية العرب" أن أسأل رئيس وفد فلسطين للاجتماع، ورئيس الاجتماع عن العبرة من استبعاد الصحفيين وتضييق الخناق عليهم؟، وهل كان كافيا عقد مؤتمر صحفي في نهاية الاجتماع، وهل التقارير التي عرضت في الاجتماع ومن أخطرها تقرير أوروبي وآخر لدائرة شؤون المفاوضات كان جمهورها المستهدف فقط وزراء الخارجية، وهل فعلا وزراء الخارجية يمثلون الرأي العام الدولي أم أن قنوات التلفزة والصحفيين هم اللاعبون الأساسيون بحشد الدعم الإعلامي والسياسي لقضية الشعب الفلسطيني العادلة.
أليس من حقنا أن نسأل هل بضع أوراق وزعت على الصحفيين بعد نصف ساعة من انتهاء الاجتماع تحوي قرارات في غالبيتها مكررة، كانت تكفي لإثارة موضوع القدس وحشد الدعم إليها إعلاميا، أم أن العرض المصور، الذي تناول مخططات تفريغ المدينة المقدسة وطبيعة السياسات الإسرائيلية فيها هو الأقوى والأقدر على إظهار خطورة الموقف في القدس.
كنت في السابق أسأل نفسي ما العبرة من تدعيم عدد من الوفود العربية في الاجتماعات الرسمية العربية وحتى في اجتماعات وزراء الخارجية، بعدد من الإعلاميين كما هو حال المملكة العربية السعودية ودول أخرى، لكنني وصلت ليقين أن الصحفي لديه كلمة، ورأيه مسموع لدى تلك الوفود لأنه الممارس وابن المهنة، وهو الأدرى على معرفة ماذا يفيد قضيته وما يفيد الصحفيين وماذا يستفزهم، وللعلم أنا لم أبخل بالنصائح لأعضاء وفد فلسطين بشأن أهمية الإعلام في هذا الاجتماع ولكن النصائح ذهبت أدراج الرياح.