مشعل التمو يقف في المكان الخطأ

آلدار أومري

في آذار 2004 اضطربت المناطق ذات الغالبية الكردية في سوريا نتيجة تراكمات تمخضت عن سياسات اتخذتها السلطات السورية بحق الكرد ،  ووجودهم ،  وخصوصيتهم وكان ملعب قامشلي البلدي مركز انطلاق الشرارة الاحتجاجية بعد أن أعملت السلطات الرصاص الحي في صدور ورؤوس الكرد المحتجين على الاستفزازات العنصرية الصادرة من جمهور الفريق الضيف القادم من محافظة أخرى وكانت تلك الشرارة الأولى لما يسميه الكرد السوريون بانتفاضة 12 آذار .

آنذاك كان مشعل التمو عضواً في لجان إحياء المجتمع المدني ،  وكان ديدنه تحذير السلطات من مغبة سياساتها المفضية إلى زعزعة السلم الأهلي حين تدعم مكوناً على حساب مكونات أخرى ،  أو تستهدف قومية في وجودها و ثقافتها أو تقوم بتسليح عشائر عربية لضرب الكرد وإرهابهم ( اغلب العشائر العربية رفضت باستثناء بعض المرتزقة الذين انساقوا وراء هذا المسعى وخسروا الأرواح و السمعة ) .

مشعل التمو المنافح عن السلم الأهلي و الذائد عنه يقف اليوم في المكان الخطأ  ، أي في قفص الاتهام أمام محكمة الجنايات بدمشق لتوجه إليه تهم من قبيل : ( القيام بأعمال ترمي إلى إضعاف الشعور القومي ،  و إيقاظ النعرات الطائفية أو المذهبية  ، وإثارة الفتنة لإثارة الحرب الأهلية ،  و الحض على النزاع بين عناصر الأمة و نقل أنباء كاذبة ) .

هذا الرجل يقف في المكان الخطأ لكونه سعى دون كلل إلى إحياء المجتمع المدني ،  ونقل سوريا إلى دولة مدنية تعددية تشاركية ديمقراطية ،  و كان ينتقد الإرباكات و السياسات الخاطئة التي تنتهجها السلطات السورية و لا سيما بحق الكرد و هو الناطق الرسمي باسم تيار المستقبل الكردي في سوريا .

تم اختطاف مشعل التمو عل مشارف مدينة حلب من قبل الأمن الجوي بينما كان يستقل سيارته قادماً من مدينة كوباني الكردية   ، وتم إخفاء مصيره لمدة تتجاوز العشرة أيام إلى حين تم تقديمه إلى القضاء من قبل الأمن السياسي .

يقف مشعل التمو الكاتب و المثقف و المهندس و المعارض الشفاف بين مروجي المخدرات ومتعاطي الحشيش و القتلة و اللصوص في مسعى خائب لإذلاله بينما الابتسامة لا تفارق محيَاه  ، وثقته المطلقة ببراءته لا تعادلها ثقة .

كان من العدالة بمكان أن توجه هذه التهم  - التي تصل عقوبتها إلى الإعدام – لأولئك الذين استبسلوا ليحولو ا الاحتجاجات الكردية العارمة في آذار 2004 إلى صراع عربي كردي  ، و قاموا بتسليح بعض المتكسبين  ، و شكلوا ميليشيات على غرار الجنجويد  وهم الآن على رأس عملهم دون أية مساءلة أو حتى استجواب .

المحكمة التي ترفض الشهود و مذكرة الدفاع لن نقول عنها أنها متواطئة مع الجاني الحقيقي بل هي مغلوبة على أمرها ،   و هناك من يستحق أن يحل محل التمو  في حال لو كان هناك عدالة ما .

 الجلسة المقررة في الحادي عشر من أيار القادم ستكون امتحانا آخر للقضاء السوري الذي يعلم علم اليقين أن مشعل التمو يقف في المكان الخطأ ،  فقفص الاتهام ليس مكانا لائقا بمن هم كمشعل التمو .