هل تعافى حركة فتح  من مرضها ؟!

هل تعافى حركة فتح  من مرضها ؟!

م. سميح خلف *

[email protected]

في ظل مركزية لحركة فتح فقدت احترامها لعوامل تتراوح بين العجز والسلوك حتى اصبحت محل انتقاد واسع من الشارع الفلسطيني والاعلام الفلسطيني والعربي ، مازالت حركة فتح تعاني من أمراضها العضال التي ان وصفت انها امراض مستعصية يصعب علاجها وان وضعت وسائل التشخيص المختلفة وكلها صحيحة لتراجع حركة فتح كحركة طليعية فلسطينية وكحركة يمكن لها أن تأخذ دورها في الصراع العربي الصهيوني .

 للأسف ان قيادة حركة فتح وقيادة مؤسساتها كانت بعيدة كل البعد عن مبدأ المحاسبة والمتابعة وكانت قيادة حركة فتح تفعل ما تريد وكأنها الحاكم الأوحد والمقرر الأوحد لمصير الشعب الفلسطيني وحركة النضال الوطني الفلسطيني مستخدمة المال السياسي لاستجلاب اليسار الفلسطيني بالتحديد .

 والآن وبعد ما وصلت إليه حركة فتح من مخاطر الانحلال الذاتي لحركة تحرر وطني يحاول البعض أن يعطي بصيص من الأمل لتعود فتح إلى انطلاقتها والى جذورها والى اعماق فكرها الوسطي الذي يعبر عن كل الشارع الفلسطيني اينما وجد وفي الحقيقة أن هؤلاء يتغافلون عن حركة التاريخ والتطور التاريخي للشعوب بما يحتم تجديد أدواتها في البناء أو النضال أو صياغة البرنامج الثقافي والمهني لكي يكون الشعب مواكباً لكثير من المتغيرات التي تفرضها حركة التاريخ .

 عجز قيادة حركة فتح لم يأتي من فراغ بل ناتج عن تهتك في خلايا الممارسة والفكر في صراع فرضته الحالة الوطنية من تقدم قوى وتأخر قوى أخرى نتيجة عجزها وسلوكها .

 منذ سنوات عديدة شكلت حركة فتح لجنتها التحضيرية للاعداد للمؤتمر الحركي وكأن المؤتمر الحركي هو المنقذ لأمراض فتح المختلفة وقلت مراراً أن من يصلح  فتح ليس بمخربها وأن مصلح فتح كحركة تحرر وطني ليسوا العاملين عليها الآن ، فليس من المنطق أن يصيغ وزير للاسكان قراراً أو قانوناً يعطل مصالحه وهو الاقطاعي والرأس مالي واتى لتلك السلطة من خلال رأس المال وتوظيف رأس المال كأداة ضاغطة على المؤسسات ومن بيده القرار هو الذي يستطيع أن يحدد التئام المؤتمر من عدمه ولذلك عملت اللجنة التحضيرية منذ عدة سنوات للتحضير لهذا المؤتمر الذي يسمى المؤتر السادس التي لها من التجربة أكثر من 4 عقود وهذا أيضاً منظور يشخص مدى العجز لقيادة فتح في لملمة جراحها المتراكمة ، المؤتمر السادس التي تصبوا اليه حركة فتح لكي ينقذها من مصيبتها كان من المفروض أن يكون المؤتمر الحادي عشر أو الثاني عشر .

 ولذلك عانت حركة فتح من حركة الاستهتار والتوجيه المبرر بأداوات غير منطقية لتأجيل مؤتمراتها باستمرار وهذا يدل عن فشل صارخ في ادارة حركة التحرر الوطني .

 حماس المنافس بجدارة وكل القوى الفلسطينية الاخرى تعقد مؤتمراتها وانتخاباتها الداخلية بدون بهرجة ولا اعلان ولا توضيح عن مجريات أحداث انعقاد مؤتمراتها وهذا يدل على صحة وانضباطية تلك الأطر ، أما حركة فتح التي تصيغ مؤتمراتها بناء على مبدأ المحاصصة بين التيارات المختلفة والأبوات ، لا يمكن ان يكون هذا مؤتمرا ً ينقذ حركة فتح من بلوتها ، والذين يقولون المؤتمر سيد نفسه  نقول لهم أن المؤتمر سيد من بيده القرار والمال وان لم تحقق تلك المعادلة فلا مؤتمر ولا ما يحزنون .

 مازالت اللجنة التحضيرية تغوص في الخلافات وان استطاعت دبلجة البرنامج السياسي بما يتوافق مع أطروحات تيار التسوية مع الصهيونية والاصرار على اخراج حركة فتح من ثوبها الوطني والتحرري مازالت تعاني من عقدة العسكر ومن سيحضرون للمؤتمر ، تيارات يقودها نصر يوسف وتيارات أخرى يقودها الهارب من جنوب لبنان الحج اسماعيل وأبو الفتح صاحب نظرية "العدو أمامكم والبحر من خلفكم فما لكم إلا أن تعاونونا لمحاربة حماس" هذا الكلام موجه من قبَله إلى من اجتمع معه من قادة الأمن الصهيوني منذ شهور وفي ظل تخوف من محمود عباس من تمرد لأبو الفتح في الضفة الغربية تدعمه الاجهزة الأمنية الصهيونية حيث تتجاوز تنسيقات المدعو ابو الفتح  مع العدو الصهيوني دوائر المقاطعة .

 يقول البعض عن جميع المشاكل وبنود عمل اللجنة التحضيرية قد تم الوصول إلى علاجات لها ما عدى قضية العسكر وهذا ليس صحيحاً فالبرنامج السياسي المقدم لا يتناسب ولو بالحد الادنى مع أصحاب فكرة عودة حركة فتح إلى الينابيع والى كادرها الذي اعلن رفضه لسلوكيات مدرسة أوسلو .

 أبو اللطف وان حاول البعض أن يقلل من شأن هذا الرجل التاريخي والصادق في حركة النضال الوطني الفلسطيني إلا أن ابو اللطف يمتلك العديد من الاوراق مازال لم يعلن عن أي واحدة منها وهي ليست أوراق جافة أو أوراق ليس لها لون ، بل لها لون الكادر الفتحاوي الأصيل الموجود في كل الساحات ولها مفاهيم الكفاح المسلح، ولذلك مشاكل المؤتمر لم تحل ماقبل انعقاده واثناء انعقاده هذا ان قرر صاحب القرار أو خرجت بعض التقارير الأمنية من دول اقليمية تؤكد سلامة نهج التسوية في داخل المؤتمر وإلا لن ينعقد المؤتمر .

 ذكرت بعض الانباء على أن الاردن المتضرر من الورقة الفلسطينية واختلاط الوانها اعتذر عن استقبال المؤتمر ومصر من ناحية أخرى تقدمت بموافقة مشروطة وهي الوصول إلى اتفاق مع حماس وفصائل المقاومة الأخرى هذه هي دول المواجهة ، اما اذا توجه محمود عباس إلى ليبيا فلن تعقد مؤتمر اوسلو على اراضيها ولن تكون مسؤولة تاريخياً عن التنازلات التي يقدمها هذا التيار على اراضيها وان فكروا بالجزائر فأيضا ً الجزائر لها تحفظاتها وتونس واليمن ، اما اذا اراد عباس عقد المؤتمر عند الاكراد في شمال العراق أو عند المالكي فلا خلاف بين هذا وذاك ، مع من يدعون انعقاد المؤتمر تحت حراب الاحتلال وسطوته .

 ويمكن أن يكون من الأسباب الهامة لرفض مصر والاردن الاستقبال فتح أوسلو نقول أن تلك الدول لها احترامها ولا يمكن أن تستقبل مؤتمراً للغوغاء واصحاب المسلكيات السيئة التي تعلمها علم اليقين أجهزتها الأمنية في تلك الدولتين ولن تكونا أيضا مسؤولتان أمام التاريخ عن  أشخاص يعبثون بحركة شعب ومستقبل شعب على اراضيهما .

 ولذلك نقول ليس من مفر امام عباس ومن يتبع عباس في منظومة المقاطعة في رام الله إلا ان يذهب بطلب من نتنياهو لعقد مؤتمر فتح أوسلو وهذا حكم النهاية والانتهاء لحركة فتح .

 ولذلك امراض حركة فتح مزمنة وصعب علاجها سواء عقد المؤتمر أو لم ينعقد المؤتمر والعلاج الوحيد ان تناضل الكوادر الحركية لاسقاط سلطة رام الله واسقاط رؤوس الهيمنة والتنسيق الأمني مع العدو الصهيوني وان تعود حركة فتح الى حركة وطنية تقود الشارع الفلسطيني من تحت الارض لا من فوق الارض ولا نريد هنا أن نسترسل فيما هو مطروح سياسيا ً من نتنياهو أو من الادارة الامريكية الجديدة

              

*ر*رئيس تحرير صحيفة فلسطيننا