كيف يستقيم ما يقوله نجاد في المحافل الدولية

مع الفعل على الأرض؟!

فيصل الشيخ محمد

في مؤتمر الأمم المتحدة (دربن 2) المناهض للعنصرية الذي التأم الأسبوع الماضي في جنيف، كان للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد هجمة على إسرائيل كدولة عنصرية بامتياز، استرعت الاهتمام من قبل الشارع العربي الذي راح يكيل له المديح والتطنيب والتهليل، حتى وصل بالبعض القول: (إن نجاد هو زعيم العرب وشمعتهم).. وقد يكون هذا الشارع معذوراً في ردة فعله هذه تجاه ما يجد من قصور وفتور وتردد من العرب، وخطاب لا يرقى إلى مستوى الجرائم الوحشية التي ارتكبتها إسرائيل، ولا زالت ترتكبها بحق الفلسطينيين.. وقد أثبت العرب بمواقفهم وأفعالهم الهزيلة أنهم أسوأ محامون لأعدل قضية.

ولكن بعيداً عن عواطف الشارع العربي.. وقد أجاد نجاد والمتشيعون له التلاعب بدغدغة هذه العواطف إلى أبعد مدى، واستغلالها أبشع استغلال، للتعتيم عن حقيقة النظام الإيراني (نظام الملالي وولاية الفقيه) العنصري، الذي لا يقل عنصرية عن إسرائيل وقد يفوقها في كثير من الحالات، وسط تعتيم أمني مبرمج وفعّال.

ولكن العرب كانوا على الدوام ينسون الوقائع والحقائق، ويتجاهلون – عن قصد أو غير قصد– ما فعلته إيران بإمارة (المحمرة) العربية، وبأميرها الشيخ خزعل، الذي لم تتمكن من مواجهته في ساحة الوغى، وقد هزمها في عدة معارك، فلجأت إلى الحيلة والخديعة والغدر، وتمكنت منه بالتآمر مع بريطانيا في ليل بهيم، بعد أن أوهمته عن نيتها بعقد اتفاقية معه، تعطيه الحق الكامل في حكم إمارته بالشكل والكيفية التي يراها مناسبة لشعبه.

وما فعلته إيران وتفعله بعرب الأهواز من ترحيل من مناطقهم، حيث الثروة النفطية التي حبا الله أرضهم بها، ومنعهم من التكلم باللغة العربية وهي لغة القرآن ولغة أهل الجنة، وسوق المثقفين والمناضلين منهم إلى السجون والمعتقلات، وإغلاق مساجدهم ومنعهم من صلاة أهل السنة والجماعة، أو الإعلان عنها في مآذنهم بغير أذانهم المبتدع (حي على خير العمل والإعلان عن ولاية علي في آخر الأذان) وإغلاق مدارسهم الدينية التي تدرّس الفقه الإسلامي الحنيف والأحاديث النبوية الشريفة الصحيحة، التي نقلها لنا الأئمة الستة المعترف بهم رحمهم الله.. ويمنع عنهم وظائف الدولة، ويحرمهم من دخول الجيش، أو الالتحاق بالكليات العسكرية أو الأمنية أو الشرطية.. ولا يقل عن ذلك ما تفعله بأكراد إيران (كردستان).

وما فعلته ميليشيات الموت والإرهاب، التي دربت في طهران وقم تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني، وزودت بأسلحة التفجير والقتل ذات الصناعة الإيرانية، في ذبح وقتل النخب من المسلمين السنة في العراق، من علماء وأساتذة جامعات وطيارين وضباط وأطباء ومهندسين ومفكرين وشيوخ عشائر وقادة وطنيين ورجال دين، لتعيد العراق دولة متخلفة إلى عهود ما قبل الاستقلال.. وتمسكها بالجزر العربية الثلاث التي احتلتها في سبعينات القرن الماضي (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى).. وتهديد دول الخليج بين الفينة والأخرى على لسان قادة إيران ومنظّري ثورتها، معتبرة معظم هذه الدول جزءاً لا يتجزأ من إقليمها الفارسي الذي يمتد باعتقادها إلى شرق نهر الفرات!!

إذن فكيف يستقيم خطاب محمود أحمدي نجاد مع ما ترتكبه أجهزة أمنه وملاليه ومنظريه وحرسه الثوري على الأرض بحق المسلمين السنة في إيران الذين يشكلون 35% من الإيرانيين، وما يفعلونه بحق العرب والأكراد الذين يتجاوز عددهم 15 مليون نسمة، ويشكلون نحو ربع سكان إيران!!