شتان بين السراب والحقيقة!!
فيصل الشيخ محمد
بدء المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية مشروطة باعتراف الفلسطينيين – كما أعلن رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو – بإسرائيل (دولة يهودية).
نتنياهو بطلبه هذا أوصد كل الأبواب بوجه العرب والفلسطينيين والأمريكيين والرباعية، حتى الأبواب الرخوة منها والهلامية والمسرحية.
سبعة عشر عاماً من المفاوضات العبثية وغير المجدية انسلخت من عمر القضية الفلسطينية، التي مضى عليها أكثر من ستين عاماً، ولا يزال العرب والفلسطينيون يلهثون وراء السراب، ويطرحون المبادرات، ويتمرغون على أعتاب البيت الأبيض، يتسولون الحلول والمساعدات.
وإسرائيل في كل يوم تزداد قوة، وتتمدد كالأخطبوط استيطانياً، وتقيم الحواجز،وتبني الجدارن الفاصلة والعازلة، وتضيق الخناق، وتحفر الأنفاق، وتتمادى على كل ما هو مقدس، ويرتبط بتاريخ ومعتقدات المسلمين والعرب وتراثهم.
تذهب إدارة أمريكية وتأتي أخرى، والاعتقاد الثابت في أذهان العرب.. لا حلول إلا عن طريق البيت الأبيض!!
وفي النتيجة فإن كل الإدارات الأمريكية المتعاقبة لا تملك إلا الكلام والوعود السرابية (خارطة الطريق، أنابوليس، حل الدولتين) تقدمها للعرب الواهمين المتواكلين، لتجد هذه الوعود طريقها إلى مكب نفايات الرفض الإسرائيلي، وتصطدم بشروط وإملاءات القيّمين على الكيان الصهيوني من عنصريي هذا الزمن الرديء.
نتنياهو عندما يضع شرطه التعجيزي (الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية) ليعود إلى فتح باب المفاوضات مع الفلسطينيين، يعرف حجم العرب وإمكانياتهم وحقيقة موقفهم من القضية الفلسطينية، التي لم تعد عند معظمهم إلا سلعة يتاجر بها، لخدمة أجندته والضحك على مواطنيه الذين يحترقون كالفحم الجيري في مرجل قطار الأنظمة ليسير بركبهم الميمون إلى قصورهم العاجية.
كان العرب يوماً يطلبون الموت فتوهب لهم الحياة..واليوم يطلبون الحياة ويرفضون الموت، فيأتيهم الموت ولا يفوزون بالحياة.
معادلة (اطلب الموت توهب لك الحياة) سنّة سنّها رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفوس أصحابه فسادوا الدنيا وفتحوا الآفاق – طالما تمسكوا بها – وامتدت دولتهم من حدود الصين حتى أسوار فيينا، وعندما رحنا اليوم نلهث وراء الحياة على حساب ديننا ومبادئنا وقيمنا وأخلاقنا، جرفنا الموت الذليل، ولم نفز من الحياة بشروى نقير.
يا عرب.. هلا وقفتم وقفة عز لمرة واحدة في وجه هذا العدو الجبان الذي لا يفهم إلا لغة الحديد والنار، واقتلعتم لسان صاحب المهمات القذرة ليبرمان، ولويتم عنق نتنياهو الذي تطاول بصلفه حتى وصل عنان السماء!!
وإذا ما بقيتم في مركب الذل والخنوع والاستجداء.. فسلام على القدس والقاهرة ودمشق وعمان.. فحلم إسرائيل (دولة من الفرات إلى النيل)!!