أنظمَة الدياليكتيك بين الستراتيجية والتكتيك

أنظمَة الدياليكتيك

بين

الستراتيجية والتكتيك

مصباح الغفري

ومُظاهِرون على الطغاة وإنهم    شُرَطٌ لَهُم إن صَرّحَت هيجاءُ!

يَدرون من معنى السياسة أنها    كـأسٌ بـه يتقـارَعُ النُدَماءُ

فهمُ مَعَ الغرثى صَباحاً غيرَهم  في الليل ساعَة تُسْرَجُ الأضواءُ

حدثنا أبو يسار الدمشقي قال :

الفارق بين الستراتيجية والتكتيك ، كالفارق بين المجـيدي والمتليــك[1] ، وإذا كنتم في شــكّ  فعليكم  بالديالكتيك ! والديالكتيك هو الجَـدَلْ ، وهو منطِــق يعصِمُــكَ من الزلَل ، فعَــلامَ الخـوف والوَجَل ؟ أول قوانين الجَــدَل الحَـرَكَة ، وفي كلّ حَرَكَـة بَرَكَة . والثاني هــو التناقض بين السالب والموجب ، أو بين المَـرعوب والمُـرْعِب . والثالث هو قانون التأثير المُتبادَل بين الأطراف ، فقـل يا خفيّ الألطاف ، نجنا مما نخاف ! أما الرابع فقد نسيته وما أنسانيه الشيطان ، بل الخوف من عَسَس السلطان ، فبأي آلاء الفريق والعماد تكذبان ؟

يعــود الفضل في هذه المقامَـة ، إلى أعرابي من تهامَــة . ففي طريقي إلى البيت الحرام ، إلتقيت بأعرابي ابن حرام . سَـألته :

ـ ما رأيُـكْ يا أخا العرب ، في ما يجري في الوطن من عَـجَـب ؟ كيف يُحبس عارف دليلة عشر سنوات ، ويعيـش في بيته آمناً من دَفـــنَ النفايات ، وقبض العـمولات ، وأثرى من الأسـواق الحـرة والتليـفونات ؟ وكيف تمنع جريدة الدومري السـاخرة ، وتبقى صُحُف تمسيح الجوخ الفاجرة ؟

زفــرَ الأعرابي زفــرَة ، وقال بحَسْــرَة :

ـ  والعصـر ، إن الحكومات لَفي خسْـر . قانون التناقض هو الأسـاس ، من طوروس إلى الأهراس ، ومن باب المندب إلى قمّـة فاس ! يتحدثون عن التقدم والإشــتراكية ، ويَـيرون على طريق الرأسمالية . في النظرية مع الوحــدة والحرية ، وفي الممارَسَــة مع التقوقع والديكتاتورية ، والأحكام العرفيّــة . السجن لمن يرتكب الصغيرة ، والوزارة لمُرتكــب الكبيرة . وبحجــة تحرير فلســطين ، أصبحوا من أصحاب الملايين ، ولا تنسَ ما على صدورهم من نياشين . المواطن على خطأ والقائد على صــواب ، وإلى ربــك يومئذ الرجعى والمآب .

قلت : وما رأيُــكَ بعودة ابن عودات[2] ، إلى وطن المخافر والكركونات ، قبل  الإفراج عن نزلاء المعتقلات ، وحلّ مشــكلة المنفيين ســت الجهات ؟

قال :

ـ   من اجتهَــدَ وأخطأ فله أجر ، ومن اجتهَــدَ وأصاب فله أجران . وأظنه من أصحاب الأجر الواحد ، لأن عودته شهادة حسن سلوك لنظام حزب القائد !

وأنشـــد :

خطّـان ما افترقا ، فإما خِطّة      يلقى الكّمِيّ بها الطغاة مُناصِبا

الجوعُ يَرْصُدُها ، وإما حِطّـة      تجترّ منها طـاعِماً أو كاسِبا