الشيطان يرقص !
الشيطان يرقص !
أ.د. حلمي محمد القاعود
" فليتقاتلوا بعيداً عنا " هكذا عبر السفاح النازى اليهودي " شيمون بريز " عن سعادته بما جرى بين مصر وحزب الله ، وقال في تصريحات لوسائل الإعلام العبرية وهو يغادر بيت الحاخام الإرهابي " عوفاديا يوسف " زعيم حزب شاس الروحي ، إنه سعيد بابتعاد دولة الاحتلال عن التسبب في تفجر الصراع المحتوم الذي كان سيحدث عاجلاً أم آجلاً بين مصر وإيران .
ونقلت صحيفة " معاريف " الصهيونية 13/4/2009م عن مسئولين أمنيين في تل أبيب تأكيدهم أنهم تلقوا معلومات من مصر حول كشف تنظيم حزب الله . وأضافت أن المؤسسة الأمنية في تل أبيب فضلت الصمت في الأيام الماضية بسبب الفترة التي تمر بها مصر وهى فترة شديدة الحساسية !
ونقلت صحيفة " ها آرتس " العبرية 14/4/2009م عن مجلة متخصصة في الاستخبارات : إن مصر تلقت معلومات من أجهزة استخبارات أجنبية بينها جهاز " الموساد " والـ سى آى إيه ، مما أسهم في الكشف عن خلية حزب الله .
وقد علقت " ها آرتس " في 13،4/2009م على الأزمة المتصاعدة بين القاهرة وحزب الله بقولها : إن الدولة العبرية يمكن أن ترقب هذه الأزمة بارتياح لأنها قد تؤدى إلى أن تزيد مصر من تنسيقها الأمني مع اليهود الغزاة .
هناك موجة فرح طاغية في الكيان النازى اليهودي بسبب اشتباك مصر مع حزب الله وإيران وحماس ، والصحف العبرية تزغرد في أكمامها ، وترقص سعادة وسروراً ، لأن أحداً في الكيان الصهيوني لم يكن يصدق أن يحدث هذا الاشتباك . آفى سيسخر وف كتب في هاآرتس 14/4/2009م ، يقول :
" للحظات من الصعب التصديق بأن ما نسمعه في الـ 48 ساعة الأخيرة في القاهرة على لسان مسئولين كبار في مصر بالنسبة لحزب الله ، موجه بالفعل لمنظمة عربية ، فلا يدور الحديث فقط عن توصيفات مهينة تطلقها الصحافة المصرية على الأمين العام لحزب الله حسن نصرا لله ، بل إن مسئولين كباراً في جهاز الأمن المصري يتحدثون مع صحافيين صهاينة يتفوهون بعبارات تذكرنا بحالة الحرب . فحين يطلق أولئك المسئولون تهديدات فظة من نوع : سنعمل بجدية وحدة ضد كل من يعرض الأمن الوطني في مصر للخطر ، سواء كانت إيران أو حزب الله " . معنى ذلك بالنسبة للقاهرة تجاوز لكل الخطوط الحمراء "
وختم الكاتب الصهيوني مقالته بأن الصدام بين مصر وإيران وحزب الله " على هذا المستوى العالي " يعدّ أنباء طيبة .
وفي ظل الحملة المصرية ضد حزب الله ، خرج وزير نازي يهودي يدعو لتصفية حسن نصر الله ! وراحت كتابات صحفية تنفخ في النار ، وتتمنى أن تذبح مصر حزب الله ، فما يحدث بين الطرفين حلم تحقق لصالح اليهود الغزاة ، ما كانوا يصدقون تحقيقه .
وإذا كان كل مصري يؤكد أن أمن مصر خط أحمر ، وأنه غير مسموح لأحد أيا كان بانتهاك السيادة المصرية ، فإن معالجة الأمر بوعي يتجاوز حدود اللحظة إلى آفاق المستقبل هو أمر غاية في الضرورة . ذلك أن مصلحة مصر العليا ، تقتضى نظرة أرحب تتجاوز الشتائم والسخائم التي أطلقتها النائحات المستأجرات والرداحات الفاجرات في الصحف المصرية وأجهزة الدعاية المصرية الرسمية وغير الرسمية .
إن قتال مصر ضد حزب الله إعلاميا أو على أرض الواقع يخدم الغزاة النازيين اليهود القتلة خدمة جليلة ويريح الكيان الصهيوني العدواني من الحزب الذي يقض مضجعه ويقلّقه ليلاً ونهاراً ، ومهما كانت أخطاء حزب الله وخطاياه ، فهو منّا وعلينا ، لا نستطيع أن نسلخه عنا أو ننسلخ عنه لأمر بسيط جداً ، هو أنه مكون من عرب ومسلمين ينتمون إلى العرب والمسلمين في أرجاء الوطن العربي ، وكونه يرفع لواء المقاومة ضد العدوّ النازى الصهيوني ، فهو فضل منه ، يحسب له ، وتجب الاستفادة منه بوصفه قوة تضاف إلى قوتنا ، ودعماً معنوياً ومادياً للأمة جميعاً . ومصر الكبيرة أم العرب ينبغي أن ترحّب بما يعد ابناً لها ، وذراعاً من أذرعها شاءت أو أبت . وقطع هذا الذراع أو قتل هذا الابن لن يكون مكسباً لمصر بكل تأكيد !
إن ثقافة المقاومة ضرورة تفرضها ضد طبيعة العدوّ الصهيوني المجرم ، وغدره الواضح الصريح الذي لا يتخفى وإصراره الآثم على إذلال الأمة وهى تقدم التنازلات المهينة ، وحصاره الوحشي لقطاع غزة ، بعد أن دمّر بنيته الأساسية وهدم مبانيه وقتل أربعمائة وألف من أبنائه العزل ، وأصاب وجرح خمسة آلاف منهم ؛ ولم يستطع العرب حتى الآن أن يبدءوا مجرد بدء في تعمير القطاع المهدّم انتظاراً لسماح العدو النازى اليهودي المجرم ، وهو فيما يبد لن يسمح !
ماذا لو شن العدو النازي اليهودي الغادر حربا ضد مصر ؟ أين يقف حزب الله ؟ ولماذا نفرط في هذه القوة والطاقة ؟ إن الغدر اليهودي يحتم الاستفادة بكل الطاقات والقوى ، واحتواء حزب الله بما يخدم مصالحنا أفضل من تحويله إلى قوة معادية أو سلبية ! وفيما أتصور فهناك طرق أخرى لمعالجة أي خطأ أو خطيئة من جانب حزب الله أو غيره .
ثقافة السلام التي يتم الترويج لها في العالم العربي بوسائل متعدّدة ليست مقنعة للغزاة النازيين اليهود القتلة . فالسلام في مفهومهم يختلف عن مفهومنا . السلام في مفهومهم يعنى صمت العرب صمت القبور واستسلامهم الكامل الشامل الذي لا تبنى فيه قوة ، ولا يطالب فيه أحد بحق ، ولا يعود معه غريب إلى وطنه ، مما يعنى أن ثقافة السلام التي يتم الترويج لها عندنا ، ثقافة فاسدة ، وفكر فاسد ، ومنهج أكثر فساداً ، لأن الصراع بيننا وبين العدوّ صراع وجود ، وليس صراع حدود . وبعد ثلاثين عاماً من توقيع اتفاقيات التسوية في كامب ديفيد فإن القتلة اليهود يضعون الخطط لاحتلال سيناء مرة أخرى ، ونشرت صحفهم مؤخرا تصوّرات مختلفة لطريقة الاحتلال . ثم إنهم يواصلون انتهاكات السيادة المصرية بطائراتهم وقذائفهم ، وقد قُتل مصريون عديدون ، دون كلمة اعتذار واحدة ، ويطلب النازيون اليهود الغزاة من مصر أن تقوم بدور الخفير الذي يحمى وجودها غير المشروع ، ويدمّر الأنفاق ، ويغلق المنفذ الوحيد الذي يمكن أن يتنفس منه أهل غزة ؛ أعنى منفذ رفح .
إن حملة السباب المقذع ليست الحلّ المناسب لأخطاء تنسب إلى حزب الله ، وقد ثبت أن فرش الملاءة ضرره أكثر من نفعه ، وخاصة أن الطرف الآخر كان عف اللسان ، بعيداً عن الإسفاف ، وأشاد بمصر ودورها ومكانها .. وإذا كان النظام في مصر يعانى من مشكلات بينه وبين إيران ، فإن أبسط مقارنة بين إيران والعدو اليهودي تجعل التفاهم مع إيران وفقا للمصالح والضرورات أمراً عادياً وطبيعياً . أما التفاهم مع العدو النازى ، فلا مصالح من ورائه ولا منافع ، وتفرض الضرورات أن نكون على حذر من غدره واستعداد دائم لمواجهته ، مهما كان مسلّحاً ومدرّعا .
إن الشيعة موجودون منذ مئات السنين ، وقد نشر الفاطميون التشيع في مصر ، ولكن التشيع ذهب مع ذهاب الفاطميين وبقى حب آل البيت قوياً وراقياً بين الشعب المصري ، وإني لأستغرب أن تشكو مصر من نشر المذهب الشيعي وأفكار الثورة الإيرانية وتعجز أن تجعل إيران تشكو من نشر مذهب أهل السنة وأفكار النظام العربي ؟
يجب أن نتعلم من إيران كيف استطاعت أن تواجه الحصار الاستعماري الصليبي وأن تبنى نفسها اقتصادياً وعسكرياً ، وأن تفرض على الغرب أن يصغى إليها .. ليس عيباً أن نتعلم من أعدائنا ، فما بالك بإيران ؟ يجب على أهل السنة أن يعملوا ويجاهدوا ويبذلوا ما يستطيعون ، ويثبتوا وجودهم أمام الغزاة النازيين اليهود القتلة ، وأمام سادتهم في الغرب الاستعماري الصليبي ، فهم يملكون عناصر القوة ويستطيعون المواجهة لو أرادوا ، وينبغي أن يحرموا الشيطان اليهودي من الرقص على جثثهم .