قيمة وزراء الخارجية ،

ماجد زاهد الشيباني

في أنظمة الحكم الاستبدادية !

ماجد زاهد الشيباني

من الأسئلة المطروحة ، في الساحات السياسية ، كلها: ساحات الحكم ، وساحات المعارضة ،  وساحات الفكر السياسي ، عامّة :

* إذا كانت وزارة الخارجية ، في الدولة الديموقراطية، هي أهمّ وزارة ، ووزيرها ، بالتالي ، هو أهمّ وزير ، في أيّة حكومة ؛ لذا ؛ لا يعيّن في المنصب ، إلاّ رجل ذو كفاءة وخبرة ، وخلق ، وإحساس عالٍ بأهمّية المنصب وخطورته ؛ بصفته صلة الوصل القوية ، بين الدولة ودول العالم .. إذا كان ذلك كذلك .. فما قيمة وزير الخارجية ، في نظام الحكم الاستبدادي !؟ وما أهمّيته ، لدى صنّاع القرار الفعليين ، في الدولة البوليسية : 

 ـ مادور وزير الخارجية ، في صناعة القرار السياسي الخارجي !؟ هل يصنع ، هو ، السياسة الخارجية ، أو يشارك الحاكم المستبدّ ، في صناعتها !؟ أم هو مجرّد منفّذ صغير، يؤمَر فيطيع ، ويعاقَب ، مِن قِبل سيّده الحاكم ، على كل قول ، أو فعل .. لا يرضي هذا الحاكم ، أو لايرضي أحد كبار رجال مخابراته !؟

ـ ما أهمّية وزير الخارجية ، في صنع قرارات الدولة ، عامّة..بصفته عضواً رئيسياً وهاماً ،  في الوزارة !؟ ولاسيّما القرارات الداخلية ، وما يتّصل بها ، من ممارسات داخلية ، وعلى رأسها : القرارات الأمنية ، والممارسات الأمنية !

 - هل يستطيع وزير الخارجية ، مثلاً ، الاحتجاج على سلوك ضابط في المخابرات ، ارتكب جرائم بشعة ، بحقّ مواطنيه !؟ وإذا احتجّ ، فماذا يكون مصيره !؟

- هل يستطيع وزير الخارجية ، أن يَعرض اقتراحاً ، أو وجهة نظر، حول كيفية تعامل النظام مع مواطنيه !؟

- هل يستطيع وزير الخارجية ، أن ينصح سيّده الحاكم المطلق ، مجرّد نصيحة ، بتنحية موظّف كبير فاسد ، في أجهزة الدولة ، المدنية أو الأمنية !؟

- هل يستطيع وزير الخارجية ، أن يبدي وجهة نظر معيّنة ، تجاه ما يراه ، من سرقة للمال العامّ ، يمارسها سيّده الحاكم الأعلى ، أو بعض أزلامه ، أو بعض سماسرته ، أو بعض المقرّبين منه !؟

- هل يستطيع وزير الخارجية ، أن يقدّم نصحاً ، أو اقتراحاً ، لسيّده الحاكم المطلق ، حول طريقة تعامل هذا الحاكم ، وأجهزته البوليسية .. مع القوى المعارضة ، عامّة .. سواء أكان هذا النصح ، أو الاقتراح ، متعلّقاً بما يمارَس على العناصر المعارضة ، من تعذيب وحشي ، وظلم همجي.. أم كان النصح أو الاقتراح ، متعلّقا بطريقة استيعاب المعارضة، عبر الحوار الجادّ البنّاء !؟

ـ إذا كان الجواب بالنفي ، تجاه هذه الأسئلة ، كلها ؛ لأن دائرة الحكم الاستبدادي ، مغلقة على عناصر الحكم الأساسيين ، من أفراد الأسرة الحاكمة ، ومن ضباط مخابرات كبار.. فماذا يعني تصريح وزير خارجية ما، في وسائل الإعلام ، حول مسألة من المسائل المذكورة آنفاً !؟

  - أهو نابع من مبادرة خاصّة ، مِن قِبله ، لتلميع صورته أمام سادته !؟

  - أهو محاولة غبيّة ، لإعطاء نفسه قيمة ليست له ، في نظر نفسه ، ولا في نظر أسياده ، ولا في نظر الناس ، عامّة ، في بلاده وخارجها !؟

  - أهو أمر من أسياده : رئيس الدولة ، وضبّاط مخابراته .. بأن يصرّح تصريحاً ، يلمّع فيه وجه حكمه ، ويتحمّل وزره ، أمام الناس .. إذا كان متعلّقا بمصير شرائح معيّنة من المواطنين

 * إنها مجرّد تساؤلات ، مطروحة .. تنتظر إجاباتها من خبير بأنماط الحكم الاستبدادي! ولاسيّما إذا كان قد عمل ، يوماً ما ، وزيراً للخارجية ، في أيّة دولة يحكمها حاكم مطلق ، وأجهزة مخابرات تنفّذ مايراه ، أو ماتراه !

* أخيراً : نذكّر ، في هذه السطور ، بأننا لم نسمّ وزير خارجية ، بعينه ، في أيّ مكان في العالم ! لكن ، نقول : مَن وجَد ، في السطور ، أو فيما بينها .. قبعة بحجم رأسه ، وأحبّ أن يلبسها ، فلا مانع لدينا ؛ مادام قد أحسن الظنّ بنفسه ، وتمثّل بقول طَرفة بن العبد :

إذا القوم قالوا : مَن فَتىً خِلتُ أنّني        عـُنيتُ .. فلمْ أكسلْ ولمْ أتبلّـدِ !

مع ملاحظة الفارق الجوهري ، بين الحالتين : حالة الشاعر الغلام ، وحالة الوزير الهُمام !