ماذا يريد الشارع العربي من قادته؟!

ماذا يريد الشارع العربي من قادته؟!

فيصل الشيخ محمد

رغم الإحباط الكبير الذي يكتنف الشارع العربي، من خروج أي قرارات قوية تفعّل على الأرض من قمة الدوحة، إلا أننا نطمح إلى أن تكون القرارات التي سيخرج بها المؤتمر تلامس – في الحد الأدنى – طموحات وأماني ورغبات الشعب العربي، وتتناغم مع الأحداث والمستجدات والأخطار التي تعصف بوطننا العربي.. وقد أصبحنا أمة ضعيفة مهيضة الجانب، وحيدة لا صديق لها ولا حليف، أمام هجمة عاتية تريدنا وتريد أرضنا وثرواتنا وقيمنا وديننا ومقدساتنا.

القادة العرب الذين سيجتمعون اليوم في الدوحة بمشاركة 15 زعيم عربي وغياب 7 رؤساء ، أبرزهم الرئيس المصري حسني مبارك، رئيس أكبر دولة عربية، لبحث ملفات مذكرة المحكمة الجنائية الدولية لتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير، وملف المصالحة العربية، وملف المصالحة الفلسطينية.. وكل من حضر أو ناب عمن لم يحضر، يسمعنا كلاماً طيباً يلامس شغاف القلوب وحنايا الصدور وأوتار العواطف.

قطر البلد المضيف عملت ما طلب منها لإنجاح القمة، فلم تدع أي طرف غير عربي لحضور هذه القمة، ولم تدع أحد من قادة حماس لا ضيوفاً ولا مراقبين، حتى لا يعكر صفو هذا التجمع أو يتخذ البعض في غير ذلك حجة، للغمز واللمز والتبرم أو إيجاد الأعذار.

القادة العرب هم اليوم أمام اختبار حول مصداقيتهم في تحمل المسؤولية التي تصدوا لحمل أمانتها، وعليهم أن لا يخيبوا آمال شعوبهم وطموحاتهم، في أن يخرج المؤتمر بقرارات تلامس نبض الشارع العربي، وعليهم أن يبعثوا برسائل قوية إلى إسرائيل وأمريكا والغرب عامة وإلى الأصدقاء كافة.. يضعون فيها النقاط على الحروف، بدون مواربة أو غموض، فأعداؤنا يَغيرون علينا ويتآمرون علينا في وضح النهار ورابعة الظهيرة، بلا حياء أو وجل أو خوف.. بل بتحدي وصلف وغرور ولا مبالاة.. وعليه فإن على القادة العرب أن يتعاملوا مع الأعداء والطامعين بنفس الطرقة التي يفهمونها، وأن تكون المعاملة بالمثل، فلا يفلّ الحديد إلا الحديد، ولا يقهر الرجال إلا الرجال.. ولا يسكت عن الضيم إلا الجبناء، فلا نامت أعين الجبناء!!

وفي خضم ما تتعرض له أمتنا من كوارث ونكسات وانكسارات وهزائم واحتلال وقهر وإذلال وحرمان وتضييق وحصار، فإنه على القادة العرب أن لا ينسوا في اجتماعهم شعوبهم من الإنصاف والعطاء والرعاية، وأن يشركوهم في القرارات المصيرية.. فلا يعقل أن يُغيّبوا عنها وهم أول من يدفع الثمن من حياتهم ودمائهم وعرق جبينهم..والشعوب العربية هم في مرحلة من النضج والفهم والوطنية ما يخولهم أن يكونوا من أصحاب القرار والمشاركين الفاعلين فيه.

وهذا يتطلب منحهم مزيداً من الحرية واحترام رأيهم ورفع الوصاية عن كواهلهم، ووقف إطفاء سُرج عقولهم، وكسر حلقات التمييز فيما بينهم، فالوطن للجميع والجميع للوطن.. والطائر لا يطير برأسه بل بجناحيه، ولا يحط إلا بذيله..فليتخيل القادة العرب وهم الرؤوس كيف سيطيرون ويحلقون ويحطون بلا أجنحة ولا ذيل؟!