قمة الدوحة وهواجس مغتربة…
قمة الدوحة وهواجس مغتربة…
هل من جديد؟
نادية ضاهر/هولندا
تابعتُ قمة الدوحة للمصالحة, كعربية مغتربة تعيش أزمات أمتها وأوجاعها ومحنتها وتشاركها همومها وأحلامها وأمانيها وطموحاتها.
الأمة التي ترزح وتئن وتكابد على مر أجيال وعقود من تبعات أنانية وأمزجة حكامها وقراراتهم اللامسؤولة والخاضعة لمصالحهم , لكنها بقيت مترابطة ,متماسكة ,متمسّكة بالغد الأفضل القادم من خلف الأفق البعيد ,الساكن هناك والقابع في أعماق كل فرد منّا .
الأمة التي تعتز بتاريخها وحضارتها وثقافتها ,وتأمل وتتمنى وتحلم وتتفاءل وتدعو الله تعالى أن يهدي ويرشد ويوفق حكامها لما فيه الخير والصلاح للجميع .
حكامنا الذين منحونا وما زالوا بعضاً من وقتهم الغالي والثمين واجتمعوا رغم عمق الحساسيات والصراعات والخلافات والقضايا المتأزمة والعالقة فيما بينهم .
ونحن بدورنا كشعوب مقهورة مغلوب على أمرها لا يمكن الا أن نصفق لهم كما صفقوا هم أنفسهم لسيادة الرئيس الذي أطلق العنان لكلمات كانت محبوسة على مر سنوات ست في صدره قبل أن يغادر/غير آبه بمن حوله / قاعة القمة غاضباً مجروحة كرامته لتضاف أزمة أخرى لجدول أعمال القمة القادمة ؟!...
نعم من واجبنا وحقهم علينا أن نقدم لهم جزيل الشكر وخالص الدعاء ونتمنى لهم طول العمر والسداد على هذا التنازل العظيم والتضحية الجسيمة التي كابدوها وعانوها وتحملوا مشاقها وقدموا لأجلنا نحن الشعوب المنحورة بسيوف رقصوا عليها في ليالي أُنسهم في صحراء عذاباتنا .
كيف لا وقد اجتمعوا في قمتهم هذه مشكورين من أجلنا نحن أبناء الرعية التي لا تعرف الحقد والضغينة على من تسلطوا على رقابنا واستأثروا بكل شيء وتمسكوا ورفضوا التنازل أو التزحزح عن عروش مَلَكوهَا فَمَلَكَتْهُم , فأضحوا عبيداً لها لا أسياداً عليها كما يجب ويفترض أن يكونوا.
تساءلت كملايين من أمثالي يا ترى لماذا أجتمع كبار القوم هذه المرة وقرارات القمة الأخيرة وما قبلها من قمم ما زالت تنتظر من يفي بوعوده ويقوم على تنفيذها والالتزام بها ؟!وحال الأمة بين قمة وأخرى إلى الوراء ...
فهل يتوقع لقمة الدوحة أن تكون أفضل وأنجع وأنجح وأحسن حال من سابقاتها؟! ...هل سيتم مناقشة قضايانا المصيرية بجدية هذه المرة أم ستكون كسابقاتها دون فائدة ترجى من إنعقادها ونردد ما قاله المتنبي (عيد بأية حال عدت يا عيد بما مضى أم لأمر فيك تجديد ).
أو ربما أصبح إنعقاد القمم نوع آخر من السياحة الترفيهية التي اعتادها /حكامنا الأشاوس/ فكما نعلم أن الأثرياء يخرجون علينا كل يوم بصرعة جديدة ليبعدوا السأم عن حياتهم المترفة والمنعمة .
أو تكون قمتهم هذه فقط لإسكات صوت الشعوب التي أحسنوا إخضاعها وإذلالها وإرضاخها لرغباتهم ومطامحهم ومطامعهم وحفاظا على عروشهم وهيبتهم .
أم ترى قد هاجت أشواقهم وفاضت بالحنين لرؤية وجوه بعضهم البعض السمحة .
وحتى لا نظلمهم ونسيئ الظن بهم سنقول أنهم أحسّوا وشعروا بمعاناتنا وما نكابده , فاستفاقت ضمائرهم , لتستنهض هممهم ,فهبّوا لتدارس قضايانا المصيرية قبل أن نصبح في ذاكرة كان... ويحكي أنَّّ ....؟
لقد أصبح لزاماً علينا منحُ أنفسنا بقعة ضوء قبل كل قمة علّها تزيح من دروبنا عتمة البؤس والقهر والحرمان الذي أغرقونا /بسياساتهم الحكيمة /فيها ؟ بعد أن امتلأت ذاكرة شعوبنا بقمم خلفت وراءها ما خلفت من خيبات أمل وإحباطات لا تعد ولا تحصى.... وأصبحنا في متاهة وحيرة فلم نعد نفْقه من أمر حكّامنا شيئاً وبتنا ندعو الله تعالى أن يرسل لنا من عنده من يعيد لنا إنسانيتنا وكرامتنا المهدورة ومكانتنا بين شعوب العالم , بدل ان نقف نتفرج على مهزلة ونتحسر ونندب حظنا كأرملة فقدت مُعيلها أو أم ثكلت ولدها.
ماذا عسانا أن نقول ؟! ... أنقول أصبري يا خير أمة... أصبري يا رمز العزة والشموخ والكبرياء والإباء والكرامة... أم نقول كفاك ندباً ونياحاً واستغاثة ...أم نقول لها زمن المعتصم ولّى إلى غير رجعة؟! ..أم نقول ماتت الرجال وما نراهم ما هم إلا أشباه رجال باعوا مصير أمة....
فلو استطاعت القاعات التي يجتمع فيها كبار القوم أن تنطق لقالت عجباً ...وصرخت بأعلى الصوت أن اغيثونا وأرحمونا فقد مللناكم كفى أعتقونا ..
أتساءل والأمة الممتدة من النيل إلى الفرات إلى الخليج ...لماذا علينا كشعوب عربية أن ندفع فاتورة عنجهيات وضريبة احتكار دولي لصناع القرار على الطريقة الصهيوأمريكية...
لماذا علينا كشعوب وحكام أن نتوسل حقنا المهدور والمفقود ؟! أن نطلب ممن سرقوا واغتصبوا حقنا أن نسألهم برحمة وبتذلل ومهانة واستعطاف أن يعيدوا لنا ما سلبوه واغتصبوه منا ؟!
أسال من يؤمن ويدافع عن ما يسمى بالحوار والمفاوضات الاستسلامية وكل من ينعق ويصفق ويتابع ويفاوض أسالهم جميعا : هل عندما قام بلفور وأتباعه والصهاينة وأغتصبوا أرضنا هل استأذنونا في هذا ؟ !
أم أنهم قتلوا وفتكوا بالابرياء من أطفالنا ونساءنا وشيوخنا وشبابنا وحققوا دولتهم المزعومة بالبطش والجور والطغيان؟...
الى متى علينا أن نفهم ونعي أن تحرير الأرض وعودة الحقوق إلى أهلها هو بيدنا نحن لا بيد جلادينا...
إلى متى علينا أن نقف في آخر الصف نستجدي ونتوسل حقنا المشروع في الدفاع عن مقدساتنا وحرماتنا ؟!...
الم يحن الوقت لنقول أننا أصحاب حق وصاحب الحق جبار عنيد؟..
والقاعدة تقول أن العالم لا يحترم الا القوي وما أُخذ بالقوة لن يسترد الا بالقوة وان تحرير لبنان من دنس المحتل الغاصب لهو أصدق دليل وصمود اهلنا في غزة لهو أقوى حجة على عقيدتنا بأن الأرض المغتصبة تأبى إلا أن تتحرر بسواعد الشرفاء المقاومين من ابنائها .
اذا اردنا ان يكون لنا دور وصوت ورأي وإرادة وقوة يُحسب لها ألف حساب لن يكون هذا بالتمنى والكلام لن يكون إلا اذا أثبتنا قوتنا ووجودنا بين القوى الدولية العالمية الكبرى
أن ما نريده من قمة الدوحة هو دعم وتعزيز ومساندة الشعب الفلسطيني في حقه المشروع في المقاومة وصموده لاستعادة كامل التراب الفلسطيني
ما نريده كشعوب من قمة الدوحة قرار برفض التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب واغلاق السفارات الصهيونية في الوطن العربي وايقاف كل اشكال ما يسمى بمفاوضات الاستسلام ومقاطعة كل البضائع والمنتجات الصهيونية ووقف تصديرها للاسواق العربية
والعمل جديا لمحاكمة كل مرتكبي جرائم الحرب الصهيوينة بحق شعوبنا في لبنان وفلسطين وغيرهم ممن سقطوا ضحية لدولتهم المزعومة.
يكفينا ما أصاب أمتنا من نكبات ومآسي وويلات جرتها عليهم مشاريع التسوية للقضية الفلسطينية والانصياع الدائم لتحقيق رغبات الاخرين دون الإنتباه لشعوب هي بأمس الحاجة إلى حاكم قوي رحيم عادل يضحي ويسهر على راحة ومصالح رعيته.
وأخيراً هل ستكون قرارات هذه القمة أفضل حالا مما سبقها من قرارات أم ستنتهي صلاحيتها بانتهاء انعقاد القمة لتحنط وترمى في أرشيف ذاكرة الزمن ؟هذا ما ستخبرنا به الأيام القادمة ....................