ثابتون حتى العودة
المواطنون يفترشون الأرض ويلتحفون السماء
وائل المناعمة / غزة
لم تكد الحرب تضع أوزارها على غزة، حتى أفاق المواطنون على الحجم الهائل للدمار والخسائر الفادحة التي خلفتها الحرب البربرية التي شنتها قوات الاحتلال الصهيوني في 27/12/2008، واستمرت اثنين وعشرين يوماً استخدمت فيها «إسرائيل» جميع أنواع الأسلحة وألقت الطائرات أكثر من 1500 طن من المتفجرات بما يقدر بنصف ذخيرتها، وحركت آلاف الجنود بآلياتهم البرية والبحرية والجوية ضد قطاع غزة المزدحم بالسكان والأعزل، وخاصة أنه تحت حصار ظالم منذ حوالى عامين طال الدواء والطعام والشراب.
حجم الخسائر
توجهنا لوزارة الأشغال لمعرفة الأرقام الحقيقية للخسائر التي خلّفتها الحرب، هناك التقينا بالمهندس جواد الآغا المسؤول عن حصر أضرار الحرب الذي أوضح لنا أن الوزارة قامت بعد انتهاء الحرب مباشرة بحصر جميع الخسائر التي لحقت بالمواطنين لما لذلك من أهمية في مساعدة المتضررين على إيجاد مأوى لهم، وخاصة أننا في فصل الشتاء وما يصاحبه من برد شديد وأمطار، حيث شكلت الوزارة طواقم من المهندسين والفنيين موزعين على جميع محافظات القطاع لحصر الأضرار وطبيعتها بالتفصيل حيث تبين وجود خمسة آلاف منزل مدمر بالكامل، ووجود خمسين ألف منزل مدمر بشكل جزئي كثير منها لا يصلح للسكن.
أكد الآغا أن الحكومة صرفت لجميع أصحاب البيوت مبالغ مالية عاجلة ليتمكنوا من استئجار منازل مؤقتة وشراء الأثاث الضروري لحين فتح المعابر وإدخال مواد البناء لتتمكن الحكومة من الشروع في عملية الإعمار التي تحتاج إلى أكثر من مليار ونصف مليار دولار.
عراقيل الإعمار
وأكد المهندس المسؤول في وزارة الأشغال أن هناك مجموعة من العقبات والعراقيل التي تقف في وجه إعادة إعمار غزة أهمها إغلاق الاحتلال المعابر، ما يحول دون دخول المواد اللازمة للبناء، فضلاً عن عدم تعاون الجهات العربية والأجنبية سواء الدول أو المؤسسات مع حكومة غزة، ما يبعثر الجهود ويظلم متضررين ويخدم آخرين حسب انتماءاتهم السياسية، وهذا ما نخشاه ونادينا من البداية أن نبعد ملف الإعمار عن الخلافات القائمة.
كارثة بسبب الركام
أثناء التأخير في عملية الإعمار تتكشف كارثة جديدة بسبب الركام الذي خلفه الدمار الهائل بسبب استخدام عشرات الأطنان من المتفجرات والأسلحة المحرمة دولياً، حيث أوضح تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة أن «العدوان الصهيوني» على غزة أدى إلى دمار هائل في المباني العامة والخاصة والوحدات السكنية. وقُدّر المسح الأولي الذي أجراه «برنامج مساعدة الشعب الفلسطيني التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي» أن «أكثر من 55000 منزل و68 مبنى حكومياً و31 مبنى لمؤسسات أهلية تعرضت لأضرار كلية أو جزئية».
أضاف التقرير: «نتيجة لذلك، يقدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن هناك 600.000 طن من الركام والأحجار التي يلزم أن تتم إزالتها».
وعن إزالة الركام، قال الممثل الخاص لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الأرض الفلسطينية المحتلة «ينس تويبرغ- فراندزن»: «هذه من أهم الأولويات، فالركام يختلط بمواد سامة وضارة، ويمكن أن يحتوي على مخلفات عسكرية غير منفجرة. ينبغي أن تتم إزالته بشكل عاجل من أجل حماية حياة الفلسطينيين في قطاع غزة، وتيسير الوصول الفوري للخدمات الإنسانية والاجتماعية الأساسية».
أضاف التقرير «أن الأمم المتحدة أدرجت إزالة الركام في ندائها العاجل الأخير، وحالما يتم توفير التمويل، سيقوم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بإزاحة الركام، وهدم وتنظيف مواقع المباني المتضررة، والكشف عن المخلفات العسكرية غير المنفجرة وإزالتها. كذلك سيساهم المشروع في توليد 200 ألف يوم عمل للعاطلين من العمل في غزة».
وأضاف التقرير الأممي: «إن قطاع غزة بحاجة إلى عملية فورية ومتعددة الأبعاد للإنعاش المبكر، بحيث تركز على استعادة القدرة على الحركة، وإعادة إعمار الخدمات الأساسية والبنية التحتية، والحد من المخاطر واحتمالات الضرر الإضافية، كذلك تحتاج إلى استثمارات إضافية في توفير سبل العيش والمأوى، ونظم الحكم والأمن، وسيادة القانون، والاستدامة البيئية».
ودعت الأمم المتحدة إلى «السماح بإدخال المواد الأساسية إلى غزة، بما فيها مواد البناء والأنابيب والأسلاك الكهربائية والمحولات، إلى جانب المعدات الرئيسية الأخرى وقطع الغيار».
النداء العاجل الأخير للأمم المتحدة -بحسب التقرير- طلب «توفير تمويل فوري لمساعدة الأمم المتحدة وشركائها على استعادة الخدمات الاجتماعية الأساسية والمرافق العامة، مثل المياه والصحة والتعليم والغذاء والإصلاحات الطارئة للبنية التحتية الحيوية».
يضيف التقرير: «من بين 613 مليون دولار من التمويل المطلوب في النداء العاجل، بلغ مجموع الاحتياجات التمويلية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي 49.3 مليون دولار. سيخصص أكثر من نصف هذا المبلغ لإزالة الركام، أما المشاريع الأخرى فتركز على إحياء قطاع الزراعة، وإعادة إعمار وتأهيل خزانات المياه في قطاع غزة».
الجدول التالي يبين القيم التقديرية للخسائر المباشرة في مجال المباني العامة والخاصة وبعض مرافق البنية التحتية:
|
بعد هذه الإحصاءات، بقي أن نذكّر أن هناك بنوداً أخرى لم يتم التطرق إليها، مثل خسائر القطاع الصناعي، القطاع الزراعي، مرافق التربية والتعليم ووكالة الغوث، شبكات الكهرباء وغيرها.
وهناك خسائر غير مباشرة وخسائر الفرص الضائعة لكل بند من البنود السابقة تُحسب وتضاف لتشكل إجمالي خسائر الاقتصاد الفلسطيني بسبب الحرب، حيث تقوم حالياً وزارة التخطيط بإعداد تقرير متكامل عن الخسائر بأنواعها المختلفة.