الأحواز..
هل ننتظر قراراً أمريكياً لكي نتذكر أنها عربية
محمد صالح الشمّري
كل ذرة تراب فيها ينطق بلغة أهل الجنة لغة الضاد التي لم تستطع لغة سواها حمل كلام رب العالمين.. وأهلها عرب حتى النخاع من نسل عدنان وقحطان من: بني تميم وبني أسد وكعب وطي والزرقان وآل خميس و.. و.. الخ.. أكثر من ثمانية ملايين نسمة يرزحون تحت نير استعمار فارسي شوفيني متعصب مأزوم مسكون بأوهام الإمبراطورية الساسانية التمييزية بكل شيء؟!!
منذ 84 عاماً أغبر انقضّت جحافل رضا خان بهلوي، وأتمنى أن يحفر هذا الاسم في ذهن كل عربي يوقر لغة الضاد وأهلها الذين هم خيار من خيار.. حتى وصلت هذه الخيرية إلى سيد ولد آدم وقومه؛ صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.. أقول انقضّت جيوش بهلوي هذا على جزء عزيز أبيّ ظل سيد نفسه مئات السنين ففي العشرين من نيسان من عام 1925 للميلاد سقط هذا الجزء العزيز من أرض العرب في يد آل بهلوي الذين ساسوا هذه المنطقة بحقد تنوء بحمله الراسيات.. فلم تسلم منهم أرض ولا إنسان.. فحيثما وجدوا معلماً من معالم الدولة العربية التي حكمت الأهواز مئات السنين دمروه وسوّوا به الأرض كما فعلوا - على سبيل المثال لا الحصر- بقصر الشيخ خزعل الكعبي آخر الأمراء العرب على الأحواز حيث أطلقوا عليه بلدوزراتهم تعمل فيه هدماً وتدميراً. ولم يكتفوا بتسويته بالأرض... بل جعلوه- زيادة في الهوان- كراج سيارات!!!
أما الإنسان العربي فقد كان هدفاً لأحقاد لا تمتّ إلى الإنسانية بصلة.. بل تسفل حتى عن غرائز الحيوان.. فقد أجهزوا على رموز وقادة وممثلي الشعب العربي فقد قامت مجرزة بشعة حاقدة منذ 20 نيسان عام 1925 واستمرت بوتيرة متزايدة حتى ساعة كتابة هذا السطور لكل عربي في طول الأحواز وعرضها.. ذهب، ويذهب، ضحيتها عشرات آلاف الرجال والنساء والشيوخ والأطفال.. فرصاص الحقد الشوفيني الأعمى لا يميّز بين أحدٍ من هؤلاء.. فالكل مشاريع للقتل طالما جرى في عروقهم دم عربي أو استقر في أذهانهم توقير للعرب أو عشق للغة الضاد لغة القرآن وأهل الجنة في الفراديس العُلى..
هل درى القارئ الكريم أن نسبة الفرس في إيران كلها لا تتجاوز الـ 45% لا بد أن الحواجب ترتفع استغراباً أو استنكاراً.. ولكن هذه هي الحقيقة فالمجتمع الإيراني مكون من فسيفساء من القوميات الرئيسية وهي: الأتراك الأذريين ونسبتهم 33% الأكراد ويشكلون 10% من سكان إيران والعرب ونسبتهم 7% والتركمان ونسبتهم 2.5% ومثلهم البلوش 2.5%.. وهذه الـ 45% (تلهف) كل شيء: الحكم والاقتصاد والسياسة والدين!!! حيث يعامل الشيعة العرب من أهل الأحواز معاملة العبيد ففي عهد الشاه المخلوع كان التمييز ضد مجمل القوميات المؤلفة لنسيج المجتمع الإيراني واضح جلي بفوقية مستفزة طاغية لذلك شاركت كل القوميات في جهود إسقاطه وقام تعاون وثيق مخلص مع الثورة (الإسلامية)!! التي قادها الخميني والأمل يحدو الجميع بولادة حكم (إسلامي) ينصفهم ويعوّضهم عن الظلم الفادح الذي أنزله بهم آل بهلوي المتغطرسون.. ولكن بعد انتصار الخميني وجدت مختلف القوميات نفسها كالمستجير من الرمضاء بالنار.. فقد سامهم الحكم (الإسلامي)! سوء العذاب والجور والظلم والتمييز في كل شيء: التعليم، الاقتصاد، فرص العمل، اللغة.. الخ الخ فهل يتصور عاقل في القرن الحادي والعشرين أن الإنسان العربي في الأحواز لا يملك تسمية أولاده بالاسم الذي يريد.. بل لا بد من إلحاق الاسم بكنية فارسية مثل (زادة، بور، نجاد) حتى لا تبقى أي إشارة إلى أصلهم العربي. وثمة أسماء أخرى ممنوعة منعاً باتاً مهما كانت الأسباب مثل اسم هند وعائشة.. فتأمل!!
وبدأت رحلة جديدة من المعاناة مع بداية حكم الخميني جعلت مختلف القوميات ومنهم العرب في الأحواز يترحمون على (النبّاش الأول) كما يقول المثل العامي.. فالتشيع الذي يتلطى خلف رايته حكام إيران ليس أكثر من أداة من أدوات التعصب الشوفيني الأعمى الذي تخطت أذيته الحدود الإيرانية فاسمعوا العلامة محمد علي الحسيني الذي هو شيعي حقيقي أباً عن جد.. يتحدث عن (المخطط الإيراني): " نحن مجموعة من علماء الشيعة العرب في دول مثل العراق والبحرين ولبنان بدأنا بالتحرك، ضد ولاية الفقيه والنفوذ الإيراني، فبدأ الحرس الثوري يستهدفنا.. في العراق مثلا الشيخ جواد الخالصي تعرض للتهديد فغادر العراق ، وكذلك الشيخ حسين المؤيد الذي توجه إلى الأردن.. فالإمام موسى الصدر خرج على توصيات قيادة الثورة الإيرانية، وقام بتقوية الخط الشيعي العربي، فقاموا بتغييبه من أجل تغييب الخط الشيعي العربي، إضافة إلى التآمر على السيد محمد باقر الصدر في العراق وقتله ".
وويضيف العلامة الحسيني أن "المجلس الإسلامي العربي" الذي يقوده : إن تشيعنا العربي هو تشيع من دون تعصب .. وكان لنا تأثيرنا على الشيعة في الخليج..لذلك قرر الحرس الثوري الإيراني "تصفية وإبادة كل شيعي عربي مخالف لتوصية ولي الفقيه".
وقال"النظام الإيرني يخاف مني شخصيا لأني الوحيد الذي أتحرك فكريا وتنظيميا خصوصا أني خريج مدرسة قم العالمية، وفي إيران لم أكمل اجتهادي بسبب مواقفي الوطنية سجنوني وأرهبوا تلاميذي".وفي سياق حديثه عن "مخطط طهران لاغتيال زعماء الشيعة العرب " يقول:"
أن الشيعة العرب يرفضون "شتم الايرانيين للصحابة لقد أرسلت رسالة لمرشد الثورة الإيرانية علي الخامنئي وقلت له فيها إذا كنت تطالب بالوحدة عليك أن تهدم قبر أبي لؤلؤة ( قاتل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه) الموجود في (كاشان) لأن هذا القبر أذية لقلوب ملايين المسلمين، وعليك إحراق كتب الفتنة التي تدعو للعن الصحابة التي وزعت مجانا في إيران".
وأضاف " الشيعة العرب يتميزون بالهدوء والرصانة ويتزوجون من السنة والسنة يتزوجون منهم ". انتهى كلام العلامةالحسيني.
لا أدري كيف يمكن للمرء أن يقارن بين سلوك هؤلاء القوميين المتعصبين وبين سماحة النبي العربي نبي الرحمة والإنسانية صلوات ربي وسلامه عليه الذي يقول: سلمان منّا آل البيت ويقول: لو كان العلم في الثريا لتناوله رجال من فارس.. بينما هم يصبون حقدهم حتى على الحجارة مثلما فعلوا في قصر الشيخ خزعل الكعبي الذي هدموه بحقد تخجل منه الإنسانية وتستهجنه الطبائع السليمة وتنبو عنه الضمائر الحية المستقيمة.. إضافة إلى شحن المناهج المدرسية التي في الأحواز بمواد تمعن في تحقير التاريخ العربي الأحوازي العربي، واتباع سياسة تجهيل ممنهجة أدت إلى أن يترك 23% من الطلاب العرب مقاعد الدراسة في المرحلة الابتدائية كما يترك 50% من الطلاب دراستهم في المرحلة الإعدادية.. أما المرحلة الثانوية فإن 60-70% من الطلاب العرب يتركون دراستهم عندها.. فإذا وصلنا إلى الجامعات وجدنا أن طلابها يزيدون على أربعة ملايين طالباً وطالبة ليس بينهم سوى ستة آلاف عربي!! الأمر الذي يلقي بالكثير من العرب في براثن الجهل والبطالة والفقر المدقع والسكن في أحزمة الفقر التي تحيط بالمدن علماً أن ما يزيد عن 80% من النفط الإيراني يوجد في الأحواز بينما البطالة بين عرب الأحواز تزيد عن 70% منهم..
إن لغة الأرقان تؤشر على فداحة الظلم والجور والتمييز المقيت الذي يمارسه القوميون المتعصبون ضد العرب فنجد أن 66% من العرب يشغلون 5% من المناصب الرسمية في مدينة الأحواز وذلك وفق عملية متعمدة لعزلهم عن مواقع القرار وإلجائهم إلى هامش الدولة والمجتمع.. إضافة إلى نشر الفساد والمخدرات في صفوف الشباب العربي وإغراقهم في هذه المستنقعات الآسنة للقضاء على أي مستقبل عملي سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي لهم في البلد..
فإذا أضفنا إلى ذلك انتزاع الأراضي من أصحابها العرب بشتى الحجج والتبريرات وتهجيرهم إلى خارج الأحواز وجلب مواطنين فرس بدلاً عنهم تكشف بشكل واضح عمق المصاب الذي ابتلي به العرب في هذه البقعة التي ظلت طوال تاريخها عربية حتى النخاع..
لعل من المناسب هنا أن نذكر أن اسم الأحواز أو (الأهواز) كما يطلق عليها باللغة الفارسية، لأن لغتهم لا يوجد بها حرف الحاء، أصله عربي صرف ولا يوجد له أي أصل في اللغة الفارسية وهو مشتق من حاز يحوز أي تملك الشيء.. أما اسمها الآخر الذي طمسته معظم أجهزة الإعلام فهو عربستان أي أرض العرب فهو أشد تعبيراً عن عروبة هذه الأرض وأهلها وكل ذرة تراب فيها..
الشعب العربي في الأحواز يتألم أشد الألم من تجاهل العرب، بشكل عام، لقضيتهم ولمعاناتهم ويحذرون من أن أطماع القوميين المتعصبين من الفرس، الذين تذوقوا اللحم العربي واستمرأوا ثرواته الغزيرة، لن يتوقفوا عند عربستان أو الأحواز بل ستمتد هذه الأطماع وتتمدد تحت شتى العناوين القومية أو الدينية فتزيد من قضم الأرض العربية تحدوها أحلام إعادة مجد الامبراطورية الفارسية الغابرة.. وقد كان مصداق تحذيرات الأحوازيين عندما استولى الشاه على الجزر العربية الثلاث (أبو موسى وطنب الكبرى والصغرى) على عينك يا تاجر كما يقول المثل العامي وها هم اليوم يتجرؤون على البحرين.. وغداً على غيرها خاصة وأن التركيبة السكانية في العديد من الإمارات العربية تسيل اللعاب الإيراني لالتهام المزيد من الأرض العربية المترعة بالثروات ناهيك عن الفراغ الإقليمي الذي أحدثه غياب العراق القوي الموحد.. الأمر الذي يسهل عملية ملء هذا الفراغ من قبل إيران التي هي - اليوم- الدولة رقم /1/ في المنطقة كلها..
ويصيح الأحوازيون بإخوانهم العرب: أن تنبهوا وقوموا بهجوم معاكس قوي يدعم الأحوازيين الذين لم تفتر همتهم على الرغم من الصعاب التي تعترضهم والتي تدعوا إلى اليأس والقنوط.. فما زالوا على العهد متمسكين بعربيتهم ويطالبون بحريتهم ويقدمون قوافل من الضحايا على هذا الدرب إن كان عبر السبل السياسية أو المقاومة العسكرية.. إن دعم هؤلاء المرابطين في الأحواز خير وسيلة لوقف الأطماع الإيرانية التي استسهلت المطالبة بالمزيد كلما قضمت وخيل إليها أنها هضمت جزءاً من الأراضي العربي التي تلتهما بنهم عجيب دون أن تجد أي مقاومة من قبل النظام العربي الرسمي بل وحتى الشعبي مع الأسف والألم والوجع..ويتساءل الأحوازيون المظلومون: ماذا ينتظر العرب لكي يهتموا بهذا الجزء السليب من أرضهم، وهو جزء ليس بالهين أو المغمور فمساحته تزيد على / 370 / ألف كم2 ويمور بالخيرات والثروات الأسطورية من النفط والغاز والمياه العذبة وغيرها الكثير.. فهل ينتظر العرب الرسميون وغيرهم قراراً من العم سام حتى يتذكروا أهلهم وعرضهم الأسير عند المتعصبين الشوفينيين في إيران فيهبوا لنجدتهم أم ماذا؟!!.. ويجأر أهلُ الأحواز السليبة من أعماق قلوبهم أن انتبهوا أيها العرب قبل أن تقولوا أُكلت يوم أكل الثور الأبيض الأحوازي.. ولات ساعة مندم..