استنفار عربي بعد مذكرة اعتقال البشير
استنفار عربي بعد مذكرة اعتقال البشير
السودان رد بطرد عشر منظمات. والمتمردون اعتبروها انتصارا سياسيا
مراقبون يتوقعون انقلابا عسكريا او هجوما على العاصمة لاسقاط النظام
في اول رد فعل على قرار المحكمة الجنائية الدولية باصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس عمر احمد حسن البشير، قررت السلطات السودانية امس طرد حوالى عشر منظمات غير حكومية.
واعلن المسؤول عن منظمة ناشطة في شؤون المساعدات في دارفور 'ان حوالى عشر منظمات غير حكومية ستطرد'. واوضح هذا المصدر 'طلبوا منا مغادرة البلاد في غضون 24 ساعة'.
واضاف مسؤول في الامم المتحدة رافضا الكشف عن هويته 'سيتم طرد ما يصل الى عشر منظمات غير حكومية'. واوضح مصدر اخر ستغادر منظمته السودان الا في حال عادت السلطات عن قرارها 'ان المفوضية السودانية للشؤون الانسانية الغت رخصتنا'.
واضاف المسؤول في المنظمة غير الانسانية 'طلبوا منا مغادرة البلاد بعد خمس دقائق من قرار المحكمة الجنائية الدولية'.
وبينما رفضت الخرطوم القرار معتبرة انه 'مؤامرة دولية' ضد السودان، اعتبرت حركة التمرد في دارفور بزعامة عبدالواحد نور القرار 'انتصارا سياسيا'. واعلن وزراء الخارجية العرب ادانتهم للقرار، بينما أعلن مسؤول أمريكي تعليقا على القرار' انه يجب محاسبة الذين ارتكبوا فظاعات على جرائمهم'.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية غوردون دوجويد ان واشنطن 'تلتزم بقوة بالسعي الى السلام في السودان ،وتعتقد ان أولئك الذين ارتكبوا فظاعات يجب ان يحاسبوا على جرائمهم'.
ودعا المرشد العام للإخوان المسلمين محمد مهدي عاكف كافة الدول العربية والاسلامية الاعضاء بالمحكمة الجنائية الدولية الى الانسحاب منها ردا على قرار القبض على البشير.
واتهم عاكف المدعي العام في المحكمة الدولية 'بممارسة الابتزاز السياسي ليس للسودان وحده، وإنما للأمة العربية كلها'.
وأعربت روسيا عن قلقها إزاء تداعيات مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية أمس الأربعاء بحق الرئيس السوداني عمر البشير على خلفية تورطه في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في إقليم دارفور غربي السودان.
وحذر متحدث باسم الخارجية في العاصمة موسكو من ازدياد احتمالات توتر الأوضاع في السودان في أعقاب قرار الاعتقال.
في الوقت نفسه أكد ميخائيل مارجيلوف المتحدث باسم لجنة الشؤون الدولية في المجلس الفيدرالي أن الرئيس البشير 'يتحمل بلا أدنى شك المسؤولية عن الجرائم التي ارتكبت' ولكنه أضاف أن توقيت صدور قرار الاعتقال يهدد الديناميكية الإيجابية الجديدة التي تتخذها السودان.
وكان قضاة المحكمة الجنائية الدولية اعلنوا ان مذكرة التوقيف ضد الرئيس السوداني عمر البشير تتضمن سبع تهم من بينها ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور،وقالوا ان منصب البشير الرسمي لا يعفيه من المسؤولية الجنائية ولا يمنحه حصانة من المقاضاة.
وجاء في مذكرة التوقيف ان أمر القبض يتضمن 'سبع تهم استنادا الى مسؤوليته الجنائية الفردية '، منها 'خمس تهم متعلقة بجرائم ضد الإنسانية: القتل والإبادة والنقل القسري والتعذيب والاغتصاب،بالإضافة الى تهمتين تتعلقان بجرائم حرب: تعمد توجيه هجمات ضد سكان مدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية والنهب '.
واصدرت المحكمة الجنائية الدولية امس الاربعاء مذكرة توقيف في حق الرئيس السوداني بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في دارفور، واسقطت تهمة الابادة.
وعمر البشير (65 عاما) متهم بارتكاب جرائم في دارفور، الاقليم الواقع في غرب السودان والذي يشهد حربا اهلية منذ 2003 اوقعت 300 الف قتيل و7.2 مليون نازح بحسب الامم المتحدة، في حين تؤكد الخرطوم ان النزاع لم يسفر عن اكثر من 10 الاف قتيل.
وهذه المذكرة، الاولى من نوعها التي تصدرها المحكمة الجنائية الدولية منذ تأسيسها في 2002 في حق رئيس دولة يمارس مهامه، قد تؤذن بحسب خبراء بنهاية النظام العسكري- الاسلامي الذي يحكم السودان منذ وصول البشير الى السلطة في حزيران/يونيو 1989 عبر انقلاب.
وقال الفرنسي جيرار برونييه المتخصص في الشؤون السودانية في المركز الوطني للبحوث العلمية ان 'الطبخة نضجت يبقى ان نعرف ما هي الصلصة التي ستوضع فوقها'.
واضاف ان 'الاحتمال الاول هو حصول انقلاب داخلي (داخل حزب المؤتمر الوطني الحاكم) تقوده شخصية غير معنية بالمحكمة الجنائية الدولية'.
ومنذ اشهر تسري في العاصمة السودانية شائعات حول احتمال استبدال الرئيس البشير بنائبه علي عثمان طه او مستشاره نافع علي نافع. ويقول دبلوماسيون في الخرطوم ان رئيس جهاز الاستخبارات صلاح غوش يمكن ان يؤدي دورا رئيسيا في هذه العملية الانتقالية.
واضاف برونييه ان 'الاحتمال الثاني هو انقلاب ينفذه الجيش'، معربا في الوقت عينه عن تشكيكه في امكانية حدوث هكذا سيناريو لان الرئيس البشير هو ابن المؤسسة العسكرية.
من جهته استبعد المحلل اليكس ديوال حدوث انقلاب داخل الحزب الحاكم او المؤسسة العسكرية، مؤكدا ان احتمالات تحقق احد هذين السيناريوهين 'ضئيلة جدا'.
وعلى غرار جيرار برونييه اعتبر ديوال انه من 'المرجح' ان تشن حركة العدل والمساواة هجوما جديدا على الخرطوم لاسقاط النظام. وهذه الحركة المتمردة في دافور هي اكثر الحركات المتمردة في الاقليم تسليحا وتنظيما، ورغم انها وقعت في الدوحة الشهر الفائت اتفاق وقف لاطلاق النار مع الخرطوم، الا ان الوضع انقلب رأسا على عقب بعد صدور مذكرة التوقيف.
وما ان صدرت المذكرة حتى سارعت الحركة الى التأكيد ان الرئيس البشير فقد شرعيته وانه لم يعد بامكانها التفاوض مع الخرطوم.