دور العرب بعد توحد الفصائل الفلسطينية

دور العرب

بعد توحد الفصائل الفلسطينية

فيصل الشيخ محمد

لم تكن القضية الفلسطينية غائبة عن أذهاننا أو بعيدة عن أحاسيسنا ومشاعرنا وتفاعلنا مع كل جديد على ساحتها في لحظة من اللحظات، فقضية فلسطين توأم روحنا.. وقد شربنا مرارة كؤوسها ونحن في بواكير طفولتنا.. وشببنا وترعرعنا حتى الكهولة التي نعيشها وهي تخفق في حنايا صدورنا.

فيوم الخميس الماضي 26 شباط عشنا بكثير من التفاؤل والأمل مع المؤتمر الصحفي الذي عقده الإخوة الفلسطينيون في القاهرة، عقب لقاءات مطولة برعاية مصرية مشكورة ناجحة.. وقد التئم جمعهم الميمون وقرروا الترفع عن الجراح والآلام وطي صفحة العذابات وتناسي الخلافات، ليتمكنوا من مجابهة مخططات صهيون وما يدبر لهم رأس الكيد والإرهاب نتنياهو الذي يتهم الحكومة السابقة بالتهاون مع الفلسطينيين، وهم الذين استباحوا غزة والإنسان والحجر والشجر والأرض وكل ما يدب أو يقوم فيها، ويعلن بصراحة وصفاقة وغرور: أن لا عودة للاجئين، ولا تقسيم للقدس، ولا تنازل عن المستوطنات، ولا تخل عن الجولان، وأن الفلسطينيين لن يتمكنوا من مجابهة هذا العدو المتجبر إلا بتلاحم الصف الفلسطيني، بعيداً عن الفئوية والحزبية والأنانية وحساب الربح والخسارة.. ففي توحدهم كل الربح وفي تفرقهم كل الخسارة!!

وما يثلج صدورنا هو تأكيد جميع الفصائل الفلسطينية التي تمثل شرائح الشعب الفلسطيني من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، على أن الشعب الفلسطيني قد طوى صفحة مؤلمة سادها الانقسام الذي عانى منه الجميع، وكان عليهم أشد وطأة وإيلاماً من فظائع العدو الصهيوني، وبدأ مسيرة التوافق والمصالحة الوطنية المتينة.

وكان من أهم ما توصل إليه الإخوة الفلسطينيون هو الشروع بالإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين في كل من الصفة الغربية وقطاع غزة، ووقف كل أشكال الملاحقة والانتهاك للحقوق والحريات الديمقراطية، ووقف الحملات الإعلامية المتبادلة والتحريض ومتابعة كل ذلك وفقاً لآليات تم الاتفاق عليها.

لقد كان اجتماع الفصائل الفلسطينية في القاهرة – بعد طول انتظار وكثير من العذابات والجراحات والدماء – ضرورة وطنية واستجابة مسؤولة لأماني وتطلعات الشعب الفلسطيني وإصراره على المقاومة والصمود البطولي الذي شهدناه وشهده العالم في غزة هاشم.

وأيقن الجميع أن مواجهة العدو الصهيوني الذي يريد القدس والضفة وكامل فلسطين، لن يكون إلا بتلاحم الصف واتباع سبيل المقاومة بكل أشكالها العسكرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية.

فإذا ما وحدت الفصائل الفلسطينية جبهتها – ونأمل من الله ديمومتها – في مواجهة العدو الصهيوني، فإن على العرب أن لا يخذلوا الفلسطينيين ويكونوا لهم الدرع الواقي دعماً مادياً واقتصادياً وإعلامياً، ومساندة بلا حدود ولا معوقات، وعلى كل الصعد الإقليمية والدولية، وتسخير كل ما بأيديهم من أوراق للضغط على المجتمع الدولي، ليأخذ - في أضعف الإيمان - موقفاً فيه القليل من العدالة والتمسك بالشرعية الدولية التي تجهضها الولايات المتحدة وبعض حلفائها، ولا اعتقد أن العرب تنقصهم مثل هذه الأوراق وما أكثرها بأيديهم لو أحسنوا استخدامها بتصميم وشجاعة وصلابة، حتى يرضخ العدو الصهيوني لمطالب الفلسطينيين العادلة، في التحرر من الاحتلال، وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس.