الحاكم الذي يستأثر بالسلطات كلها

عبد الله القحطاني

يكون كل ثناء له ، وكل نقمة عليه !

عبد الله القحطاني

إنها سنّة الحياة ، عامّة ، وسنّة كل ما فيها ، من عناصر أساسية : فهي سنّة العدل ، وسنّة المنطق ، وسنّة العقل السليم !

·   الغنم بالغزم ! فمن يملك الصلاحيات كلها ، والسلطات كلها .. يتحمّل ، بالضرورة ، المسؤوليّات كلها : مسؤوليته عن البلاد كلها ، وعن الشعب كله !

·   إنه يتحمّل مسؤوليته ، عن أقواله وأفعاله .. ويتحمّل المسؤولية كاملة ، عن سلوك كل موظّف من موظفي دولته .. فيحاسبه على كل إساءة ، أو تقصير، لأنه هو المخوّل بمحاسبته .. ولأن الموظّف المسيء ، أو المقصّر ، إنّما يستمدّ صلاحيته وسلطته ، في عمله ، الذي مارس فيه الإساءة والتقصير ، من الحاكم نفسه !

·   الموظّف الصالح ، ينعكس صلاحه على الحاكم ، ثناء عليه ، من قِبل شعبه .. والموظّف الفاسد ، ينعكس فساده على الحاكم ، سخطاً ونقمة ، من قِبل شعبه !

·   موظّف الأمن ، الذي يقتحم بيوت الناس ، يفتّشها ، ويعتقل بعض مَن فيها من البشر، إنّما يفعل ذلك ، بسلطة الحاكم ، لا بسلطة خاصّة ينفرد بها هذا الموظف ، ولا بقوّة بأسه ، أو بأس أهله وعشيرته ! ولولا سلطة الحاكم ، لما جرؤ على اقتحام أيّ بيت من بيوت المواطنين .. فهو ، من وجهة نظرهم ، نكرة لا وزن لها ، ولا شأن .. وإنّما فِعله هو فِعل الحاكم نفسِه ، الذي عيّنه ، ويملك محاسبته ومعاقبته وعزله !

·   كثرة إساءات الموظفين ، ضدّ أبناء شعبهم ، تدلّ على فساد الحكم ، وبالتالي على فساد الحاكم ، نفسه .. أوتدلّ على ضعفه ، أو عجزه عن معاقبة موظّفيه ، وعن كفّ أذاهم عن المواطنين !

·   تحرك الشعوب ضدّ حكّامها ، إنّما يكون ، في الغالب ، بسبب فساد الموظّفين ، واعتدائهم على أرواح الناس وممتلكاتهم ! ويندر أن توجد حالة من التحرك الشعبي ، ضدّ موظف ، أو مجموعة موظّفين .. لمعاقبتهم ! لأن الناس يعلمون ، أن هؤلاء الموظّفين ، هم أدوات الحاكم ، التي تنفّذ أوامره ورغباته !

·   كم من الحكّام الستبدّين ، مَن يَعي هذه الحقائق !؟ وكم منهم من قام بحملة تطهير حقيقية، للجهاز الوظيفي في بلاده ، فخرج شعبه الذي نقم عليه ، بسبب فساد موظّفيه، إلى الشوارع .. ليهتف بحياته ، بصدق ، وحماسة حقيقية !؟

·   وكم من الحكّام المستبدّين ، مَن أطلق أيدي موظّفيه ، في الإساءة إلى مواطنيه ، وأعفى هؤلاء الموظّفين من المسؤولية ، مستنداً إلى مايملك من قوّة الدولة وأجهزتها.. ليزيد الناس في بلاده ، سخطاً عليه ، وتبرّماً به ، وتحفزاً للإطاحة به !