حالة الشرذَمة العربية

ماجد زاهد الشيباني

حالة الشرذَمة العربية:

ذريعة ممتازة، لتنصّل كل حاكم، من مسؤولياته القومية!

ماجد زاهد الشيباني

·  ما يصنعه المرء لنفسه ، من أدلّة وبيّنات خاصّة ، لا يعدّ حجّة على الآخرين ، في حالة التقاضي بينه وبينهم .. كمن يكتب لنفسه ورقة ، يسجّل فيها ديناً على أحد الناس ، دون أن يكون هذا المدين المفترض ، قد وضع عليها إمضاءه ، أو أقرّها أمام شهود ، أو نحو ذلك ، من أصول الإثبات القانونية ، المعمول بها في القضاء !

·  الحجّة التي يحتجّ بها بعض الحكّام العرب ، اليوم ، للتنصّل من واجباتهم ، تجاه القضية الفلسطينية ، وهي حجّة التفرق العربي .. لا تعدّ حجّة مقبولة ، بأيّ مقياس ، أو اجتهاد عقلي ! لأنها من صناعتهم ، هم ! فهم الذين يمسكون بزمام الأمور، من سنين طويلة ، تمتد إلى عقود عدّة ، لدى بعضهم .. وتزيد على عقد من السنين ، لدى بعضهم ، على رأس هرم السلطة .. عدا الفترات التي أمضوها في مطابخ القرارات ، إلى جانب رؤسائهم ! وهم القادرون ، وحدهم ، على توحيد الصفّ العربي ، وجمع كلمته ! لأن الشعوب الطامحة إلى الوحدة ، والمطالِبة بها .. لاتملك من أمرها شيئاً ، حتّى لو اتّحد كل شيء لديها : الدين ، واللغة ، والثقافة ، والتاريخ ، والفنّ ، والأدب ، والطموح ، والحلم ، والأمل ، والألم .. فهذا كله شيء ، والاتّحاد السياسي والأمني والعسكري والاقتصادي ، شيء آخر !

·  مايردّده أكثر الحكام العرب ، من حديث ، عن أخطار التفرّق والتمزق والشرذمة ، على الأمّة ، كلها .. وعن ضرورة الوحدة العربية ، أو الاتّحاد .. للمحافظة على كيان الأمّة  قوياّ ، في عالم لا يعترف إلا بالأقوياء .. مايردّده أكثر الحكام العرب ، من هذا الكلام ، هو حجّة قاطعة على من يردّدونه ، جميعاً ! لأنهم ، هم ، صنّاع الفرقة ، وهم صنّاع الوحدة ، لو أرادوها ! وحتّى لو أصرّ حاكمان ، على توحيد دولتيهما ، دون الآخرين .. فلهما حقّ اتّخاذ القرار، بهذا الشأن ! ولو أراد حاكم آخر، أن يتّحد معهما ، فله حقّ اتّخاذ القرار، بهذا الشأن ، أيضاً! وبناء عليه ؛ لايحقّ لأيّ حاكم ، أن يقول: العرب متفرّقون ، وماذا أستطيع أن أفعل أنا ، وحدي .. فأنا ، إذن ، معذور؛ لأن العين بصيرة ، واليد قصيرة !

·  شيء واحد ، يمكن أن يرفع المسؤولية ، عن كواهل الحكّام ، الذين يتحدّثون عن ضرر الفرقة ، وعن وجوب الاتّحاد .. وهو : أن يقِرّوا بأنهم ليسوا أصحاب قرار في دولهم ، وأن قراراتهم مسلوبة منهم ، من قِبل جهات أخرى ، وأنهم مجرّد وكلاء في دولهم ، لصنّاع قرار دوليين كبار، وأن كلمات : السيادة ، والقرار المستقل ، وغيرها .. إنّما هي للمتاجرة بها ، أمام الشعوب ! فلو قال الحكّام ، محبّو الوحدة ، وكارهو التفرق ، لو قالوا هذا الكلام ، أو مثله .. لأعفَوا أنفسهم ، من مسؤولية الشرذَمة والتمزّق ، ولأعذَروا أمام شعوبهم ، من هذه الناحية ! لتُوجّه إليهم الشعوب ، عندها ، سؤالاً آخر، وقد لايكون أخيراً ، وهو : فماذا تفعلون ، إذن ، فوق صدورنا !؟