رجل ولا كل الرجال
رجل ولا كل الرجال
فيصل الشيخ محمد
لا يستطيع الإنسان إلا أن يقف باحترام أمام الرجل رجب طيب أردوغان في زمن عزَّ فيه وجود الرجال.. فموقف هذا الرجل في التجمع الدولي في دافوس، وهو يخرج من القاعة منصوب القامة، مرفوع الرأس، عالي الهامة، بعد أن كال لرأس الكيان الصهيوني ما يستحقه من الرد على أكاذيبه وافتراءاته، مسفّهاً ما لاقى كلامه من تصفيق من كان في تلك القاعة من بلهاء وإن معه وتبع وأذناب لواشنطن ولندن وتل أبيب، عن وعي أو غير وعي يجعلنا – كما قلت – أن نقف باحترام أمام قامته المنصوبة، وهو يرفض بإباء وشموخ أن يتستر على جرائم الصهيونية وما سفكته في غزة من دماء الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين، وما دمرت من مساجد ودور علم وأبنية ومؤسسات وأسواق وتجمعات سكانية، وما جرفت من تربة وما قطعت من شجر وما دمرت من زرع وجففت من ضرع، وما صبت من حمم وما أفسدت من هواء بالغازات السامة والمواد الكيميائية.
والمخجل أننا لم نجد لأي عربي وجود في ذلك التجمع – وهم كثر – يقف موقف ذلك الرجل أو يشد أزره أو يتعاطف معه؟!
سيذكر التاريخ بمداد من ذهب موقف أردوغان.. وستظل الأجيال بعد الأجيال تردد اسمه وتحكي قصته وتروي بطولته وشجاعته.. وتضعه في قائمة رجال هذه الأمة الذين خلدهم التاريخ: المعتصم وصلاح الدين والمظفر قطز ويوسف بن تاشفين وألب أرسلان.
ولم تخذل الشعوب أبطالها.. فقد استقبلت جموع الآلاف بعفوية بطلها الذي قال: أنا أمثل ضمير تركيا وشرفها..ونزيد نحن ونقول إنك يا أردوغان تمثل ضمير وشرف العرب والمسلمين، فهذه غزة هاشم نهضت من وسط الركام والجراحات تصدح باسمك.. وصرت أغنية وأنشودة ترددها حناجر أطفالنا ونسائنا وشيوخنا وشبابنا.
فألف ألف تحية لهذا الرجل الذي بمثله نعتز ونفخر ونشير إليه بالبنان، فهو الوحيد – بعد المقاومة البطلة لأهلنا في غزة الذين صمدوا بأجسادهم العارية وبطونهم الخاوية في وجه آلة الحرب الصهيونية الجهنمية – هو الوحيد الذي صمد بتحد وكبرياء في وجه أعتى قوة عالمية تسيطر سياسياً وإعلامياً وعسكرياً على معظم فعاليات هذا العالم في مثل هذا الزمن الرديء، الذي عزَّ فيه وجود الرجال!!