ماذا بعد فشل الاعتداء على غزة؟

ماذا بعد فشل الاعتداء على غزة؟

 جميل خرطبيل/ رئيس تحرير موقع فلسطيني

 القرار الأمريكي الصهيوني بالقضاء على المقاومة الفلسطينية والذي شاركت فيه سلطة أوسلو ودول الاعتدال وعلى رأسها مصر والسعودية.. بدأ بمحاولة محاصرة حماس لأنها رأس المقاومة منذ فوزها بالانتخابات التشريعية (الديموقراطية) ومروراً بمحاولات إسقاط حكومة الأخ إسماعيل هنية، ثم حصار القطاع حوالي السنتين. وخلال ذلك سار خطان تآمريان مترابطان الأول الاعتداءات "الإسرائيلية" المستمرة كطبيعة عدوانية للكيان تعتمد على القوة العسكرية الإرهابية، والثاني مؤامرات سلطة دايتون أوسلو لقلب الأوضاع في القطاع وترافقه حملة إعلامية شرسة ساهم فيها كثير من حملة الأقلام الساقطة!

ولما فشلت كل تلك المحاولات سياسياً وعسكرياً وتآمرياً، كان لا بد لأعداء فلسطين وشعبها من رفع وتيرة السياسة إلى أقصاها لحسم الموقف؛ فكان العدوان الهمجي على القطاع والذي استمر ثلاثة وعشرين يوماً، ولكن لم يستطع العدو ولا من هم معه من جماعة أوسلو وعرب الخيانة، من تحقيق أي هدف قريب أو بعيد، ظاهر أو معلن، فقد فشلت كل المحاولات الممكنة أمام صمود شعبنا ومقاومته في القطاع.

وفظاعة جريمة الإبادة والتدمير واستخدام كل أنواع الأسلحة الفتاكة، تجعلنا نسخر من التركيز على مقولة أسلحة محرمة دولياً، فهل غير المحرمة دولياً أخف تدميراً ووحشية، وهل الألف طن وقتل الآلاف والتدمير الفظيع مباح إن كان بسلاح تقليدي؟!

إن عجز المؤامرة الدولية على إنهاء القضية الفلسطينية والمدافعين الشرفاء عنها لصالح المشروع الأمريكي الصهيوني، وتحويل جوهر الصراع العربي الصهيوني إلى صراع فلسطيني صهيوني ثم إلى صراع "إسرائيلي" ضد حماس ثم إلى مجرد قضية القطاع والحصار، ومحورة وتقزيم الحل بفك الحصار وإدخال المساعدات والإعمار تحت المراقبة الدولية ومنع تهريب السلاح.. كل هذا ليس إلا عهراً سياسياً تصنعه مواخير السياسة الإمبريالية الأمريكية الصهيونية والغربية وبمشاركة خدم وأذناب فلسطينية وعربية!

ومحاصرة القطاع دولياً بحراً وبراً وجواً لمراقبة (تهريب) السلاح، تجعلنا نقف عند كلمة (تهريب) التي تسيطر على الإعلام حتى عند بعض القنوات العربية (اسماً)، فهي تعني ارتكاب جريمة شنعاء لا أخلاقية، بينما من حق الشعب الفلسطيني أن يقتني كل أنواع السلاح ليدافع عن نفسه وهذا حقه الطبيعي والقانوني والأخلاقي والإنساني، ويؤمن به من فيه ذرة شرف وضمير. والمثير للسخرية والقرف أن الكيان الصهيوني ترسانة سلاح وبكل أنواعها وهو رابع قوة في العالم، ولا يطرح أولئك (أنصار السلام!) نزع السلاح عن الكيان الصهيوني أو مراقبته، ونذكر أنه أثناء تدمير قطاع غزة بالهمجية التي لا قدرة للغة على وصفها، أعلنت أمريكا عن حق الكيان في الدفاع عن نفسه بل وإرسال السلاح والذخيرة إليه وعلناً!

فالكلمة توحي بأن الكيان مسالم مسكين يواجه مجرمين يهربون السلاح بكل أنواعه (الخطيرة والمدمرة) للاعتداء عليه، والكيان وهو الضعيف (الحمل الوديع) بحاجة إلى حماية دولية (أمريكية فرنسية بريطانية ألمانية.. وأيضاً مصرية..)، وتلك السفالة الإعلامية الموجهة من (... ) تلك الدول الاستعمارية يجعلنا نؤكد أنهم أعداؤنا ولم ولن يكونوا يوماً ما معنا!

إن ما عجز عنه العدوان الأمريكي الصهيوني الأوسلوي والعربي المتأمركين والمتصهينين سياسياً وبكل درجاته (العمل العسكري هو سياسة في أقصى درجات عنفها)، لن يتمكن من تحقيقه عبر استغلال قضية التهدئة والمراقبة وتقييد المساعدات وفتح المعابر حتى لو فرض سلطة أوسلو الخائنة. فشعبنا ومقاومتنا المعبرة عنه ناضجان وواعيان بما فيه الكفاية، ولن نقلق مطلقاً على قيادة المقاومة والثورة الفلسطينية ما دام على رأسها شرفاء أثبتوا مصداقيتهم على أرض الواقع كحماس.

ونحن كمثقفين وطنيين وواعين ومنا القوميون والمتدينون والعلمانيون والماركسيون والاشتراكيون نعلن ما يلي:

1- الكيان الصهيوني الإسرائيلي اليهودي هو قاعدة استعمارية لخدمة الإمبرياليات الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.

2- الإيمان المطلق بتحرير فلسطين كلها من البحر إلى النهر، وهي لشعبها العربي الفلسطيني.

3- لا اعتراف ولا صلح ولا سلام ولا مفاوضات مع العدو الصهيوني الإسرائيلي اليهودي. وكل المشاريع التي طرحت كمشروع الدولتين أو الدولة الواحدة هي مشاريع هدفها إنعاش الكيان الصهيوني ومنحه الشرعية والحياة، في الوقت الذي بدأت المقاومة تؤثر فيه.

4- التمسك بالميثاق الوطني الفلسطيني لعام 1968.

5- سلطة أوسلو وكل من يدور في فلكها تمثل نفسها فقط، ولا علاقة لها بفلسطين ولا بشعب فلسطين. وهي أداة صهيونية لضرب مشروعنا التحرري.

6- نطالب فصائل المقاومة التي ناضلت وكافحت دفاعاً عن القطاع وشعبه، أن تشكل قيادة ديموقراطية، لتقود المرحلة القادمة في بناء منظمة التحرير الفلسطينية والوحدة الوطنية السياسية القائمة على أرضية المقاومة والتحرير الكامل، وتشكيل جبهة تحرير فلسطينية واحدة تضم كل الفصائل التي تؤمن بالمقاومة والتحرير وتحت راية واحدة هي علم فلسطين. وتأمين متطلبات حرب التحرير من السلاح والتدريب..

7- هدفنا الجوهري التحرير فلا نريد دولة مزيفة وكرتونية، ولكن نحتاج إلى شبه حكومة/ بلدية في المناطق المحررة بالمقاومة، لتسيير شؤون شعبنا المدنية الاجتماعية والعلمية والخدمات والأمن.. وبناء القاعدة الاقتصادية المتحررة من الارتباط بالاقتصاد الصهيوني.

8- تأهيل القطاع ليكون الأرضية الصلبة في متابعة التحرير لبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك الأراضي المحتلة منذ عام 48.

9- يجب أن يتحرك شعبنا في الضفة لإسقاط سلطة أوسلو وتقديمهم للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى، وتفعيل دور الضفة مثل القطاع.

10- شعبنا الفلسطيني واحد موحد في الداخل والمهاجر ولكن سلطة أوسلو هي التي قسمته بخروجها على الميثاق الوطني والثوابت الوطنية، لذلك إعادة وحدة شعبنا تكون على أحادية الموقف الجامع والمبني على أرضية الثوابت في المقاومة والتحرير الكامل.

11- دور شعبنا في الأراضي المحتلة عام 48 وفي المهاجر كما هو دور القطاع والضفة في معركة التحرير، ولكن لكل دوره وظروفه الذاتية والموضوعية.

12- القضية الفلسطينية هي قضية عربية، لذلك نطالب الدول العربية الوطنية والشعوب العربية كلها والحركات والأحزاب الوطنية.. الوقوف الكامل إلى جانب ثورتنا ودعمها اللامحدود في كل شيء، لأنها مسؤولة عن التحرير كمسؤولية شعب فلسطين، وما الثورة الفلسطينية إلا جزء من الثورة العربية.

13- وبما أن القضية الفلسطينية قضية حق وعدل وإنسانية ومقياس لتلك القيم، يجب أن تقف إلى جانبها قوى الخير في العالم كله.

لقد أثبت انتصار قطاع غزة امتلاكَ الشعب الفلسطيني ومقاومته القدرة على خلق توازن الردع كما أثبته انتصار لبنان المقاومة في تموز عام 2006، وهذا يعني فقدان كيان القاعدة العسكرية أهم أركانه في تحقيق الأمن لنفسه والردع والقمع للفلسطينيين والعرب. وأعادت المتغيرات العدو إلى خانة القلق الوجودي للكيان كله، وهذا يزيدنا إيماناً مطلقاً بالقدرة على القضاء على ذاك الكيان وتحرير فلسطين كلها.