أوباما الإمبراطور:
أوباما الإمبراطور:
هل يحرّر الشعوب المسحوقة ،
من استعباد حكّامها المستعبَدين له !؟
عبد الله القحطاني
· أن يحرّر أوباما الإمبراطور ، سليلُ العبيد المحرّرين .. بعضَ العبيد ، والمستعبَدين ، في أمريكا ، أو في أنحاء أخرى من العالم .. فهذا أمر إنساني مفهوم !
· لكن ، أن يحرص إمبراطور أمريكا ، على تحرير شعوب وأوطان ، من العبودية .. فهذا أمر فيه نظر ، إنسانياً وسياسياً ! والنظر إليه ، يكون من زاويتين :
1) الزاوية الأولى : هي أن تكون الشعوب والأوطان ، خاضعة لإمبراطورية غير إمبراطوريته !
كأن تكون الإمبراطورية ، عدوّة لأمريكا ، أو منافسة لها ! فالإمبراطور الأمريكي يسعى ، بكل قوّته ، لتحرير الشعوب الخاضعة لتلك الإمبراطورية، العدوّة ، أو المنافسة.. لإضعافها ، أولاً .. ثمّ للبحث عن مكاسب ، أو مناطق نفوذ أمريكية ، داخل تلك الاوطان المحرّرة ، وبين تلك الشعوب المحرّرة ! وهذا مافعلته أمريكا، بعد الحرب العالمية الثانية، في إصرارها على كنس النفوذ الاستعماري القديم ، البريطاني والفرنسي ، من دول العالم العربي .. لتُحلّ محلّه نفوذها الأمريكي ، الخاصّ بها .. برغم أن بريطانيا وفرنسا ، كانتا حليفتين لأمريكا ، في الحرب العالمية الثانية ! لكن المنافسة على الهيمنة والنفوذ ، في الصراعات الدولية ، تكون حتّى بين الحلفاء ! وينسحب هذا ، أيضاً ،على ماقدّمته أمريكا، من مساعدات ضخمة ، للثوار الأفغان ، في حربهم ضدّ الاتّحاد السوفييتي ، العدوّ الأول لأمريكا ، والمنافس الأقوى لها ، والذي اضطرّ إلى ترك أفغانستان ، بعد صراع دامٍ مرير ، كان لأمريكا دور بارز فيه !
2) الزاوية الثانية : هي أن تكون الشعوب والأوطان ، خاضعة للهيمنة الأمريكية ، أو النفوذ الأمريكي ، عبر حكّام وكلاء لأمريكا ، على شعوبهم وأوطانهم !
وهنا يكون الجانب السياسي ، هو الأقوى ، والأكثر أهميّة وتأثيراً ، مهما كان للجانب الإنساني من مكانة ، في قلب الإمبراطور ، أو وجدانه !
فلا يتصوّرعاقل ، له إلمام بالسياسة ، أن يسعى إمبراطور أمريكا الجديد ، أو أيّ إمبراطور في العالم .. إلى تحرير الشعوب والأوطان ، من نير هيمنته ، أو نفوذه ، تحت ذريعة نشر الديموقراطية ، بين هذه الشعوب المستعبَدة ،المسحوقة بنير الاستبداد الداخلي ، المدعوم من أمريكا ، إمبراطورية العصر! ولو حاول أوباما ، أو غيره من حكّام أمريكا ، نشر ديموقراطية حقيقية ، بين الشعوب الخاضعة لأمريكا ، عبر وكلائها..لاتّهِم بالجنون ، أو بخيانة المصالح الأمريكية ، أو بالتفريط بهذه المصالح ، من أجل نزعات إنسانية خاصّة ، لا وزن لها في ميدان الصراع الدولي !
ولقد أوضح هذا الأمر ، بجلاء ، الرئيس الأمريكي الأسبق ، نيكسون .. في أحد كتبه ، حين صرّح ، علانية ، بأن بعض ذوي النيّات الطيّبة ، والمشاعر الإنسانية النبيلة ، يلومون الحكومة الأمريكية ، على دعمها لحكّام طغاة مستبدّين فاسدين ، يخنقون حريّات شعوبهم ! كما يعلن ـ الرئيس نيكسون ـ أن أمريكا ليست مستعدّة ، للتفريط بمصالحها في العالم ، إرضاء لأصحاب النيّات الطيّبة ، والمشاعر الإنسانية النبيلة ، هؤلاء !
فهل يقدِم أوباما ـ بطوعه واختياره ، دون ضغط أو إكراه ، من الشعوب المسحوقة ، أو من دول قويّة أخرى ـ .. هل يقدم ، مهما بلغت درجة نبله الإنساني .. على تحطيم أركان الاستبداد السياسي ، المرتبط بدولته عبر وكلائها الحكّام (الوطنيين !) .. لتحرير الشعوب المستعبَدة ، من نير الطغيان الداخلي .. لتمارس ديموقراطيتها ، التي تتيح لها أن تقول لأمريكا : ارحلي عنّا ، وكفاك هيمنة على مقدّراتنا وقراراتنا !؟
نحسب هذا بعيداً جداً ، على مستوى الفكر السياسي ! بصرف النظر عن أحلام الحالمين ، من أبناء الشعوب المسحوقة .. وبصرف النظر عن تصريحات أوباما ، وتصريحات بوش من قبلِه .. التي دغدغت أحلام البائسين ، الحالمين بقشّة تنقذهم من الغرق ، الذي يعانون فيه نزعات الموت ، من سنين طويلة .. بشتّى أنواعه ، السياسي منها ، والاقتصادي ، والاجتماعي ، والإنساني !
وللـّه درّ القائل :
إذا أنتَ لم تعرفْ لنفسكَ حقّها هواناً بها .. كانت على الناس أهوَنا !