تقاسموا بالحسنى لكم المال الحلال

تقاسموا بالحسنى لكم المال"الحلال"

لهم المال "الحرام"

أديب طالب / معارض سوري

[email protected]

المال "الممانع" الإيراني حلال. المال "المعتدل" العربي حرام. مال الدول "الصليبية" المانحة حرام. على أشلاء الجثث المتعفنة المتفسخة المختفية تحت الأنقاض، وعلى الشهداء من وجدوا قبوراً والشهداء من ما زالوا يبحثون لهم عن قبور، وعلى آلام الجرحى والمعوقين، وعلى ركام البيوت المهدمة، وعلى الكتل البشرية الملقاة في الشوارع والخرائب ومدارس الأونروا، وعلى سحابات الهواء الغزاوي حيث ترفرف أرواح المدنيين الأبرياء... على كل ذاك الركام وعلى كل تلك الأكوام المقدسة؛ والتي صدرت نشرة أسعارها في 22/1/2009 عن "رويترز": أعلنت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أمس أنها ستبدأ في توزيع ما يصل الى 4000 يورو (5180 دولاراً) نقداً على العائلات التي عانت من الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة.

وقال المتحدث باسم حكومة "حماس" المُقالة طاهر النونو في غزة للصحافيين أنه سيتم توزيع ما مجموعه 28,6 مليون يورو (37 مليون دولار) ابتداء من بعد غد الأحد.

وأضاف أن العائلات في قطاع غزة التي دمرت منازلها بالكامل ستحصل على 4000 يورو في حين أن العائلات التي تضررت منازلها فقط ستحصل على 2000 يورو، مشيراً الى أن "حماس" ستدفع أيضاً 1000 يورو لكل عائلة قتل أحد أفرادها و500 يورو لكل عائلة أصيب فرد منها.

على كل ذاك الركام وعلى كل تلك الأكوام المقدسة:

يختلفون، ومن؟ القادة! يتشاتمون! من سيقبض أولاً؟ ومن سيقبض أكثر؟ كان الرد على دعوة العالم، كله، لحوار وطني فلسطيني، لاتفاق حول حكومة وطنية تدير الكارثة وتبحث عن بعض الحلول...... التشاتم وتبادل تهم النهب والسرقة والفساد.

أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عبد ربه قال:

حول اتهامات مشعل للسلطة الفلسطينية بالفساد: "من يسرق شاحنات الإغاثة في غزة ويحولها لأنصاره، ويحرم أهل غزة وأطفالها منها؟ ومن ينهب أموال المساعدات المقدمة لشعبنا بالشنط والحقائب؟".

القاهرة تستعد لاستضافة مؤتمر دولي لإعادة إعمار القطاع في شباط المقبل، مشيرة الى أن الدول المانحة هي التي ستحدد الجهة التي ستتلقى الأموال. وهذا كلام معقول فمن حق من يدفع أن يشترط واليد العليا خير من اليد السفلى ولها القرار حكماً.

المعقول أيضاً أن تقبض حماس من "الإيراني" المال الحلال، فالإيراني هو الذي حمّس حماس على رفض التهدئة وعلى إطلاق الصواريخ وعليه تقع مسؤولية الإعمار وتعويض العائلات عن شهدائها وجرحاها ومعوقيها وننصحه ألا يتقيّد بنشرة الأسعار التي أوردتها رويترز لأن أرقامها هزيلة ومهزلة ولا نظلم "الإيراني" إذ نطالبه بالدفع فقد دفع أهالي غزة أطفالهم ونساءهم وشيوخهم الى المقابر، حتى يبدؤوا بإلقاء إسرائيل وأهلها الى البحر كما قرر رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد محمود أحمدي نجاد حفظه الله ورعاه.

من المؤكد أن في غزة فتحاويين، وليس كل سكانها حمساويين. ومن المؤكد أن في الضفة حمساويين وليس كل سكانها فتحاويين. ونرى أن الحل هنا أن يتفاوض حمساويو الضفة مع فتحاويي غزة من جهة التعويضات ونسبة العشرة بالمئة التي تتقاضاها شركات تحويل الأموال فأدفعها أنا العبد الفقير لله تعالى.

قد يعترض بعض المتشددين على خلط المال الحلال الإيراني مع المال الحرام العربي و"الصليبي" وهذا صحيح إلا أن الضرورات تبيح المحظورات.

إن هذه الحلول التي نطرحها حلول موقتة ريثما تبرد الجراح وريثما تتعمر البيوت وريثما ننسى الموتى. الحل الحقيقي إقامة دولتين فلسطينيتين واحدة في الضفة، وواحدة في غزة وهذا لا يستقيم إلا إذا نقلنا حماسيي الضفة الى غزة، ونقلنا فتحاويي غزة الى الضفة. ويجرى في كل دولة استفتاء شعبي ملزم حول خيار المقاومة او خيار التسوية تقرر كل دولة سياستها على ضوء الاستفتاء المذكور. وهذا ليس مستحيلاً فقد سبق وانتخب الشعب الفلسطيني رئيساً وانتخب حكومة أيضاً وهو متعود على التقاليد الديموقراطية التي تمارس عادة لمرة واحدة!!!

لولا أن الجغرافيا تفصل بين غزة والضفة لكان الحل اللبناني أفضل الحلول، حكومة وفاق وطني تجمع المعارضة والموالاة، ولكنها الجغرافيا ـ قاتلها الله ـ سبب كل المصائب.