فتح تحتج على حكومة فياض

شكر الله سعيكم

ياسر الزعاترة

صحيفة الدستور الأردنية

في مواجهة قمع و"تقنين" مختلف أشكال التعاطف مع أهل غزة في مواجهة العدوان الصهيوني، قامت عدة كتل برلمانية بإصدار بيان تلته يوم السبت النائبة الدكتورة حنان عشراوي، ووقعت عليه كتلة فتح، كتلة الشهيد أبو علي مصطفى، قائمة البديل، قائمة فلسطين المستقلة، وقائمة الطريق الثالث.

من المفيد التذكير هنا، أن لقائمة الطريق الثالث مقعدين في المجلس التشريعي، أحدهما لحنان عشراوي، أما الثاني فهو لسلام فياض رئيس الوزراء في "الحكومة الشرعية" في رام الله، وهي شرعية بالطبع لأن ثمة حكومة غير شرعية في قطاع غزة تملك في المجلس التشريعي 76 مقعداً (الفرق ليس كبيراً بين الحكومتين، فقط 74 مقعداً) ، البيان الذي وقعته الكتل البرلمانية أعلن استنكاره واستهجانه "الشديدين" لتنامي حالة من قمع الحريات تقوم بها الأجهزة الأمينة الفلسطينية في الضفة الغربية، والتي من مظاهرها، والكلام للبيان: (الاعتداء على بعض الفعاليات الاحتجاجية، ملاحقة الأجهزة الأمنية لبعض النشطاء في حملات جمع المساعدات العينية في محافظات مختلفة، والتهديد باعتقالهم أو مصادرة ما يجمعونه، استمرار وجود معتقلين سياسيين في سجون السلطة تحت مسميات وذرائع مختلفة).

هكذا إذن، تحتج النائبة في كتلة الطريق الثالث على سلوك حكومة زميلها الوحيد في المجلس، ثم هذه كتلة فتح تحتج أيضاً، وهي مرجعية الحكومة، ومعها سائر فصائل منظمة التحرير، فمن هو المسؤول يا ترى عما يجري في الضفة الغربية (كلكم يبكي، فمن سرق المصحف؟).

حكومة منْ هذه التي تتحرك في الضفة، والتي تقمع المظاهرات وتضع المجاهدين في السجون، وتتعامل مع ما يجري في قطاع غزة كما لو كان في بوركينا فاسو؟ أليست حكومة حركة فتح (وقعت على البيان)؟ هل هي حكومة منظمة التحرير (جميع فصائلها وقعت)؟، هل هي حكومة الطريق الثالث، أم حكومة الجنرال دايتون الذي يدرب الأجهزة كي تحافظ على الأمن وليس كي تقاتل الإسرائيليين؟، أين حركة فتح من هذا الذي يجري، أين لجنتها المركزية ورجالها الكبار، لماذا لا نسمع منهم غير فاروق القدومي، هو الذي يعلم الجميع أنه لا يمون على شيء، رغم أنه أمين سر الحركة؟، حركة فتح اليوم تتشكل عملياً من السيد الرئيس ومعه أحمد عبدالرحمن وياسر عبدربه (حزب فدا) ونمر حماد ونبيل عمرو ونبيل أبو ردينة والطيب عبدالرحيم، وينضم إليهم أحياناً عزام الأحمد، وهؤلاء جميعاً لا شغل لهم غير الردح لحركة حماس والهجوم عليها، وهم غير معنيين سوى بالعودة المظفرة إلى قطاع غزة، أما الجار الإسرائيلي فيمكن تأجيل بحث النزاعات الحدودية معه إلى وقت آخر، لا سيما أنه لا يقصر في إيصال المعونات الدولية وتسهيل حركة مرور القادة من وإلى الخارج حتى يتابعوا مهماتهم في مطاردة حماس بالسياسة في الوقت الذي يطاردهم هو بالطائرات والدبابات والأسلحة المحرمة دولياً.

عن أي فتح يتحدث البعض، وكيف يحدث أن تعثر على أناس يزعمون حب فلسطين والانتماء للأمة، ثم يدافعون عن حركة لا نجد فيها غير من ذكرنا، بينما يأوي الآخرون إلى الظل، إما خوفاً من قطع رواتبهم ومخصصاتهم، أو خوفاً من غضب الاحتلال لمن يتواجدون منهم في الداخل، من دون أن نعدم بعض الأصوات المحدودة المغايرة هنا وهناك، وإن لم تؤثر في المسار العام.

تلك هي مأساة قضية فلسطين الحقيقية، وما عدا ذلك كذب وهراء، إذ ليست المشكلة في الانقسام، بل في تحوّل فتح إلى حزب حاكم يعلن زعيمه الأول أنه يرفض المقاومة ويراها شكلاً من أشكال العبث الذي يدمر الشعب.

كيف يحدث أن يكون لمثل هذا الوضع أنصار ومؤيدون، بما في ذلك طلبة في الجامعات يهتفون للشهيد الرمز "أبو عمار" ولا يسألون عمن تآمر عليه، بل حاول الانقلاب عليه بالقوة المسلحة، ثم من قتله وسرق الحركة من بعده وغيّر مسارها؟

ما يجري في الضفة عار على فتح إذا لم تغيّره، وليس على رئيس حكومة هبط بالبراشوت على الشعب الفلسطيني، والحركات لا تقيم بتاريخها القديم، بل بمسارها الأخير، والأعمال بخواتيمها كما في الحديث الشريف.