غزة المستباحة بين المعتدلين والممانعين
فيصل الشيخ محمد
رحى الموت النازية تطحن غزة الأرض والإنسان والشجر والحجر والهواء.. وهناك في العواصم العربية المعتدلة والممانعة أصحاب قرار تائهون بين قمة استشارية وقمة تنديد وشجب وإدانة.. والدماء تتفجّر أنهاراً من أجساد الأطفال والنساء والرجال.. وذرات الحجر والتراب والفسفور الأبيض السام كل ما تتنفسه رئتي إنسان غزة وحيوانها وطيرها وشجرها.
المعتدلون لم يقدموا شيء سوى منح المزيد من الوقت لتفعّل آلة الحرب الصهيونية في أهلنا المزيد من الموت، وفي تراب غزة وأبنيتها المزيد من الخراب والدمار، وفي شجرها المزيد من الاستئصال والحصاد.
الممانعون لم نسمع منهم إلا بيانات الشجب والتنديد وعبارات التخوين والتقاعس والتآمر على فلسطين والقضية الفلسطينية، والرقص على دماء أهل غزة والنشوة في تنسم رائحة دخان الموت فيها.
فلا المعتدلون طردوا السفراء الصهاينة من عواصمهم ، أو أعلنوا موت مبادرة السلام العربية، ولا توقفوا عن الاتصال بالصهاينة النازيين المباشرة أو بالواسطة، ولا توقفوا عن طرح مبادراتهم التي تساوي بين الضحية والجلاد.. ولا الممانعون سمعنا هدير صواريخهم ولا أزيز طائراتهم تخترق سماء الكيان الصهيوني الغاصب غضباً على كل ما يجري في غزة.
العرب اليوم يعيشون أزمة ضمير ونخوة ورجولة.. فجيوشهم جرارة (مليوني جندي) وصواريخهم لا تعد ولا تحصى (أكثر من نصف مليون صاروخ بعيد المدى وقصيره ومتوسطه) وطائراتهم يمكن لها أن تحجب الشمس (ثلاثة آلاف طائرة حربية متنوعة بين هحومية ومعترضة وقاذفة) وأساطيلهم بمكن لها ملأ عباب البحر من طرطوس حتى الإسكندرية (مدمرات فرقاطات كاسحات ألغام طوربيدات وزوارق حربية).. إذن العيب ليس في الجيوش والأسلحة، إنما العيب في أصحاب القرار ومن يمسكون بزناد تلك الأسلحة!!
فهل نسمع الآن قبل الغد من ينتفض من بين هؤلاء كما انتفض امرؤ القيس عندما أتاه خبر مقتل أبيه وهو في حالة سكر بين القيان وصاح: (اليوم خمر وغداً أمر)؟!