الرجال مواقف.. فأين الرجال
الرجال مواقف.. فأين الرجال؟!
فيصل الشيخ محمد
الحرب المجنونة المليئة بالحقد الأسود التي يشنها الصهاينة على أهلنا في غزة هاشم، والتي استباحت كل ما هو فوق الأرض وما هو تحت الأرض من بشر وشجر وحجر على مرآى من العالم المتلبد الإحساس والفاقد للضمير ولأبسط المشاعر الإنسانية، أمام صور الدخان والنار والأشلاء والخراب والدمار!!
تحركت الشعوب من أقصى هذا الكون إلى أقصاه منددة بما تفعله آلة الحرب الجهنمية الصهيونية في غزة وأهلها وأرضها وشجرها وحجرها.. إلا أولئك الذين يطربون لصوت الأنين والعويل والنواح والبكاء.. ويستمتعون بصور الدمار والخراب والنار والدخان والأشلاء والدماء، ولا يملكون إلا دموع التماسيح يزرفونها أمام هذه المشاهد المأساوية، والنعيب والنعيق على أشلاء الأطفال والنساء والشيوخ في مدارس غزة ومساجدها وبيوتها وشوارعها وأزقتها وساحاتها وميادينها.
رجال..لا..
أشباه رجال.. لا..
إنهم أخيلة مآتى نصبت أنفسها على هياكل إنسان مزارعها.. تخيف العصافير الجائعة وترعب الطيور الظامئة.. وتدس رأسها في التراب عندما تكشر الذئاب عن أنيابها.. وتدير ظهرها لهذه الذئاب وهي تقطّع أجساد حملانها.
من تحت هذا الرماد.. ومن بين هذه الغيوم المكفهرة أطل علينا بعض الرجال في زمن عزَّ فيه وجود الرجال.
رجب طيب أردغان في شمال هذا الكوكب وقف بقامته المنصوبة وبرأسه الشامخ وصوته الجهوري ليعلن من على أهم منبر في تركيا.. منبر ممثلي الشعب التركي.. واصفاً العدوان الإسرائيلي على سكان قطاع غزة (بأنه نقطة سوداء في تاريخ الإنسانية).. مؤكداً أن ما تقترفه إسرائيل من مذابح ضد الفلسطينيين (يفتح جروحاً يصعب شفاؤها في ضمير الإنسانية).
شافيز في جنوبي هذا الكوكب يصف الجيش الإسرائيلي – أمام حشود الشعب الفنزويلي المندد بالعدوان الصهيوني على غزة – قائلاً: (كم هو جبان الجيش الإسرائيلي، فهو يهاجم أناساً وهم مرهقون ونيام وأبرياء ويتفاخر بأنه يدافع عن بلاده).. داعيا إلى (محاكمة الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز والرئيس الأمريكي بوش بتهمة الإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية)..وقال: (ينبغي جر الرئيس الإسرائيلي إلى محكمة دولية ومعه الرئيس الأمريكي لو كان لهذا العالم ضمير) وقال ساخراً: (يقولون إن الرئيس الإسرائيلي شخص نبيل يدافع عن شعبه! أي عالم عبثي هذا الذي نعيش؟!)، وقال: (إن الجيش الإسرائيلي يشن هجوماً جباناً على أناس أبرياء أوهنهم الحصار).
ولم يكتف شافيز بالكلام بل أمر وزير خارجيته بطرد السفير الإسرائيلي مع ستة من كبار موظفي السفارة الإسرائيلية.. ولم يتخذ الأمر بطرد السفير من وراء الكواليس، بل وقف وزير الخارجية أمام الجماهير الغاضبة المنددة بالعدوان ليقول متحدياً (إن السفير الإسرائيلي شخص غير مرغوب بوجوده على الأرض الفنزويلية).
تحية إكبار وإجلال واحترام لهذين الرجلين اللذين مسحا بموقفهما الشجاع الدموع الهاطلة على خدود الثكالى والأرامل والأيتام في غزة.. وبددا اليأس والقنوط في نفوس أهلها ورجالها ومقاتليها الذين يدافعون عن شرف هذه الأمة التي يتحكم في مصائرها أخيلة المآتى المنصوبة على أخشاب مزارعها!!