ثقافة جديدة .. لجيل جديد

ثقافة جديدة .. لجيل جديد ..!

أحمد الهواس*

[email protected]

في زمن الغرائب والعجائب بات كل شيء ممكنا ... وبات الخطأ صحيحا والصواب كفرا ...  ولعله زمن يحسد فيه الحي ُ الميت ... والناس موتى وهم أحياء .. فالذل صار أمرا واقعا ونعت من ينتمي له بالحكيم .. والمقاوم للظلم والمحتل إرهابي .. وألف يد تغتاله من عدو أو صديق ...!! فالدال على أمثاله مخلص للأمة ... ومؤسس لثقافة جديدة كنا نسميها الهوان ..!  وصارت الآن وطنية ... ومرت السنوات الخداعات فصُدق الكاذب ,وكُذب الصدوق, وأؤتمن الخائن وخُـون الأميـن, ونطق الرويبضة ...  ولو صحح التاريخ لكان أبطالنا وقادة الفتح إرهابيين مروعين للآمنين  .... وكل مقاومة انتحار وكل غاز معمر لأرضنا مانح لنا شرف الحضارة ... ولكن ماذا سيكتب التاريخ عن صمود الفلوجة وهزيمة أعتى جيش على أبوابها ...؟ وبطولة مخيم جنين في فلسطين ... وعن أسطورة غزة وهي تحترق وتهدم ويقتل أبناؤها وترمل نساؤها وييتم أطفالها ... وتحاصرها الدنيا .. ولاتنحني ... فهل سيبكي تاريخنا القادم قتل مرتزقة دنسوا أرض الفلوجة ...؟ وهل ستقرأ الأجيال عن صواريخ غزة البدائية كيف روعت الآمنين من الصهاينة وهم قادمون من كل بقاع الدنيا ليقتلعوا شعبا من أرضه .... ليؤسسوا حضارة تفتقدها فلسطين ..؟  وهل سنأسف لحذاء منتظر الزيدي وهو يهين رئيسا كان في ضيافة دولة حررها ؟ ويريد بناءها على طراز حديث مقتضياته قتل مليون ونصف من سكانها وتهجير أربعة ملايين , وخلق فوضى تفضي للديمقراطية والتخندق الطائفي ... فهل نتحدث عن واقع الثقافة الجديدة ا أم أن ...

الصمت أبلغ ما يكون من الفتى     إن كان في هذا الحديث بلاء

لا نعرف كيف سُيكتب تاريخنا المعاصر , أو على الأصح كيف سيقرأ الجيل القادم هذا التاريخ...؟ فلعل أرض الرباط انتقلت لأفغانستان في ثمانينيات القرن المنصرم ولم نكن ندري...!! وبات علينا هزيمة الشيوعية ..! ولاندري الفخر لمن ..؟ للمجاهدين العرب..؟ أم لبابا الفاتيكان السابق يوحنا بولص الثاني ..؟ أم للرئيس الأمريكي الأسبق (رونالد ريغان )الذي رأى أن المجاهدين يذكرونه بأجداده العظماء...؟! لا نعرف لماذا صمتت الفتاوى الآن في حين كانت تنهال كالمطر من أولئك البكائين الذين يجعلون الشاب المسلم يتحرق شوقا للشهادة في خراسان ...؟ لماذا بات المجاهد الآن في العراق إرهابيا ..؟ ومن قاتل أمريكا حليفة الأمس في أفغانستان أشد إرهابا ..؟ بل أن من يشك بعلاقته معهم تهدم الدنيا على رأسه وتُسقط حكومات وأنظمة للشبهة فقط.!! ولما كان لهذه الفئة من الشباب أن تهزم ثاني أقوى عرفتها البشرية .. وتساهم في ذوبانها  ... وتلاشي العقد الناظم لها ... فلماذا ضاقت الأرض العربية التي تحيط بفلسطين بأمثالهم ..؟ لا نعرف كيف سيفسر القارئ القادم من أصلابنا رقصة الأمراء مع جورج بوش بالسيف ... والحذاء الطائر من قبل صحفي عراقي ..؟ أو التفاخر بأننا أمة لها قواسم مشتركة يوحدها القرآن والقبلة والأعياد , وهو يقرأ أن العيد يؤجل لينفذ حكم الإعدام بزعيم عربي ... !! وتفتي بذلك المراجع الدينية , ونسمع الشعارات الطائفية لحظة الإعدام لرجل قال لا لغزو بلادي ورفض القصور الفارهة خارج بلده وفضل القبور ..! لا نعرف كيف سيقرأ الطفل العراقي أن شهداء الأمس  أمسوا قتلى نظام سابق ..؟ وأن رجلا عظيما من سلالة رعاة البقر حرر بلده يوما ..! أو الطفل الفلسطيني عن أحمد ياسين والرنتيسي ونزار ريان ..؟ وهل سيأتي يوم ترصع جدران الأسر العربية بلوحات صانعي السلام رابين وبيريز ...؟ وتقرأ آيدلوجيا حزب العمل الإسرائيلي ومفهوم الديمقراطيات الحديثة والتنافس الشريف مع الليكود وكاديما , وعن الجنازة المهيبة لشهيد السلام رابين ..! وتدّرس الجامعات العربية التجربة الإسرائيلية بين الحقيقة والخيال ..!!  ربما ...

              

*كاتب وإعلامي سوري مقيم في القاهرة.