انقلابيون..إرهابيون..أم وطنيون

د. ياسر سعد

[email protected]

العراق الأمريكي الجديد، والمتمتع بديمقراطية وحرية تستحق ضربة حذاء كثمن لها بحسب جورج بوش، يعاني خللا كبيرا في مصداقية سياسيه والذين كانوا جزءا من لعبة الاحتلال السياسية في البلد المنكوب. فالتصريحات العجيبة والمواقف المتناقضة وتبادل التهم بالفساد والمحسوبية بين رجال السلطة أمور أصبحت جزءا من المشهد العراقي.

فبعد أيام من تفجر موضوع توقيف ضباط ومسؤولين بارزين في وزارة الداخلية، ما تزال المسألة غامضة ومشوشة. صحيفة نيويورك تايمز ذكرت نقلا عن مسؤولي أمن عراقيين كبار أن حوالي 35 مسؤولا بوزارة الداخلية اعتقلوا وان بعضهم متهم بالتخطيط لانقلاب. أما المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية اللواء عبد الكريم خلف فلقد صرح بأن عددا من الضباط العاملين في الوزارة اعتقلوا للاشتباه في انتمائهم إلى حزب العودة والذي يعتبر إحياء لحزب البعث المحظور.

وزير الداخلية العراقي جواد البولاني والذي كان خارج البلاد قال بعد عودته إن اعتقال العشرات من ضباط وزارة الداخلية والدفاع على خلفية التآمر للقيام بانقلاب وارتباطهم بحزب البعث المنحل هي "أكذوبة لابد للرأي العام أن يطلع عليها"، وأنها ذات أهداف سياسية واضحة. في حين عاد اللواء خلف ليقول إن وزارته لن توجه اتهامات إلى المجموعة التي تم اعتقالهم للاشتباه في صلتهم بحزب العودة وأنهم عادوا إلى منازلهم بعد الإفراج عنهم. وأضاف أنهم ضباط مؤهلون ووطنيون وسيعودون إلى وظائفهم مرفوعي الرأس وأن وزارته ستكرمهم من اجل تعويضهم عن الأضرار التي لحقت بكرامتهم.

غير أن رئيس الوزراء نوري المالكي، وبعد ساعات من تأكيد الداخلية العراقية إطلاق الموقوفين وعدم توجيه أي تهمة لهم، صرح بأن الضباط الذين اعتُقلوا متهمون بإصدار هويات وزارة الداخلية لعدد من الإرهابيين لتسهيل حمل السلاح باسم الدولة العراقية. المالكي الذي نفي وجود أية محاولة انقلابية أكد بأن "التحقيقات مع الضباط المعتقلين ستأخذ مجراها للوصول إلى حقيقة الاتهامات الموجهة إليهم". كما أعلن وزير الدولة لشؤون الأمن الوطني شيروان الوائلي أن "جميع المعتقلين البالغ عددهم 19 ما زالوا محتجزين"، موضحاً أن "أمر الاعتقال تضمن أسماء 23 ضابطاً غير أن أربعة منهم لم يعتقلوا".

حادثة توقيف الضباط واتهامهم من جهة حكومية وتبرئتهم من أخرى, تظهر تخبطا في الأجهزة الأمنية وتكشف عن خلافات وصراعات بين مكونات الحكم في العراق خصوصا مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي. فسياسة الاتهام والاغتيال السياسي تمارس في العراق "الأمريكي" وعلى نطاق واسع، فبعد الاتهام بمحاولة الانقلاب على الحكم، تم تغيير التهم إلى إحياء حزب البعث وأخيرا إلى قيام المتهمين بمعاونة الإرهابيين. وللتذكير فإن تهم مساندة الإرهاب تم توجهيها عدة مرات لمقربين من سياسيين سنة بقصد ابتزازهم وإرهابهم.

فهل هولاء الضباط أبرياء وطنيون يستحقون التكريم وأن الكيد السياسي وراء توقيفهم؟ أم تراهم مذنبون ومتعاونون مع الإرهابيين ؟؟ ومع أن الموقفين متناقضين وبالتالي فأن أحد الطرفين مذنب يستحق العقاب، فإنني أقدر أن الأمر سيتم تسويته وستضيع حقيقته عن الرأي العام، كما ضاعت الكثير من الاتهامات والاتهامات المتبادلة بقضايا فساد كثيرة وكبيرة. ذلك لأن فتح الملفات سيحرج الكثيرين من السياسيين العراقيين وبالتالي فإن المصالح الشخصية والحزبية تقتضي التهدئة بعد التصعيد.