متطلبات تمديد التهدئة

صلاح حميدة

[email protected]

تعتبر هذه الايام آخر أيام التهدئة التي اتفقت عليها الفصائل الفلسطينية مع الاحتلال برعاية رسمية من النظام المصري ، وتنشط التكهنات من المحللين السياسيين حول قرار حركة حماس بما أنها رأس الحربة في المقاومة الفلسطينية وعمودها الفقري ، فهناك من يقول ان التجربة مع التهدئة كانت سيئة جداً وأن الاحتلال والجانب الرسمي المصري لم يلتزما بما اتفق عليه وعملا على الايقاع بحماس في فخ لا تستطيع الخروج منه وحرقها جماهيرياً بانها لم تستطع اخراج الشعب الفلسطيني من حالة الحصار العربي - الاسرائيلي ، وبالتالي اسقاطها جماهيرياً .

كما تنشط هذه الايام الاطراف المزاودة على حماس بأنها متفردة بالقرار الفلسطيني فيما يخص التهدئة وأن هذه الاطراف لن تشارك في أي مشاورات تخص هذا الموضوع ، والسامع لتعليقات هذه الاطراف الفسيفسائية والتابعة في قرارها السياسي لمن يمولونها ، يعتقد أنه أمام جيش من المقاومين ، وليس أمام حركات أفلست فكرياً وجماهيرياً.

بالانتقال من الأجواء الى التحركات السياسية ، نلحظ أن الرئيس الامريكي السابق بدأ اتصالاته وتحركاته في دمشق والتقى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل ، وأعلن صراحة أنه بصدد مناقشة ثلاثة ملفات معه، وهي المصالحة الفلسطينية والجندي الصهيوني الاسير والتهدئة، وأنا شخصياً أعتقد أن النقاش سينصب على ملفي الجندي الاسير والتهدئة لأن كارتر يعلم أن الفيتو الرسمي الامريكي على المصالحة الداخلية لا زال موجوداً ولذلك لا فائدة من تضييع الوقت في قضية لن تنجز.

كما أعلنت مصادر اعلامية وسياسية صهيونية عن ايفاد عاموس جلعاد الى القاهرة للالتقاء مع مدير المخابرات المصرية لتمديد التهدئة ، فالواضح من هذه التحركات أنها بتزامنها غير منفصلة وليست عبثية ولا ارتجالية ، وأن الاطراف المعنية تتحسب ليوم الثامن عشر من الشهر الجاري وما الذي سيجري بعده ، ولذلك بدأت التحركات الحالية في العلن وبالتأكيد أن هناك جهد موازي بالسر من العديد من الاطراف.

حركة حماس الآن ستتلقى العديد من العروض والاتصالات حول هذين الملفين،وتحديداً ملف التهدئة الاكثر الحاحاً ، والمطلوب من كل الاطراف التي تسعى لتثبيت التهدئة هو الهدوء على حدود القطاع ولا شيء غير ذلك، وهذه الاطراف لا يعنيها الشعب الفلسطيني كله لو مات من الجوع والمرض ، بل الذي يعنيها أن ينام المغتصبون الصهاينة في بلدات ودن غلاف غزة بهناء وبلا خوف من صاروخ أو قذيفة هاون أو رصاصة قناص، وهذا ثابت من صمت هذه الاطراف على الحصار المميت على القطاع طوال الفترة السابقة.

اذاً ما المطلوب من المفاوض الفلسطيني المتمثل بحركة حماس فيما يخص التهدئة والمطالبة باستمرارها وتمديدها؟.

يرى  العديد من المحللين أن حركة حماس مطالبة بالتمسك بالعديد من المطالب وأن لا تتراجع عنها مهما كان الثمن، فحماس مطالبة بالاصرار أولاً وفي أول اتصال من المخابرات المصرية أن تصر على فتح معبر رفح على مدار الساعة أمام تنقل الافراد والبضائع سلفاً قبل أي نقاش لموضوع التهدئة، يضاف الى ذلك الافراج عن معتقلي حماس في السجون المصرية ووقف هجمة كتاب التدخل السريع على حماس في وسائل الاعلام المصرية الرسمية ، وأن يتم اعلان أي اتفاق من قبل الوزيرين ابو الغيط وسليمان في مؤتمر صحفي ويعلنا أن مصر ملتزمة بفتح معبر رفح بدون أي مواربة.

يرى آخرون أن حركة حماس مطالبة بالتمسك باعلان الكيان الصهيوني أنه ملتزم بالتهدئة نصاً وروحاً ويتضمن ذلك فتح معابر القطاع بشكل كامل وشامل وعدم الاعتداء على أي فلسطيني ، وأن لا يكون هناك أي مناطق عازلة على حدود القطاع والسماح للمزارعين بفلاحة أرضهم ، يضاف الى ذلك السماح لتجار القطاع بالتعامل المباشر مع التجار في الخارج عبر البحر ، والافراج عن البضائع الخاصة بتجار غزة من موانىء الاحتلال فوراً و العمل على أن يكون التبادل التجاري  عبر الدولة الوحيدة التي سمحت لسفن كسر الحصار بالانطلاق منها .

كما يرى هؤلاء أن حماس مطالبة بالزام الاحتلال بتزامن التهدئة بين الضفة وغزة ، وأن أي خرق للتهدئة في الضفة يعتبر انتهاكاً لها في القطاع، كما يرون أن حماس مطالبة بالزام الاحتلال والاطراف المطالبة بالتمديد للتهدئة بالضغط على الرئيس الفلسطيني لاطلاق سراح كافة معتقلي حماس في الضفة الغربية واعادة فتح المؤسسات المغلقة ووقف الملاحقة لعناصر حماس نهائياً ، لأن هذه الممارسات ضد حماس في الضفة تتم باشراف ومطالبة من الاطراف التي تطالب بتمديد التهدئة، يضاف الى ذلك تزويد القطاع بحصته من جوازات السفر ، والتنسيق التام مع حركة حماس بكل ما يخص قطاع غزة.

في حال عدم تجاوب تلك الاطراف مع مطالب حماس ، ورغبتها بتمديد التهدئة على حساب الشعب الفلسطيني ، فحماس ستكون في وضع المدافع عن مصالح الشعب الفلسطيني ، ولن تخسر شيئاً لو أعلنت انتهاء التهدئة وعملت على ادارة المعركة مع الاحتلال بطريقة علمية تبقي شعلة المقاومة متوهجة ، وتضرب على رؤوس من يحاربون شعبنا في حقوقه الثابتة ولقمة عيش أطفاله ، ووأن تستخدم الكثير من الاوراق التي تملكها، بحيث تجبر هذه الاطراف على الرضوخ لمطالبها.