نُريد أن نراهم لنُعايشهم وليسوا جُثثاً
لنُعزّى فيهم ونُريد أن نرى أعزّ ما على قلوبنا
مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن
[email protected]
كُل عام وأنتم بألف خير أولاً
وإلى كل من أرسل إلي رسالة تهنئة بعيد
الأضحى والى كل الأحباب السوريين في المنافي ، وإلى أهلي وأحبابي وخلاني وقراباتي
وأصدقائي ، وإلى كل من يذكرني له منّي التحايا وأطيب الدعوات إلى الله بأن يرعاهم
ويحفظهم ويُديمهم لنا ولأمتهم ويُعيدنا جميعاً إلى بلادنا أعزّة كُرماء وأن يقك اسر
المأسورين ويُخلص خلاص المسجونين المرهوبين إنه سميع الدعاء والجميع إن شاء الله
بخير وسلام
مؤمن محمد نديم كويفاتيه
مع صبيحة كل أول يوم من أيّام عيد
الأضحى المُبارك أتذكر مذبحة المشارقة في مدينة حلب والتي شهدت آثارها وسمعت من
المسجد الذي كُنت أُصلّي فيه أزيز الرصاص وصوت القنابل ، مما استدعى المُصلين ترك
باقي الخطبة ليلتجئوا إلى الجدران ومواقع ظنّوا فيها الحماية من الهجوم الذي سُمع
منه صوت الأسلحة والانفجار لمساحة واسعة من الموقع الذي جرت فيه المذبحة من قِبل
قوّات الوحدات الخاصة وسرايا الصراع والدفاع والصاعقة على مُصلي جامع المشارقة
أثناء خروجهم من صلاة العيد وتبادلهم التحايا والتهاني والتبريكات بهذا العيد في
يوم الفداء والتضحية الذي فدى الله به إسماعيل والبشرية بكبش عظيم ، وضحّى به
النظام باثنين وثمانين من المؤمنين الذين توجهوا لأداء شعيرة العيد التي يبتدئوها
عادة بالتوحيد والتهليل وزيارة الأقارب والقبور ، ومن ثُمّ يتوجهوا إلى الفداء كما
فعل أبونا إبراهيم ، وإذا بهم هم المُفدّى بهم من قبل النظام القمعي ظلماً وعدواناً
وبلا ذنب ارتكبوه ، سوى ليكون كتعبير عن الحقد الدفين الذي يحمله هذا النظام
العُنصري على أبناء بلدنا الحبيب ، عدا عن عشرات الجرحى الذين سقطوا في هذه الجريمة
التي لم تُعرف مُبرراتها وأسبابها إلى يومنا هذا ، ولم يُعاقب فاعلوها إلا بالتكريم
ورفعة المرتبة ، ولكن دمائهم لن تضيع سُدىً وستبقى لعنة تُلاحق قاتليهم ، وكذلك
دماء من سقطوا برصاص الغدر والإستقواء في كل المُدن السورية ، والله سبحانه وتعالى
لا يضيع عنده شيء ولكنه يُمهل ولا يهمل ، ولو استطعنا تتبع القتلة لعرفنا كيف كانت
مصارعهم ، ولكننا لا نتعامل بسيف الحقد ونوكل أمرهم لمن خلقهم المُنتقم الجبّار
العزيز المُتكبّر الذي لا يغيب عن علمه شيء في الأرض ولا في السماء
لأعود للحديث الذي وضعت له العنوان
الذي التقطته من التلفزيون السوري وهو يُحاور أهلنا في الجولان من الشق الشرقي من
الأرض السورية بمناسبة عيد الأضحى المبارك الذي قررت فيه بألا أتبادل مع أحد فيه
التهاني ، تضامناً مع إخواننا وأهالينا ومُناضلينا المُعتقلين في سجون الظلم
والظلام ، من الذين صدرت بحقهم أحكام جائرة ما انزل الله بها من سلطان ، ولم تُقرها
أي شريعة ودستور وقانون في الأرض ، هذا عدا عن التضامن مع أهالي وذوي وأصدقاء
وأحباب وأفئدة ألآلاف المُغيبين في أقبية الزنازين الفردية وتحت الأرض منذ عُقود ،
ولكن ومن باب رد التحيّة بعد مجيء مئات التهاني لي بهذا العيد ، ولزاماً علي
لهؤلاء الأحبة في الخروج عمّا عزمت عليه ، لأردّ عليهم بتمنيات منّي كبيرة لهم إلى
الله سبحانه ، بأن يكونوا بخير وسلام مع دعواتي لهم بأن يحفظهم الله ويُبارك فيهم ،
ويردهم إلى بلادهم وأهليهم مُعززين ومُكرمين بإذن الله وليس بمنية أحد ، وأن يفك
الله أسر المأسورين ويُفرج عن جميع المسجونين الأبرياء أصحاب الرأي والفكر والدين
وجميع المظلومين آمين يارب العالمين
المذيع يسأل إحدى النساء من أخواتنا
المكلومات بفقد أخويها في سجون الاحتلال الإسرائيلي ويقول لها : طبعاً إخواتك
الاثنين ما سمحوا لك تشوفيهم ؟ فقالت بقلب حزين وهي تبكي من أعماقها ، ثُمّ لتشهق
من شدّة الألم " لا " ثُمّ أتبعت كلامها وكاد أن يُغشى عليها لتزيد في القول..
أُريد أن أراهم لأعايشهم ولا أُريد أن أنتظرهم لأستلمهم جُثثاً لأُعزّى فيهم
وأُريد أن أرى أعزّ ما على قلبي في الجهة الأخرى من أهلنا في جولاننا المُحتل ،
أُريد أن أرى زرعاتنا وشتلاتنا وأشجارنا المُثمرة وأرضنا وترابنا ، فدمعت عيناي عن
غير إرادة منّي ، وأنا أتذكر عشرات الآلاف من المُعتقلين في أقبية الاستخبارات
وفروع التعذيب السورية منذ عقود وأهاليهم يلهثون وراء معرفة إن كانوا من الأحياء
أم الأموات ، وهم يُمنّون أنفسهم برؤيتهم بعدما بكوهم دماً ودموعاً وأهات ، والبعض
منهم من الذي لم يصبر مات من الحزن والألم من هذا المُصاب الأليم ، وكما روى لنا
القرآن العظيم عن النبي يعقوب عندما ابيضت عيناه في الأية الكريمة التي تصور لنا
حال هذا الأب المكلوم الذي عاش سنوات وهو ينتظر ابنه الحبيب يوسف،كما
جاء في قوله تعالى في أدق وأعمق تصوير "وَتَوَلَّى
عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ
فَهُوَ كَظِيمٌ"ليتولّى عن الناس مما أصابه من الحزن تعالياً على الجراح
، وهكذا المهموم المحزون تضيق به الدنيا حتّى أنّه قد تُبقى بعضهم في الغم ليأخذه
موت الفجأة، وكذلك الحال ينطبق على آباء وأُمهات وزوجات وأبناء وذوي مئات الآلاف من
المنفيين قسراً عن سورية ، وقد تجاوزت محنتهم ومحنة البعض منهم لأولادهم وأحفادهم
الثلاثة عقود وهم لا يعرفون الوطن وبعضهم بلا وثائق ولا ثبوتيات ليعيشوا رحلة
التشرد الغير مُستقرّة ، لتتضاعف عليهم المحن في بلادنا أضعافاً عمّا يُعانيه أبناء
الوطن المُحتل من العدو الإسرائيلي ، ليكون الاحتلال والاستبداد وجهان لعملة واحدة.