العراق: ما بُنِيَ على الباطل باطل

عبد الله خليل شبيب

عبد الله خليل شبيب

[email protected]

  .. من البديهيات الإنسانية والمسلمات البشرية والدولية..أن الاحتلال والاستعمار فساد مطلق لا يمكن أن ينتج عنه أي خير حقيقي .. " إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة ..وكذلك يفعلون"..إنها سنة الله في خلقه.. والملوك هم رؤساء ومسؤولو كل بلد مهما كان نظامه.. وليس المقصود به النظم الملكية فقط – كما قد يفهم البعض خطأً...فإذا غزا حاكم بلدا آخر غير نُظُمه وأزال وقلب مؤسساته ..وقتل أو اعتقل أو شرد رجالاته ..وغير أوضاعه ليلائم سيطرته التي يرفضها بالطبع المتنفذون السابقون ..وهكذا ..

وبدهي كذلك أن كل ما يتم في ظل الاحتلال باطل أجذم مرفوض .. والأصل فيه أنه لصالح الغزاة وضد صالح المواطنين ..حيث تتعارض معظم مصالح الطرفين المتقابلين (الغازي والمغزو – والمستعمِر والمستعمَر ..إلخ)    

.. ولذا فبداهة أن الاتفاقية الأمنية بين الحكام العراقيين الذين ولتهم أمريكا وشركاؤها الغزاة على حكم العراق ..وبين الغزاة الأمريكان باطلة باطلة باطلة!!

1- .. ليس فقط لأتها تشرعن الاحتلال ..وتسلب العراقيين سيادتهم الحقيقية إلى الأبد ..وتنتقصها بشكل دائم ومفرط .. وتعطي الغزاة وجنودهم [ امتيازات الأسياد ..بل الآلهة!].. لا راد لقضائهم ولا معقب لحكمهم .. ولا عقوبة على مذنبهم..إلخ!!

2- وليس فقط كذلك لأنها تحول العراق إلى قاعدة أمريكية دائمة ومنطلق لغزو وقصف أي بلد مجاور – عربي أو غير عربي !!

3-.. بل وتحولها إلى قاعدة صهيونية وخط دفاع متقدم لحماية الدولة اليهودية ..ومرتكز انطلاق لها إلى قلب العالم الإسلامي .. وبؤرة تآمر صهيوني وتنكيل وتخريب !!

..وغير ذلك من المثالب التي [ تنضح بها ] تلك الاتفاقية المذلة الإذعانية المشؤومة ..

.. ولكن كذلك لأنها – كسائر الإجراءات والتصرفات والقرارات التي حصلت خلال عهد الاحتلال .. باطلة جميعا .. جملة وتفصيلا..

  .. غير ان الأمر في العراق كذلك مختلف ..مما يزيد من تأكيد بطلان كل ما جرى فيه من انتخابات ودستور وانفصالات ..وتجييشات ..وقرارات ..إلخ .

.. ودعونا نتكلم بصراحة – وبشكل مباشر [ ودون حساسيات طائفية أو مذهبية ] ولكن بواقعية وموضوعية – مع احترامنا لجميع المذاهب والمشارب وأصحابها  " لكم دينكم ولي دين "

.. دون مواربة أو مغالطة .. معروف أن العراق يحوي من سائر النحل والأعراق .. ولكن السنة هم فيه الأغلبية ( ربما حوالي 60%).. يليهم الشيعة الجعفرية الإثناعشرية ثم الآشوريون     ( التلكيف ) واليزيديون والصابئة والعلي إلهية واليهود وغيرهم ..!

.. ولكن الاحتلال و[ عقابيله ]- وبتعمد وإصرار مسبق - أخل بذلك التوازن كثيرا!

فعدا عن ملايين السنة الذين هاجروا تحت التهديد .. أوالخوف أو غير ذلك ..

فمن بقي منهم انقسموا في مواقفهم تجاه الاحتلال وكيفية التعامل مع الواقع الجديد .. وانحاز كثير منهم إلى خيار المقاومة المسلحة وغيرها ضد الاحتلال ..وأعوانه أيضا أحيانا .. ورفضوا كل آثاره جملة وتفصيلا ..حيث أنها باطلة لاغية شرعا وعقلا وقانونا ودوليا !

وذلك  في الوقت الذي سارع فيه [ الشيعة ] إلى ركوب الموجة- وبتيسير وربما توجيه وتدبير من الغزاة – وبعض الجيران – أو انتهازا لفرصة سانحة .. [ كما دخل بعضهم راكبي دبابات الاحتلال وفي حراسته ].. وحاولوا ( استرجاع مظلوميتهم التاريخية المزعومة [ التي شبهناها [بالهولوكوست العبراني]]) وقفزوا على المكاسب والمناصب .. وكونوا المليشيات [ بدر وجيش المهدي وغيرهما ] والتي لم تضع وقتا فأعملت القتل والتصفية والتهجير في أهل السنة !.. وكثفت جهدها في الإجراءات السياسية التي شرعها الاحتلال الأمريكي ..[ القوانين والبرلمان والدستور والشرطة والجيش ] فملأوا معظم تلك المواقع .. في الوقت الذي قاطعها معظم أهل السنة باعتبارها خيانة وخدمة رديفة للمحتل وشرعنة لوجوده .. إلا قلة ..حاولت اللحوق بالركب فيما بعد حفاظا – في نظرهم-على[بقايا حقوق ومكاسب ومواقع لأهل السنة ]!!

.. ولذا ..فمن البدهي – في ظل مثل ذلك الانقسام السني – والموقف (السلبي ) الغالب والإجماع الشيعي وعزوف الأغلبية السنية ..وترفعها عن التقاط [ فتات الاحتلال وعظام موائده] وإصرارها على الاستقلال ودحر ورحيل الاحتلال .. ورفض أي إجراء في ظله .. نقول : من البدهي إزاء ذلك كله أن يفرز الواقع السيء [ برلمانا ذا أغلبية شيعية ..تقر [ هكذا اتفاقية ]

 ووزارات ووظائف ذات غالبية طائفية معينة ..وقل مثل ذلك في الجيش والشرطة وغيرهما .. وبالطبع [ الدستور ] الذي وُضِع على عين الاحتلال وتحت إشرافه الكامل .. بل يقال إن بعض الأمريكان- في أمريكا هوالذي صاغه ..وقد ذكر اسمه حينذاك ..وهومعروف للمهتمين والمطلعين..وقد اعترف واضعه بذلك ولم ينكره!

.. حصيلة ذلك كله أن الوضع في العراق غير طبيعي ..وغير عادل ..ولايمكن أن يكون إلا  كذلك في ظل الاحتلال ..الذي أراد أن يستغل التناقضات المذهبية ..و[الشعور التاريخي بالمظلومية التاريخية – لدىالبعض - والانتقام للحسين من قتلته – كما يزعمون ويروجون وينقلون الثأر المزعوم آلاف السنين]بتلبيس وتدليس بالغين ... –  تماما كما استغل [ اليهود ] مسألة [ الهولوكوست المزعومة] والتي ثبت أنها أكذوبة كبرى..من أعرض الأكاذيب والأساطير التي أسست عليها الصهيونية ودعواها الباطلة ودولتها الزائلة !

  لا بد أن يعود الوضع إلى طبيعته في العراق – كما كان دائما – في حياة طبيعية دون أية حساسيات طائفية أو مذهبية ..بل بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب . وليأخذ كل حقه حسب كفاءته وحسب وضعه .. وإذا كان ولا بد فحسب ( حجمه الطبيعي ) غير المضخم ولا المبالغ فيه ولا المكذوب .

.. وليرحل الاحتلال – المبني على الأكلذيب الواهية – ولتغرب كل [ آثاره الجهنمية المدمرة المفسدة ] إلى غير رجعة  !!

.. وليقرر العراقيون مصيرهم وأمورهم بكل حرية و(أخوية ) وبدون حزازات ولا حساسيات ..ولا حتى [ محاصصات ]! وليضعوا الضمانات الكافية الحائلة دون وجود نظم دكتاتورية ..ودون طغيان أي حزب أو فرد أو طائفة أو أحد ..بل الجميع سواسية أمام الله والشرع والقانون ..في بلد مسلم لا يعيث فيه الصهاينة ولا الأمريكان ولا غيرهم من الكفرة فسادا ..

"  تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا .. والعاقبة للمتقين "

.. صدق الله العظيم