إسرائيل تخسر الحرب البرية في غزة

د. هاني العقاد

 منذ اليوم الاول للحرب الملعونة , الحرب الثالثة التي تشنها اسرائيل على غزة في اقل من خمس سنوات  , منذ تلك الساعات واسرائيل تتردد في الدخول الى الحرب البرية لأنها تعتبر المعركة البرية صعبة الى حد ما , هذا ناتج عن ضعف ارادة الإسرائيليين مقابل الارادة القوية لمقاتلي المقاومة الفلسطينية الذين لا يملكوا غيرها في التعامل مع هكذا عدو , بعد تسعة ايام من الضربات الجوية المكثفة على قطاع غزة والتي طالت كل شيء , من بيوت ومساجد وجمعيات ومزارع وشوارع , وبعد ما يقرب من 200 شهيد فلسطيني دفعت اسرائيل قواتها الى الحدود مع قطاع غزة في عملية مرحلية حذرة , أي ليس للعمق الفلسطيني بل لبعض الجيوب التي تعتقد اسرائيل انها تحتوي فقط بعض الانفاق الارضية التي تعمل من خلالها المقاومة الفلسطينية  في المناطق المكشوفة على الحدود مع غزة والتي تعتقد انها لم تكون ساحة مواجهة مع المقاومة , ودفعت بمئات الدبابات وناقلات الجند وسيرت العشرات من طائرات الاستطلاع و طائرات الاف 16 المقاتلة والصواريخ ارض ارض لكسب هذه الحرب وتحقيق اهدافها المستحيلة .

اقتحمت قوات الاحتلال الاسرائيلي حدود غزة من عدة جيوب في الشمال والوسط والجنوب واطلقت الغازات السامة والكريهة, تمركزت القوات الاسرائيلية في مناطق مكشوفة واخذت ترمي بحممها كل ما يتحرك امامها  من بشر وشجر ارتكبت المجازر ودمرت احياء كاملة كشارع المنصورة والبلتاجي بالشجاعية و خزاعه بخانيونس, لكنها لم تتقدم شبرا واحدا بل سحبت قتلاها وهربت تحت وابل النار الذي تلقته من المقاومة , اسرائيل لا تستطيع رؤية المقاتلين الفلسطينيين الذين يشتبكوا مع قواتها فكأنهم اشباح يتنقلون بسرعه البرق من هنا الى هناك , هذا ما كشفه جندي اسرائيلي في شهادة ادلى بها عن الاشتباكات التي وقعت فجر الجمعة الماضي في غزة حين قال  "لم ير أيا من مقاتلي حماس الذين اشتبكنا معهم وكأننا كنا نشتبك مع أشباح" و يبدو ان المقاومة الفلسطينية استطاعت ان تستدرج الجيش الإسرائيلي الى عملية برية , لذا تحرك اسرائيل قواتها على الارض في غزة بحذر وتدعي انها تبحث عن انفاق قتالية للمقاومة وما تمكنت منه حتى الان جاء بالصدفة ليس اكثر لا بل وان العمليات العسكرية التي تنفذها المقاومة خلف خطوط العدو تربك الجيش وتجعل منهم جنودا يفقدوا الامل في العودة الى اهلهم سالمين , لهذا تدرك اسرائيل على اكثر من مستوي ان المقاومة الفلسطينية خدعتها وتخدعها في مراحل الحرب المختلفة ,فقد خدعت اسرائيل بتقدير قوة المقاومة الصاروخية ومدي استهدافها وخدعت اسرائيل بمدي قدرة المقاومة على المناورة فقد تأكدت اليوم ان المقاومة تناور وتحدد ساعات الاشتباك التي تقررها مع قوات اسرائيل على الارض وهي التي تدير المعركة من مكان الى اخر , و تختار الوقت المناسب لعمليات مؤثرة خلف خطوط النار.

 اسرائيل باتت تعرف انها ستخسر الحرب البرية لأنها تقاتل اشباح لا وجود لهم على الارض يضربوا ويختفوا , يضربوا من الخلف والامام , تحت الارض وفوق الارض ,يخطف جنودهم ولا يستطيعوا فعل شيء بل يقنص جنودهم كلما رفعوا رؤوسهم من الياتهم لذلك اقدمت اسرائيل بدفع قوات محمولة اكبر لساحة المعركة وتتقدم من وقت الى اخر تجاه المناطق السكنية بعد ترحيل السكان تحت النار لكي تقول لسكان اسرائيل انها تُدفع الفلسطينيين الثمن, الامور لا تسير كما تريد اسرائيل لأنها المعتدية وجنودها  يقاتلوا بخوف وفزع ودون ارادة, بعد تحذيرهم من قيادة الجيش بتفادي الانزلاق للعمق الفلسطيني خوفا من كمائن الموت والاختطاف الا عبر خطط قيادة الاركان , لعل المقاومة حسمت المعركة البرية مبكرا وارعبت جنود جيش اسرائيل برغم الخسائر المدنية في صفوف المدنيين الفلسطينيين عندما قتلت العديد من جنودهم واسرت احدهم وباعترافهم فقد خسرت اسرائيل حتى الان عشرات الجنود قتلى وما يفوق 300 جريح وكلما تقدمت القوات الاسرائيلية الغازية تجاه المدن او فواصل القطاع كلما زادت ضربات المقاومة واحتدمت المعركة , لعل خسارة اسرائيل في الحرب البرية واخفاقها في تحقيق اهدافها اصبح مؤكدا بعد الرعب الذي سكن قلوب جنودهم  من ارتفاع خسائرهم البشرية في اولى المعارك بالشجاعية والشمال وخانيونس وهذا يؤكد  لقادة جيش اسرائيل انه يستحيل أن يحققوا اهدافهم كلها و يخسروا الحرب البرية بالكامل , وهذا يضع احتمالين  امام الحرب الاول ان توقف اسرائيل فجأة إطلاق النار من طرف واحد وتدعي انها حققت اهدافها و تنسحب دون اتفاق وقف اطلاق النار ,او توسع اسرائيل من عملياتها البرية والجوية  للعمق الذي يسمح بالانتقام من المقاومة لتخفض شروط قبول وقف اطلاق النار ولتثبت ان الفلسطينيين دفعوا الثمن وجيشها هو المنتصر وهذه مغامرة قد تحدث خلال الساعات والايام القادمة في ظل اخفاق حقيقي بالتوصل لصيغة ومبادرة لوقف تطور هذه الحرب.