الخلاف ينخر جسد الائتلاف

الخلاف ينخر جسد الائتلاف

 أديب العزاوي

 [email protected]

منذ أحداث الزركة في العام الماضي والجنوب العراقي كمرجل يغلي ويفور تمردا تارة وحربا واضطرابا تارة أخرى، طبيعة هذا الصراع تنطلق من رفض العشائر الوطنية في جنوب العراق للوجود الإيراني على المستوى الأمني والإداري ورفضه للتحالفات الحزبية المشبوهة مع هذا الطرف أو ذاك ولعل ما يقض مضجع الأحزاب الفاعلة هناك هو عزوف العشائر عن التفاعل مع مكاتب هذه الأحزاب أو التعاطي معها في حل المشاكل الاجتماعية والسياسية.

ولما كان الولاء العشائري عنصرا فاعلا في تحديد مصير هذه الأحزاب وجودا وقيادة فإن تقريرا أمريكيا نشرته صحيفة يو أس أي تودي أشار مؤخرا إلى أن الصراع احتدم مؤخرا بين حزب الدعوة وبين المجلس الأعلى الإسلامي على خلفية الدعم الكبير لمجالس الإسناد في الجنوب التي شكلها المالكي والتي أعطى لها صفة الدعم الحكومي ويتم دفع رواتبهم من ميزانية الدولة فيما يتم دعم مجالس الإسناد والجماعات المسلحة التابعة للمجلس الأعلى وتحديدا ميليشيا بدر من إيران منذ تأسيسها في الثمانينات من القرن الماضي.

ولعل المفارقة في الأمر هي أن موضوع دور العشائر في تحقيق الأمن أوجدته العشائر السنية في محافظة الأنبار وجاء بنتائج إيجابية في طرد خلايا القاعدة والجماعات المسلحة هناك وتم تعميم الفكرة على مناطق سنية أخرى وحققت ذات النجاح ورغم ذلك لم تحظَ مجالس الصحوة هناك بالدعم المادي والمعنوي الذي تحظى به مجالس الإسناد العشائرية في الجنوب على خلفية التنافس السياسي والحزبي بل على العكس من ذلك فقد نكلت القوات الحكومية بقادة الصحوات في هذه المناطق وحرضت قوات التحالف على إلقاء القبض على أعداد كبيرة منهم وهذا ما حصل مؤخرا للملا شهاب الصافي في منطقة بهرز في محافظة ديالى حيث تمت مداهمة منزله واعتقال شقيقه ووالده وكذلك اعتقال السيد ليث صالح المتحدث باسم مجالس صحوة ديالى.

إن هذا الصراع الدموي يسمم الأجواء السياسية القائمة على تنافس البرامج الحزبية ويرسم صورة عن صراع المصالح الحزبية الضيقة بدلا من السعي لانتشال الجنوب من الأوضاع الكارثية التي يعيشها بسبب نقص الخدمات الأساسية وانتشار الأمراض والأوبئة فضلا عن الوضع الأمني المتردي.

ولعل الكارثة الأكبر التي تنتظر الجنوب هو أن تتحول هذه القوى السياسية المتعسكرة وعلى خلفية نتائج الانتخابات الى الاحتراب العنيف والذي ربما يقود – لا سامح الله- إلى انشقاق في صفوف الجيش العراقي وإلى نتائج مأساوية في جنوب البلاد يدفع ثمنها المواطن المغلوب على أمره وتحقق أجندات معادية ونوايا سيئة.