عهد بوش والنهاية البائسة

د. ياسر سعد

[email protected]

بعد أن قال الرئيس الأمريكي جورج بوش إن بلاده ستستضيف في المستقبل القريب قمة دولية للنظر في استراتيجيات القضاء على أزمة الائتمان العالمية, أعلن البيت الأبيض أن أول قمة حول الوضع الاقتصادي العالمي قد تعقد في نوفمبر المقبل. وذكر بيان أصدره البيت الأبيض أن الرئيسين الأمريكي جورج بوش والفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس المفوضية الأوروبية اتفقوا على اطلاع القادة الدوليين على فكرة البدء بسلسلة قمم لمعالجة المصاعب التي يواجهها الاقتصاد العالمي. وذكرت تقارير إخبارية بأن أحد المرشحين الرئاسيين الأمريكيين سيحظر القمة التي من المحتمل عقدها أواسط شهر نوفمبر، أي بعد الانتخابات الأمريكية.

وكان الرئيس الفرنسي قد صرح في وقت سابق أن لا حرية بدون تنظيم محكم، وأن الأزمة الحالية تمثل "فرصة للتخلص من العادات السيئة التي اكتسبناها وللنظر إلى النمو الاقتصادي بشكل مختلف"، والتفكير مليا في المخاطر التي تحيق بنا وبكيفية وصولنا إلى هذا الوضع ومن هو المسؤول، وأن نتعلم الدروس. أما بوش فقد قال أنه يتطلع إلى إجراء محادثات مهمة مع زعماء العالم خلال مؤتمر قمة حول الأزمة الاقتصادية التي تؤثر على الجميع، وأنه يتطلع إلى استضافة هذا الاجتماع في المستقبل القريب، وأن جميع الدول المتقدمة والنامية ستكون ممثلة في هذا الاجتماع. وقال بوش إنه لضمان نجاح هذا المسعى فأنه يتعين الترحيب بالأفكار الجديدة من مختلف أنحاء العالم.

تصريحات ساركوزي والمواقف الأوربية المختلفة حمّلت الولايات المتحدة، تلميحا وتصريحا، مسؤولية التسبب في الأزمة المالية ، وتكررت المطالبة بإعادة صياغة النظام المالي العالمي وبالتالي إنهاء الهيمنة الأمريكية عليه. أما الرئيس الأمريكي والذي تميزت بداية فترة رئاسته بالميل للتفرد والرغبة بالهيمنة المطلقة وبعبارته الشهيرة إما معنا أو مع الإرهاب، فإن إخفاقات إدارته المتتالية وهزائمها العسكرية وسياساتها الطائشة وأخيرا ورطتها الاقتصادية، جعلت من الرئيس المتعجرف رجلا متعاونا ينتظر من العالم المساعدة والأفكار الجديدة في مواجهة العاصفة الاقتصادية. وهكذا تنتقل أمريكا بعد ولايتين للرئيس بوش من قيادة العالم والهيمنة على قراراته إلى مصدر لمصائبه وكوارثه البيئية والمالية، وليورث بوش الرئيس القادم حملا ثقيلا وعجزا ماليا وعهدا يبدأه بالمشاركة في قمة عالمية حول الأزمة المالية حتى قبل دخوله البيت الأبيض.

وحين أخفق الرئيس بوش بالحصول على قرار دولي يخوله غزو العراق والإطاحة بنظامه, تجاهل المؤسسات الدولية وتعامل معها باستخفاف واستهتار، واصفا الأمم المتحدة بلا مبالية. والآن وبعد سبع أعوام عجاف وقف الرئيس بوش أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 23 سبتمبر الماضي ليتحدث عن الدور الحيوي للأمم المتحدة وعن إمكاناتها الاستثنائية الهائلة، معتبرا بأنه "بالتصميم والهدف الواضح، يمكن أن تصبح الأمم المتحدة قوة كبرى تدافع عن الخير في وقت ندخل فيه القرن الحادي والعشرين".

لم تمهل الأقدار بوش حتى يغادر البيت الأبيض ليبدأ عهد النكوص على سياساته وأطروحاته، فها هو بنفسه وبيده يفعل ذلك, فهل هي لعنة العراق ومآسيه ودماء أبنائه تجلل بوش وأيامه الأخيرة بالكوارث المتتالية والإخفاقات المتتابعة ؟