مرجانة التي قتلت صاحبها!!
آيات عرابي
يدخل نتنياهو غرفته بطيئاً متثاقلاً متهدل الكتفين عليه علامات الهزيمة والمرارة وسط حراسه الذين يفسحون له الطريق، فتسرع إليه جاريته الصلعاء قبيحة المنظر لتدلك كتفه بعد عناء اليوم، وتسأله كيف كان يومك يا مولاي.
فيرد نتنياهو على جاريته: المقاومة الفلسطينية لم تتوقف عن قصف تل أبيب وموقفي في الجبهة الداخلية اصبح مهزوزاً والمعارضة تسبني والمتطرفون اليهود يتهمونني بالتخاذل والضعف، وشعبيتي اصبحت في الحضيض ولا أعرف ماذا أفعل، فتقول له جاريته: الحل عند جاريتك المخلصة مرجانة يا مولاي، فيطرقع نتنياهو بإصبعه ويصرف حراسه، فتجلس مرجانة عند قدمي سيدها نتنياهو وتقول : الحل يا سيد الرجالة، هو أني اطلع للفلسطينيين مبادرة لوقف إطلاق النار وأقول لهم إننا هنفتح لهم المعبر بس يتخلوا عن سلاحهم وهما على طول هيقبلوا، فيرد عليها نتنياهو : تفتكري يا مرجانة ؟ طبعا يا سيد الرجالة، ما هو أنا هديت لهم الانفاق وحاصرتهم طول سنة كاملة وخلاص مفيش عندهم سلاح وهيموتوا من الجوع، وبعدين دول روحهم في إيدي، أنت أصلك ما تعرفش لما المعبر بيتفتح بيبقوا هايصين ازاي .. يصمت نتنياهو قليلاً ليفكر في جدية الفكرة، ويقول مش بطال، موافق وأنا هقبل وقف إطلاق النار بس يبطلوا ضرب صواريخ على تل أبيب عشان منظري بقى وحش أوي، فترد مرجانة بثقة : ما تقلقش يا مولاي، أكيد هيقبلوا !!!
عندما يبدأ نظام ما في الانهيار، فإن انهيار مؤسساته لا يظهر للعين، وخصوصاً مع وجود منظومة إعلام تدعمه, الانهيار يبدأ عن طريق الأشخاص، فحكم العسكر الصهيوني، الذي يحكم مصر منذ ستين عاماً, بدأ في الانهيار منذ تلك اللحظة التي اختار فيها السادات المخلوع نائباً له فقط لأنه مطيع (وبيسمع الكلام) ويركض لإشعال البايب للسادات ولا يتحرج من فعل ذلك أمام الزوار، لم يكن السادات يختار نائباً لرئيس الجمهورية بل كان يختار خداماً أو صبياً يطيعه ويشعل له البايب، وانحطت معايير الاختيار بعد أن صار الخادم رئيساً للجمهورية، ففي خلال 30 سنة عجاف من حكمه لم يختر للمناصب سوى اللصوص والخونة, ونذكر جميعاً ذلك الحديث الذي دار بين المقبور عمر سليمان وأحد مسؤولي وزارة الدفاع الاسرائيلية والذي عرض عليه فيه السماح بإدخال قوات اسرائيلية ليشرف الإسرائيليون بأنفسهم على تدمير الانفاق وهو ما نشرته وثائق ويكيليكس.
كان المخلوع حريصاً على اختيار معاونيه من حضيض حثالات الموظفين الذين جرى تصعيدهم تدريجياً على سطح المشهد خلال فترة حكم العسكر، وكنا نرى مؤسسات الدولة متماسكة ولم يكن من المقدر لنا أن نعلم حجم الانهيار في مؤسسات الدولة حتى رأينا (مرجانة) الذي اختاره المخلوع ليشغل منصب مدير المخابرات الحربية وهو يتحدث، فأدركنا إلى أي قاع من الانهيار وصلت مؤسسات الدولة، وخلال سنة من الانقلاب، أطلق الثوار على مدير مخابرات المخلوع ذلك الهاشتاج الشهير، الذي عبر عن حقيقته فعلياً حتى خرج بمبادرته التي يدعو فيها لنزع سلاح المقاومة الفلسطينية مقابل فتح معبر رفح، بعد أن وافق سيده الجالس في تل أبيب عليها، فاكتشفنا أنه لم يكتف بالهاشتاج وانما أراد ان يلعب دور الجارية مرجانة، ولكن المقاومة نسفت جهوده وأظهرته في حجمه الطبيعي, مجرد قزم لا يعبأ به أحد، وخصوصاً بعد أن قطع شعرة معاوية بينه وبين حماس، بعد أن وصمها قضاءه بالإرهاب. المقاومة في سبيلها إلى الانتصار إن شاء الله طال الوقت أم قصر، ودعم المقاومة ضد العدو الصهيوني مسألة دين قبل أن تكون مسألة وطن، وقد اختار صاحب الهاشتاج الشهير أن يتوج قائمة جرائمه بدعم الاحتلال الصهيوني ببجاحة لم يجرؤ عليها أي من وكلاء اسرائيل في المنطقة قبله، ولكنه قتل سيده نتنياهو بقطعه لشعرة معاوية بينه وبين المقاومة ولم ينجح حتى في أن يلعب دور الجارية مرجانة !!