قصة وامعتصماه!... حقيقة أم وهم
حبيب جبر
قصة لا تخفى على أحد،وهي حدثت في عهد الخليفة المعتصم العباسي حينما جيّش جيوش المسلمين لمحاربة الروم من اجل ان يأثر لإمرأة عربية اُهينت من قبل الرومان في العموريّة.
جاء رجل الى المعتصم فقال : يا أمير المؤمنين ... كنت بعمورية فرأيت بسوقها امرأة عربية مهيبة جليلة تساوم روميا في سلعة وحاول أن يتغفلها ففوتت عليه غرضه ، فأغلظ لها ، فردت عدوانه بمثله ، فلطمها على وجهها لطمة فصاحت في لهفة :
ـــ واااااااااامعتصماه ـــ
فقال الرومي : وماذا يقدر عليه المعتصم وأنى له بي ؟
فأمر المعتصم بأن يستعد الجيش لمحاصرة عموريّة فمضى إليها فلما استعصت عليه قال : اجعلو النار في المجانيق وارموا الحصون رميا متتابعا،ففعلوا،فاستسلمت ودخل المعتصم عمورية فبحث عن المرأة فلما حضرت قال لها :
هل أجابك المعتصم ؟ قالت نعم .
فلما استقدم الرجل قالت له : هذا هو المعتصم قد جاء وأخزاك قال : قولي فيه قولك .
قالت : أعز الله ملك أمير المؤمنين بحسبي من المجد أنك ثأرت لي . بحسبي من الفخر أنك انتصرت فهل يأذن لي أمير المؤمنين في أن أعفو عنه وأدع مالي له .
فأعجب المعتصم بمقالها وقال لها : لأنتِ جديرة حقا بأن حاربتُ الروم ثأراً لكِ . ولتعلم الروم أننا نعفو حينما نقدر.
فما ابعد اليوم بالامس ، فالمعتصم لم يكن عروبيا بالمقاييس القومية الجديدة !! بل كان اقرب الى الاسلام بشموليته من القومية العربية،ولكنه كان يمتلك الكرامة والمروءة والشجاعة التي لا يمتلك ذرة منها معتصم !!
عصرنا هذا واعني بذلك عصر (بشار الضبع بكل تأكيد) فقد سلم الى الفرس المحتلين قبل يومين امرأة عربية لجأت اليه من بطش الاعداء الحاقدين على العروبة . . . نعم سلـّمها بثمن بخس قد يكون بعدة تومانات من المال (الحلال) الفارسي ؟؟!!.
فاذا كان المعتصم جيّش جيوشه لمحاربة الروم ليثأر من أجل لطمة خد لتلك المرأة العربية،فقد لجأت الإمرأة العربية الأحوازية منذ فترات الى بشار الضبع وطلبت الحماية في (حصونه)،وبدلاً من ان يحميها،هذا الضبع،أذاقها العذاب لمدة شهر ٍكامل ٍ في سجونه ،ومن ثم سلمها لاعداءها كي يكملوا العذاب عليها،فاذا كان تسليم معصومة الكعبي العربية الأحوازية الى الدولة الفارسية نتيجة لعمالته للفرس والذي يتفاخر بها،فقد سلم من قبل هدى صالح مهدي عمّاش الى الامريكان الذي يدّعي،هذا الضبع،العداء معها ويتهم الاخرين بانصاف الرجال بينما هؤلاء ـ انصاف الرجال كما يسميهم ـ لم يسلموا طفلا للامريكان ولا للفرس.
ان بشار الضبع ونظامه المجرم الذي يبطش باهلنا في سوريا،قد تجاوز ابسط حدود الاخلاق العربية التي تربينا عليها كـ"عرب"، وبتسليمه المرأة العربية الأحوازية الى سلطات الاحتلال الفارسي وقطع آخر شعرة تربطه بالشعارات الرنانة التي أكل الدهر عليها وشرب،فعن أي (مبادئ) (قومية) يريد هذا المجرم أن يحدثنا بعد الان ؟
وعن أي (ممانعة) يتحدث وهو يلهث وراء الامريكان والاسرائيليين لهث الكلاب،فضلا عن عمالته الفاضحة للفرس المجرمين؟
قد يفرح اعداء القومية وقد يسئلون:هل هذه هي القومية والعروبة التي تتحدثون عنها؟ ونقول وبايمان مطلق بعروبتنا. قطعاً لا. ان بشار المجرم ونظامه الطائفي الفاسد لا يمثلون العروبة والقومية العربية أبداً،وان اِدعاها، مثلما لا يمثل الاسلام النظام الفارسي الطائفي المجرم ،وان ادعاها، ايضا. فتبقى العروبة كثقافة باقية متجذرة في ضمائر ابناءها الشرفاء الذين لا يضعفون امام عواصف الاعداء،وتبقى فكرا وشعلة وهاجة تنير لنا طريقنا الى التحرير وبها نميّز الخيط الأبيض من الخيط الأسود .
إن هذا الموقف المدان والمجرم الذي قام به النظام السوري يبرهن على أن موقف سوريا (نظام بشار) ضد الأحواز والعراق العربييْن لم يكن مجرد مصادفة أو منبثق عن خلافات سياسية،بل هي نظرة تستبدل الفسلفة القومية العربية بالرؤية الطائفية التي هي مقياس الإرتباط والمصالح بين النظامين الفاسدين : الفارسي والسوري، وتقدمها،أي الفلسفة،على مذبح العلاقات السياسية بين النظام الفارسي الصفوي،من جهة،والنظام السوري (العلوي)،من جهة أخرى .