الصَلفُ ليس شجاعةً يا مثال الآلوسي

يحيى السَّماوي

[email protected]

كثيرة هي الطحالب التي طفت على سطح المستنقع السياسي العراقي في غفلة من الزمن ، فأخذت حيِّزا ً من واجهة المسرح مع أنها  غير جديرة حتى بالصف الأخير من كراسيه  ، لولا أنَّ  المحتلّ الأمريكي  وباعتباره مؤلف المسرحية ومخرجها  قد  حَجَزَ  له مقعدا في المقدمة لغاية في نفس البنتاغون أو ال " سي . أي . إيه " .... ومثال الآلوسي أحد هذه الطحالب .... فقد أصبح بفعل إرادة المحتل ، عَلما ً من أعلام السياسة في عراق اليوم ، وهو الذي كان قبَيل الإحتلال نكرة ً في سجل النضال الوطني ..

في الأسابيع الأولى للإحتلال الأمريكي للعراق ، لفت " مثال الآلوسي " إنتباه الشعب العراقي وبعض وسائل الإعلام  وبخاصة الإسرائيلية منها  إثر زيارته " تل أبيب " الأمر الذي حمل حزب" المؤتمرالوطني " بزعامة أحمد الجلبي على فصله رغم كونه الشخصية القيادية الثانية فيه ... يومها خرج الآلوسي بذريعة برّر فيها زيارته تلك  بالزعم أنه كان يهدف من ورائها إلى معرفة موقف قادة وساسة إسرائيل من العراق ، فنقلت عنه بعض وسائل الإعلام قوله : " سافرت إلى تل أبيب كي أعرف عن قرب طريقة تفكير العدو " ...

مثال الآلوسي رئيس ما يسمى ب " حزب الأمة العراقية "
 والذي لا يزيد عدد أعضائه حسب ما نقلته شبكة " الدار العراقية " على عشرين عضوا  بما فيهم أعضاء المكتب السياسي واللجنة المركزية  وكوادره " المتقدمة منها والمتأخرة " !! إستغل تعاطف الشعب العراقي حين اغتال الإرهابيون ولديه في عملية تفجير كان هو المستهدف فيها ... وبسبب هذا التعاطف ، نجح في كسب أصوات أهَّلته للجلوس على مقعد من مقاعد البرلمان ( وثمة مَنْ يجزم أن المحتلّ هو مَنْ خصص لمثال هذا المقعد بعد نجاحه في إثبات حسن السلوك من خلال زيارته تل أبيب ) ..

يعرف مثال الآلوسي أن الشعب العراقي يُدين سياسة إسرائيل ، وأن نظامنا الجديد لا يقيم علاقات معها ،  مثلما يعرف أن الموساد وراء اغتيال الكثير من علماء العراق وبخاصة علما الفيزياء النووية ، بل ووراء نهب وتدمير محتويات المتحف العراقي .. لكن مثال الآلوسي ، بدلا من تكفيره عن خطيئة تلك الزيارة ، فيتقدم للشعب بالإعتذار ، تحدّى الشعب الذي يزعم بتمثيله ، فعرَّج على تل أبيب مرة أخرى ، وليطلق من هناك تصريحات أقلُّ ما يقال عنها ، أنها رخيصة ومبتذلة جاءت في المكان الخطأ والزمن الخطأ .

الصحافة الإسرائيلية كتبت تقول إن الألوسي ألقى  محاضرة أمام مؤتمر نظمه معهد السياسات ضد الإرهاب التابع لأكاديمية هرتسليا الإسرائيلية دعا فيها إلى تعاون بين دول المنطقة ضد إيران. ومما قال فيها : " ينبغي التعاون مع إسرائيل من أجل إنتاج سلاح استخباراتي سوية مع تركيا والولايات المتحدة والكويت من أجل ضمان انتقال معلومات استخباراتية جيدة ومواجهة الإرهاب الشرق أوسطي معا " !!!! علما أن الألوسي ذاته كان قد  اتهم تركيا أوائل شهر تموز الماضي ب " ممارسة حرب غير معلنة ضد العراق" فطالب تركيا وإيران  ب " الكف الفوري عن القصف اليومي ضد القرى العراقية الحدودية وتعويض المتضررين"  ونقلت عنه صحيفته الناطقة بلسان حزب العشرين عضوا قوله : "ندعو منظمات حقوق الانسان داخل العراق وخارجه وكذلك المنظمات المهتمة بالسلام، لرفع شكوى قضائية امام المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان والعمل على اصدار قرار منها يدين تركيا وايران على انتهاكاتهما وضرورة إلزامهما بوضع حد لهذه الانتهاكات، التي نؤكد انها تأتي في اطار حرب غير معلنة ضد النظام الديمقراطي الجديد في العراق " ...

مثال الآلوسي يلقي محاضرة في معهد السياسات في  تل أبيب عن الإرهاب  وما هو بالخبير أوالمفكر والباحث الإستراتيجي ليلقي محاضرة عن الإرهاب ، رغم كونه قد مارس إرهاب الجلاد أيام كان رفيقا بعثيا !

يذكر الدكتور" ليث كبة   الناطق الرسمي السابق بإسم حكومة ابراهيم الجعفري " أن " مثال الآلوسي " هو ذاته الذي أشرف على تعذيبه في معتقل مديرية أمن  نظام صدام حسين أوائل السبعينات الميلادية ... فالرجل إذن كان جلادا من جلادي مديرية أمن النظام المقبور حتى نهاية السبعينات الميلادية حين فرّ من العراق إثر أمر بإلقاء القبض عليه لسبب نجهله ( الأسباب كثيرة  ولكن المؤكد ليس من بينها  سبب معارضته الديكتاتور أوندمه على خطيئة  كونه كان جلادا في أحد أجهزة أمن النظام المقبور ) .. فما  السرّ في زيارة مثال الآلوسي الجديدة إلى تل أبيب ؟

باعتقادي أن الزيارة لا تعدو كونها رسالة غزل للإدارة الأمريكية مفادها إستعداده أن يكون عرّاب إسرائيل في العراق ، أو سفير العراق القادم في تل أبيب  ومَنْ يدري ؟ فربما اعتقد مثال الآلوسي أن تصريحاته  ضد إيران ، ستقنع الإدارة الأمريكية في منحه حقيبة وزارية كحقيبة الدفاع أو الداخلية  لو حدث وارتكبت قوات الإحتلال خطيئة الإنقلاب على حكومة المالكي ، هذه الحكومة التي  لا تزال تقول " لا " جهورية أمام المطلب الأمريكي في منح قواتها الحصانة والبقاء غير المحدد زمنيا في العراق ...

مثال الآلوسي جدير بإشغال مقعد من مقاعد الكنيست الإسرائيلي وليس البرلمان العراقي ... و :

" تفو  " بحجم العراق على كل مَنْ يتحدى مشاعر الشعب العراقي  حتى لو كان يشغل مقعدا من مقاعد البرلمان نتيجة خلل في الزمن .