مَن يَضمن شواربَ الرئيس السوري

ماجد زاهد الشيباني

ماجد زاهد الشيباني

·  سهل على بشار الأسد ـ إذا طلبت منه أطراف عربية معيّنة ، السماح للمعارضين السوريين ، بالعودة إلى بلادهم ـ سهل عليه أن يزعم ، أن أبواب سورية مفتوحة للمعارضة السورية ، بسائر أطيافها ، بمن فيها الإخوان المسلمون !

·  وسهل عليه ـ إذا جوبِه بأن المعارضين لا يأمنون على أنفسهم ، من عبث أجهزة المخابرات ، إذا عادوا إلى وطنهم ـ سهل عليه أن يدقّ على صدره ، ويعلن أنه ضامن ، لكل مواطن يعود إلى بلاده ، بألاّ يصيبه أيّ مكروه ، أو سوء ، من أجهزة الأمن !

·  وسهل عليه ـ إذا استثيرت فيه روح النخوة والرجولة ، كما تستثار في الرجال ـ  سهل عليه أن يمسك شورابه ، كما يفعل الرجال في بلاد الشام .. مؤكّذا ضمانته لهؤلاء المعارضين العائدين ، بألاّ يمسهم سوء ، من أيّة مؤسّسة من مؤسّسات الدولة في بلادهم !

·  لكن .. إذا ضَمنت شوارب الرئيس ، المواطنين العائدين إلى بلادهم .. فمن يَضمن شوارب الرئيس !؟ أيْ : من يضمن أن شوارب الرئيس ، لن يفرَّط بهيبتها ، وبمقام صاحبها .. سواء أجاء التفريط من قبل الرئيس نفسه ، أم جاء من قبل موظفيه الأمنيين !؟ وهذا السؤال لم يأت عبثاً ! إن له أسباباً وجيهة ، دعت إليه .. وهذه نماذج ، من الأسباب الداعية للسؤال :

1)    لقد أصدر الرئيس ، غبر مرّة ، مراسيم وقرارات .. فأبطِل مفعولها ، من قبل رجال المخابرات ، قبل أن يجفّ حبرها ! ومن أبرزها : ماأصدره ، من بضع سنوات ، من توجيهات ، للسفارات السورية ، في الخارج .. بوجوب منح المواطنين السوريين ، في الخارج ، وثائق سورية ! وحين راجع المواطنون السفارات ، احتجّت بأنها لم تبلّغ بقرارات من هذا النوع ! مع أن النصّ كان مكتوباً ، ومتداولاً بين أيدي المواطنين ، الذين كانوا يبرزونه لموظّفي السفارات ، فيحتجّ هؤلاء ، بأنهم لم يبلّغوه رسمياً ! وقد كان ذلك ، قبل السماح الأخير بمنح الجوازات ، متضمّنة سنتين .. أيْ : ثلث المدّة العادية لصلاحية الجواز، وهي ستّ سنوات !

2)    لقد عاد بعض المهجّرين السوريين ، إلى بلادهم .. بناء على وعود رسمية ، صادرة عن أعلى مؤسّسات الدولة .. وأجروا تسويات لأوضاعهم ، في السفارات ، وقدّموا كل ما طلِب منهم ، من كتابات وتعهّدات ! ثمّ اعتقلوا ، وعذّبوا في السجون ، ومات بعضهم تحت التعذيب ، ومات بعضهم بسبب الأمراض ، وضعف العلاج ، في السجون .. ومازال بعضهم في السجون ، حتّى اليوم !

3)    لقد بات معروفاً ، لدى كل مواطن سوري ، أن عريفاً في المخابرات السورية ، بإمكانه أن يقتحم أيّ بيت في سورية ، ويقتاد سكّانه إلى المعتقل ! وأن من يدخل المعتقل ، ويفتح له ملفّ ، لا يخرج منه ، إلاّ بقرار من رئيس الجمهورية ! وأن كثيراً من عناصر المخابرات ، يسعون إلى ابتزاز المواطنين مالياً .. ومن لم يقدّم لهم مالاً ، لفّـقوا له تهمة تتعلق بأمن الدولة ، وأخضعوه للإهانة والتعذيب ، والحبس الطويل !

4)    لقد بات معروفاً ، لدى كل مواطن سوري ، أن أجهزة المخابرات السورية ، بارعة في تلفيق التهم ، وإعداد المستندات والوثائق ، التي تدين أيّ مواطن بريء ! فإذا احتجّ المواطن ، بأنه يحمل ضمانة من رئيس الدولة ، بألاّ يمسّه أحد بسوء .. زجره رجل الأمن ، قائلاً : (اخرس يا مجرم ! إن السيّد  الرئيس ، لا يضمن خونة عملاء من أمثالك ) ! وإذاعلم رئيس الجمهورية بالأمر، واحتجّ على فعل أجهزة المخابرات ، واجهوه قائلين ، بثقة : إنك ياسيّدي أكبر وأجلّ ، من أن تضمن خونة مجرمين ، يتآمرون على سلامة الوطن ! وإن التعهّد الذي قطعته على نفسك ، إنّما قطعته لمواطنين صالحيين ، لا لخونة مجرمين عملاء ! وإن شواربك التي أمسكتها ، يوم تعهّدت بضمان حريّات المواطنين .. إنّما أمسكتها لتضمن بها مواطنين شرفاء ، صالحين ! فهل ترى ، يا سيادة الرئيس ، أن شواربك الكريمة ، التي هي عزّ للبلاد وأهلها ، يمكن أن تشكّل حصناً للخونة والعملاء ، أو تعطيهم حصانة ضدّ المساءلة القانونية ، وتتركهم يعيثون فساداً ، بأمن الوطن والمواطنين !؟

وهنا ، يعود السيّد الرئيس ، ليتحسّس شواربه الكريمة ، من جديد ، ويقول بحماسة وصرامة : أعوذ بالله ! من قال هذا !؟ اسحقوا الخونة بلا رحمة .. فقد أهانوا شواربي التي أكرمتهم بها .. تباً لهم ، وتَعساً !

 وهنا ، يهتف رجال المخابرات الأبطال : بالروح ، بالدم .. نفديك يابشّار !