سلام الحكومتين، السورية والإسرائيلية
هل يُلزم شعبيهما !؟
عبدالله القحطاني
· دولة العدوّ الصهيوني ، لا تلتزم بأيّة معاهدة ، أو أيّ اتّفاق ! فكلما عاهدت عهداً ، نكثت به ، وكلما أبرمت اتّفاقاً ، نقضته ! هذا طبع ، لدى القوم ، عرفوه ، هم ، عن أنفسهم ، وعرفه عنهم العالم ، عبر تاريخهم كله ! ووصفهم به ربّهم عزّ وجلّ : كلّما عاهدو عهداً نبذَه فريق منهم . وتجاربهم القريبة معروفة ، وما يزال بعضها ماثلاً للعيان ! فلطالما سمع العالم ، بعضَ زعمائهم ، الذين يأتون إلى السلطة ، يضربون عرض الحائط ، بالاتّفاقات التي أبرمها أسلافهم ، ويصفها بعضهم ، بأنها : لاتساوي الحبر الذي كتبت به ! وهم لا ينقضون ، بالطبع ، إلاّ الاتّفاق الذي يرون لهم مصلحة في نقضه ! أمّا الاتّفاق الذي يرون لهم مصلحة في استمراره واستقراره .. فيحافظون عليه !
· الأسرة الأسدية لاتملك ، أصلاً، أن توقّع ، نيابة عن شعب سورية ، أيّة اتفاقية صلح ، مع دولة الصهاينة ! لأنها لا تعبّر عن إرادة شعب سورية ؛ فلا هي منتخبة من قبل الشعب ، ولا يراها الشعب مؤهّلة ، أساساً ، للنيابة عنه ، في توقيع الاتفاقيات العادية البسيطة .. بلْهَ الهامّة والخطيرة والمصيرية ! لاسيّما ، إذا كان فيها ، شيء من التنازل ، عن بعض الأراضي السورية ، أو بعض ما يخصّ الدولة السورية ، من أمورتتعلّق بسيادتها! وإن فعلت ، ففعلها غير ملزم لشعب سورية، حاضراً أومستقبلاً !
· حكّام دولة الصهاينة ، يعلمون هذا ، جيّداً ، عن مكانة الأسرة الأسدية ، لدى شعب سورية ، ومدى ما يمكن أن تقدّمه، بصورة شرعية ، نيابة عن سورية، وطناً وشعباً !
· الشعب السوري ، يعرف حقوقه في بلاده ، جيداً ! ويعرف ما تمثّله أسرة أسد ، بالنسبة له ! كما يعرف عهود الصهاينة ، ومواثيقهم ، قديماً ، وحديثاً ، ومدى الثقة بها !
· فما معنى مفاوضات السلام الراهنة ، بين نظام آل أسد ، وبين حكومة الصهاينة الحالية !؟
ثمّة جملة من المصالح ، لكلا الفريقين ، من أهمّها :
ـ حرص كل منهما ، على كسب الوقت ، لحسابات داخلية ، تتعلّق بوضعه في بلاده .. وخارجية ، لها صلة بالعلاقات الدولية الراهنة ، في المنطقة العربية ، وفيما جاورها ! ومن أبرز الأمور العالقة ، التي تتشابك فيها القوى والمصالح ، وتتناقض الحسابات ، أو تتقاطع .. ما يجري في لبنان والعراق ، وداخل فلسطين .. والعلاقة مع إيران ، وحزب الله ، والشعب الفلسطيني .. والمصالح الأمريكية في المنطقة ، ومصالح بعض الدول العربية ، القريبة من مسرح الأحداث !
ـ إدراك كلّ منهما ، أن عدوّه غير قادرعلى التنازل ، عن أيّ شيء ، في الظروف الراهنة .. هذا الإدراك ، يعطي كلاً منهما ، نوعا من صِمام الأمان ؛ بانه لن يخسر شيئاً في مناورات التفاوض .. وأنه ، إنّما يسعى لكسب الوقت ، وتلميع صورته ، أمام المجتمع الدولي ، على أنه راغب بالسلام ! بينما أحدهم (الصهيوني) يخبِر ساسة شعبه ، بأنه ، إنّما يسعى إلى عزل ابن الأسد ، عن حليفة الإيراني ! أمّا ابن الأسد ، فيخبر حليفه الإيراني ، بأنه يناور لكسب الوقت ، كذلك ! أمّا شعب سورية ، فلا يخطر في بال ابن الأسد ، أن يستشيره في شأن ، ممّا يمسّ مصلحته ، ومصلحة بلاده !
ـ ثمّة مصلحة حقيقية ، لدولة الصهاينة ، في ألاّ تعيد شبراً واحداً ، من الأراضي السورية ، التي احتـلّتها برداً وسلاماً ، وتحتفظ بها ، من أربعين سنة ، برداً وسلاماً.. دون أن يعكّر صفوها معكّر.. بينما هي ، تستثمر خيرات الأرض ، ومياهها .. وتتّخذ منها خطاً دفاعياً ممتازاً ، في وجه أيّ خطر عسكري ، يأتيها من قبل الجيش السوري ، بعد سقوط النظام الأسدي الممانع ! ولطالما احتجّ قادة دولة العدوّ ، المعارضون لإعادة شيء من الجولان ، ضدّ أيّة فكرة ، لإعادته إلى سورية .. ما دامت حدوده هادئة ، لا يأتيهم من جهتها أيّ إزعاج !
أمّا أسرة أسد ، فلا تهتمّ ، أساساً ، باستعادة الجولان ! لأنها تعلم أنها عاجزة عن استرداده حرباً ، وهي على ماهي عليه ، من البسالة والإخلاص ، والروح الوطنية المتوهّجة ! كما أنها لا تحلم باسترداده سلماً ، إلاّ بثمن باهظ جداً ، يصعب عليها دفعه لدولة الصهاينة .. لأسباب كثيرة ، ولحسابات خاصّة ، تتعلّق بوضع الأسرة ، نفسه ، داخل سورية ، وطناً وشعباً ! كما أن بقاء الجولان محتلاّ ، يعطي الأسرة المسوّغ الدائم ، الذي تقمع به صوت الشعب السوري ؛ حين تحتجّ بأنها في حالة حرب ، ولا صوت يعلو على صوت المعركة ! كما تخدع به المغفّلين ، من عشّاق الهتاف والتصفيق العرب ، المهووسين بالشعارات المجّانية ، التي يرفعها الأسد الممانع ! وهؤلاء يشكّلون جوقات مجّانية ، لابن الأسد ، في بلدانهم ، ويلمّعون صورته ، أمام السذّج من مواطنيهم !