زيارة صحفي لسورية، وحرمانه منها

بين حقّ الحبّ ، وحقّ الحقد !

عبدالله القحطاني

·        صحفي عربي ، يتحدث ، أحياناً ، عن بعض ما يجري في سورية ، من سياسات شاذّه ،على أيدي حكامها .. طلبَ دخول سورية ، زائراً .. فمنِع ! ثم طلب المرور عبرها إلى لبنان ، فمنِع ! وهو يصرّ على الدخول إلى سورية .. لان (هذا من حقّه) كما يرى هو ! فهو (يحبّ سورية) وبالتالي ، لايجوز منعه من دخولها ! وهو يتّصل بالجهات المعنيّة ، في بلده ، وفي سورية .. للحصول على (حقّه) في دخول القطر السوري الشقيق ! لأنه يحبّ هذا البلد .. وبالتالي ، لا يحقّ لأحد منعه من دخوله !

·        بَديع إصرار هذا الصحفي على دخول سورية ! والأبدع منه ، هو الحقّ الذي ادّعاه لنفسه! والأبدع من هذا وذاك ، هو: السبب الذي منَحه هذا الحقّ ؛ وهو حبّه لسورية !

·        نهنّيء الصحفي المحبّ الجريء ، على أمورعدّة :

-       على جرأته ، في نقد بعض الممارسات الخاطئة ، للنظام السوري !

-       على إصراره ،على دخول سورية ، وهو يعلم ما في صدور حكّامها ، من حقد عليه !

-       على السبب ، الذي ادّعى أنه يمنحه حقّ الدخول ، وهو: الحبّ !

-       على اتّخاذه الأسباب ، التي تعيد إليه حقّه المسلوب ، ومنها : الاتّصال بالمسؤولين ، في مواقع مختلفة ، سياسية وإعلامية ، في بلده ، وفي سورية .. لتحقيق هدفه !

·        نسأل الصحفي المحبّ الجريء .. ومن خلاله ، نسأل كل من يحبّ سورية ، من غير مواطنيها ، ويرى هذا الحبّ يمنحه حقّ زيارة سورية .. صحفياً كان ، أم غير صحفي :

1)     هل تعلم أن في سجون سورية ، الآلاف من أبنائها ، يعذّبون ، ويهانون ، ويمنعون من أبسط حقوقهم ، الوطنية والإنسانية .. بما فيها زيارة الأهل ، والعلاج الطبّي .. ولا ذنب لهم إلاّ حبّ سورية .. وأن ماقاله بعضهم ، من نقد ، بحقّ النظام السوري النبيل ، لا يعدل شيئاً ، إذا قيس بما قاله الصحفي العربي المحبّ !؟

2)     هل تعلم أن في المنافي ، مئات الآلاف ، من أبناء سورية ، المحرومين من زيارة بلادهم .. لا لسبب ، إلاّ لأنهم يحبّون سورية ، أو لأن آباءهم يحبّون سورية !؟

3)     هل تعلم أن عشرات الآلاف ، من المواطنين السوريين ، قتلِوا في السجون ، على شكل إعدامات يومية مستمرّة ، في تدمر وغيرها .. ومئات قتِلوا في المدن والبلدات ، في الشوارع ، وفي أقبية التعذيب !؟

4)     هل الحبّ ، الذي يعطيك الحقّ في زيارة سورية ، يفرض عليك ، كما يفرض على أبناء سورية ، الذين يحبّونها .. واجبَ الدفاع عنها ، ضدّ جزّاري شعبها ، وسارقي خيراتها !؟

5)     هل حبّك لسورية ، يجعلك تحبّ أن تكون مواطناً سورياً ، شهراً واحداً ، تحت حكم آل أسد !؟

6)     هل تعرف واحداً ، بين الصحفيين الذين تعرفهم ، من أبناء بلدك ، وغيرهم ، ممّن يحبّون آل أسد ، ويرونهم سادة الممانعة .. واحداً ، فقط .. يحبّ أن يكون مواطناً سورياً ، تحت حكم أل أسد النبلاء .. مدّة شهر واحد ، فقط !؟

7)     هل حبّك لسورية ، مقتصر على مائها وهوائها ، وطقسها الجميل ، ورياضها الغنّاء ، ومتنزّهاتها الساحرة .. أم ينسحب على الشعب ، الذي يعاني الويلات ، تحت حكم آل أسد الفضلاء !؟ وإذا كان حبّك ينسحب على الشعب.. فهل أنت مستعدّ لتسخير قلمك ، لنصرته في محنته ، ولو ضحّيت بنزهة سنوية إلى مصايف سورية ، أو بمرور ترانزيت ، عبر أراضيها !؟ أم أن حبّك هو من النوع الذي يمنحك حقّ الزيارة ، فحسب .. دون أن يحمّلك أيّ واجب ، تجاه البلاد التي تحبّها !

8)     وأخيراً.. لعلك تعلم أن حقّ الحقد ، لدى حكّام سورية ، عليك ، وعلى أمثالك ، وعلى شعب سورية .. هو الذي يمنعك من زيارة سورية ، أو عبور أراضيها .. وهو الذي يمنع أبناء سورية ، المشرّدين عنها ، من دخولها..! فهل لديك استعداد ، لمناصرة حقّ الحبّ ، على حقّ الحقد .. لتعود سورية وطناً لأهلها ، ودار ضيافة رحبة ، لك ، ولأمثالك ، من أبناء الأمّة ، وأصدقائها !؟ أم أن سِنان قلمك ، سيظلّ أسرع انغراساً ، في صدر الشعب السوري وقواه المعارضة ، منه في صدر الزمرة المتربّعة على عرش سورية !