بشار مع الصحافة الروسية

بشار مع الصحافة الروسية

د.عثمان قدري مكانسي

[email protected]

نقلت وكالة الأنباء السورية سانا يوم 20- 08-2008حديثاً لبشار الأسد مع صحيفة كومير سانت ، نقف عند بعضها

1- فهو يدعي أن من حاول عزله عن العالم وقف الآن معزولاً وعلل تجاوزه لمخططات من حاول عزله " أن شعبنا موحّد " ولا أدري كيف يكون السوريون موحدين ومئات الآلاف مضطهدون ، فبعضهم حكم عليه بالإعدام لأنه قال : لا للديكتاتورية الأسدية ، وعشرات الآلاف لا يُعرف مصيرهم منذ ثلاثين عاماً ، وإعدام المعتقلين قائم على قدم وساق ، وآخر الإعدامات ما جرى في سجن صيدنايا الشهر الماضي  وما يزال الإعدام جارياً حتى هذه اللحظة ، والعالم متواطئ مع النظام في صمت الأبالسة . وكيف يكون السوريون موحدين وبشار يصر على حرمان مئات الآلاف من الأكراد من حقوقهم الأصيلة – الجنسية - ، وكيف يكون السوريون موحدين وأحرار الرأي يُعتقلون ، وكيف يكون الشعب السوري موحداً ونظام بشار سلب حقوقهم في حكم أنفسهم ؟

2- وافق بشار على أن تنصب روسيا صواريخها من طراز اسكندر في الأراضي السورية لكنه سرعان ما بلع هذه الموافقة ونفاها حين أعلنت إسرائيل أنها ستدمرها فور نصبها ، فعلام يدل هذا التراجع الفوري يا ترى ؟ الذكي يعرف الجواب ، والعميل يتغافل ، والغبي لا يدري أصلاً ماقيل وما يُقال!.

3- يعتقد بشار أن العالم يدرك دور إسرائيل ومستشاريها العسكريين في جورجيا وأن إسرائيل لم تكن صديقة لروسيا ولن تكون ، فلماذا يرتمي في أحضانها ويركب الصعب في إرضائها وطلب حمايتها ، وهي تعلن في كل وقت أنها لا ترغب في تغيير النظام السوري لأنه أثبت دوره الإيجابي في الحفاظ على حدودها مع سورية ! ؟ إم إن بشاراً يخلط  كعادته في شهوته للحديث دون أن يدري خلطاته التي ينقض بعضها بعضاً ؟! ألم يتوسل إلى أولمرت حين اتهمه الأخير أنه ليس أهلاً للصداقة فقال بشار " جرّبونا " ، ويبدو أنهم جربوه فرأوه عميلاً صادقاً ومطيعاً ، كما كان أبوه من قبل فأعلن الإسرائيليون أنهم لا يودون أن تغير الإدارة الأمريكية النظام في سورية .

4- في معرض شراء الأسلحة من روسيا يقول بشار " إن الاتفاقيات التي توقعها الدول تحدد بصورة واضحة ودقيقة أين ستستخدم هذه الأسلحة أو تلك في نهاية المطاف  " وهذه حقيقة الإنظمة الغربية التي تبيع الحكومات العربية الديكتاتورية أسلحة دفاعية لا هجومية لأن الغرب لا يريد من العرب أن يقاتلوا  إسرائيل ، وستكون هذه الأسلحة مصوبة إلى صدور الشعوب التي تريد أن تتخلص من الأنظمة العميلة . وإلا فلتسألوا بشاراً ماذا فعلت الأسلحة التي اشتراها أبوه في حرب سبعة وستين وثلاثة وسبعين ، كيف جعلته يخسر أكثر الجولان في الأولى ، ثم يخسر أكثر من ثمانية وعشرين قرية في الحرب الثانية . واسألوا بشاراً كيف صوب أبوه السلاح إلى صدور السوريين فقتل في حلب عشرات الآلاف من الشهداء واعتقل عشرات الآلاف ، ثم أعدمهم ، واسألوه عن مجزرة حماة حيث قتل فيها عام ألف وتسع مئة واثنين وثمانين أكثر من ثلاثين ألف حموي ، واسألوا بشاراً عن مجازر دير الزور وجسر الشغور والرقة ، وقرى حماة في العقد الثامن من القرن الماضي نفسه .

5- وحين يستبعد بشار أن تكون حرب الإدارة الأمريكية الإيرانية  - إن حصلت – نزهة، فنقول : إن أمريكا لن تحارب إيران التي ساعدتها على احتلال العراق وأفغانستان وما تزال تساعدها في استمرار الاحتلال ، وقد أكد نائب الرئيس الإيراني  دور إيران في احتلال أمريكا لهاتين الدولتين وافتخر بذلك  ، وما تمثلية القنبلة النووية الإيرانية إلا تمريراً للوقت لحساب إيران كي تنشئ قنبلتها وتملكها مكافأة لها على عونها للإدارة الأمريكية في احتلال البلدين المصابرين العراق وإيران . هذا الاتفاق ستكشفه الأيام القادمة ، كما لا يخفى على المتابع أن علماء ذرة إسرائيليين على رأس العاملين في الحقل النووي الإيراني ، وما التصريحات الإسرائيلية النارية ضد المفاعلات النووية الإيرانية والتهديد بتدميرها إلا ذراً للرماد في العيون .

6- ويدّعي بشارأن روسيا صديقة العرب كما كانت صديقة نظام أبيه ، والمتابع لأحداث حرب ثلاثة وسبعين في القرن الماضي تبرهن أن روسيا رفضت في قلب المعركة أن تبيع الأسلحة لـ ( أصدقائها ) إلا إذا دفعوا مباشرة ثمن الأسلحة ، فقام " النظام السعودي الرجعي ! " بقيادة المرحوم الملك فيصل الرجعي ! بدفع ثمن السلاح " للنظام السوري التقدمي ! " بقيادة بائع الجولان التقدمي حافظ الأسد ! .

7- من الدلالات على التعاون الاقتصادي الروسي السوري بدء الشركات السياحية الروسية بالعمل في سورية ، وبدأت ترسل على أعين النظام السوري الوطني الآلاف من العاهرات الروسية لتحسين المستوى الأخلاقي في سورية ، والزيادة في نشر الفحش والفساد – فالنظام أصلاً بدأ بذلك منذ أن تسنم الحكم في سورية – ولكنّ زيادة الخير خير! – ويستحسن الإبدال بين الراء والألف في الخير ليكون التعبير أكثر مصداقية – فالتعريص من أساسيات النظام الأسدي الشريف وأهدافه في سورية .

8- ولأن روسيا دولة كبرى في منطقتها جاز لها التدخل في أبخازيا والدول المحيطة بها لتحافظ على أمنها الإقليمي ، ولا يعتبر هذا تدخلاً - كما يفهم بشار – في شؤون الدول المحيطة بها بل هو عمل تحافظ به روسيا على مصالحها ! ، وسورية كذلك تعتبر أكبر من لبنان ،وهي دولة هامة في المنطقة ، وللنظام علاقات هامة بقوى في لبنان وهي علاقة شفافة!! النظام يبيعها الأسلحة فقط ، ويدعمها لوجستياً لتسدد أسلحتها نحو الفريق الذي لا يرضى عنه النظام السوري ، وهكذا تُبنى العلاقة الشفافة حقاً !!!  فيحق لها التدخل في حياتها ونظام الحكم فيها والنظام الاقتصادي  للحفاظ على مصلحة النظام الأسدي .

9- وأعلن الأسد وقوفه الكامل مع روسيا في فك عزلتها والحفاظ على اقتصادها وحدودها الآمنة ، ومنعها نصب صواريخ مريكية في بولندا . وهو بهذا يحاول ركوب القطار الروسي للوصول إلى الإدارة الأمريكية ، فقد أعلن بشار مراراً أنه يرغب أن تنشر الولايات الأمريكية مظلتها على المحادثات السورية الإسرائيلية ، ويتململ تململاً واضحاً من ابتعادها عن ذلك ودفع تركيا أولاً وفرنسا ثانياً للقيام بهذه المظلة . وقد صرح مراراً بذلك ، وقد يعبر المخذول بعبارات  عدائية لمن يطلب مساعدة منه فلا يرى تجاوباً .ثم تراه بعد ذلك ينسى كل ما فاه به وما فعله حين يرى ذراع سيده ممدودة نحوه ، فيرفس الآخرين ويجري إلى أحضانه .

10- أما لماذا فندقان متباعدان في تركيا للوفدين الإسرائيلي والسوري ، فأمر مضحك أن يصدر عن رئيس نظام  يحترم نفسه ، وهو يعلم أن أحداً لن يصدقه . فقد صافح بشار رئيس الدولة العبرية " كيتساب " في روما مرتين في مراسم تشييع البابا الكاثوليكي الراحل ، وهو في لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي منذ شهر مضى في باريس بعيداً عن الكاميرا نراه يسرع هرباً من أولمرت حين تتجه الكاميرا نحوه كما يسرع الطفل حين تراه أمه يسرق الجبنة  ويأكل العسل في غفلة منها  وبصفر وجهه . ولو عاد القارئ الكريم للكاميرا فسوف يرى إسراع بشار إلى الطرف الآخر ، بينما ينظر إليه أولمرت بتعجب وابتسامة ساخرة . فعلى من يكذب رئيس النظام  ولماذا – يا تُرى - يتصرف تصرفاً صبيانياً ؟!