ليتكم تتعلمون من اليهود !!

تحسين أبو عاصي

– غزة فلسطين –

[email protected]

لا قيمة لأيديولوجية ولا لدولة ولا لتنظيم أو حركة ، لا تحترم إنسانية الإنسان ولا تُُقدّر آدميته ، والعجيب في الأمر أن الكثير من تلك الحركات والأطر، تنشط في العمل الجماهيري والميداني ؛ من أجل خدمة الإنسان وتحقيق راحته ، وكأن آدمية الإنسان تحولت إلى ألوان وأنواع منها الغث ومنها السمين ، ومنها غير ذلك حتى بتنا لا نفرق في كيفية احترامها إلا من خلال رؤية ضيقة تعبر عن سمسرة البيع والشراء ، والمصلحة الوظيفية من خلال هذا العمل أو ذاك ، ووفق ما يحلو ويروق للمسئولين على أرض الوطن المنكوب على أيدي مسئوليه أولا وقبل كل شيء ، تلك المصالح التي تحولت إلى قيمة تفوق قيمة أرواح العباد .

 لا أعلم ماذا يمنع القادة والمسئولين من اتخاذ خطوات سريعة من أجل منع حوادث الغرق على شاطئ بحر غزة ، وهي خطوات بسيطة لا شأن لها في الحصار والإغلاق ؛ لنجعل من هذه الإسطوانة شماعة عفنة نعلق عليها فشلنا في كل شيء أم أنهم عجزوا عن حماية العباد كما عجزوا عن حماية البلاد ؟

عدد لا يستهان به من أبائنا يبتلعهم البحر كل صيف ، أمام أعين المسئولين ولا حياة لمن تنادي ، فهل نحتاج من أجل معالجة المشكلة إلى تدخل مصر وإسرائيل وأمريكا ومجلس الأمن ، والدول المانحة والرباعية الدولية ؟

ما الهدف من العمل الجماهيري والتنظيمي والعسكري ، وكل الأعمال التي  تنشطون بها إن كان لا يحترم آدمية الإنسان وحقه في الحياة ؟ وإن كنتم غير قادرين على تنظيم تواجد المواطن على شاطئ البحر ، فكيف ستحررون له وطنا وتقيمون له دولة يا عباد الله ، وكأنكم بذلك تفرقون بين حياة وأخرى أو بين كرامة وأخرى ، وهل كرامة الإنسان تكمن فقط  بالعمل السياسي والحزبي والتنظيمي والعسكري وما إلى ذلك ؟

أليس من الكرامة أن نحافظ على حياة الإنسان من الخطر ومن الموت ؟

صحيح أن الأعمار بيد الله ، ولكن الله لا يأمرنا بالإهمال وسوء الإدارة  والتخبط ،  وشغل الدروشة والمخترة الكذابة ، والبعيد كل البعد عن الإعداد والبرمجة والتخطيط ، لقد ناشدت طويلا من كان قبلكم ومنذ أعوام ، من سلطات ورؤساء بلديات ومؤسسات ولا حياة لمن تنادي ، بالله عليكم أجيبوني ، لماذا هذا التقاعس والإهمال بأهم ثروة تملكونها وهو المواطن ؟ وهل أنتم لكم شان وقيمة بدونه ؟ أليس المواطن هو الدم المتدفق في شرايين تنظيماتكم وأطركم كلها ، إن ما يجري هو استهتار مشين بحياة المواطن ، وإهمال لا يعلوه إهمال ، وكأن المواطن عدوا للمسئولين ، وكأن يُتم الأطفال وترميل النساء وحرمان الناس من فلذات أكبادها لا يعني احد أبدا .

كثير من المنقذين على بند البطالة ، ولا يملكون معدات الإنقاذ الضرورية ، ولا إسعاف أولي ولا قوارب إنقاذ .

والمواطن يسبح في مناطق ممنوعة ، ويدخل إلى عمق من المياه ممنوع بكل المقاييس ، أو يسبح وهو لا يجيد السباحة ، فلماذا تعجز الحكومة عن ضبط هذه الظاهرة ؛ لحل هذه المشكلة بينما لا تعجز في أمور أخرى كثيرة معروفة تماما ؟

من المؤلم أن نرى عدونا يقيم الدنيا ولا يقعدها عندما ترتفع وتيرة نسبة حوادث الطرق عنده ، فتجتمع الكنيست بكامل هيئتها ، و كل من يسبح في منطقة خالية من المنقذين يتعرض للعقوبة القانونية ، ويمنع المصطافين من السباحة خارج الخط الموضوع داخل منطقة السباحة وهو عبارة عن حبل عائم ، وعيادات متنقلة للطوارئ متواجدة ليلا ونهارا على الشاطئ ، فليتكم تتعلمون من اليهود .    

أنقذوا أرواح العباد من خطر الغرق ، وقفوا عند مسئولياتكم .