حقيقة قوة الصواريخ الإيرانية،

محمود أحمد الأحوازي

والنتيجة المحتملة للحرب القادمة!؟

محمود أحمد الأحوازي

[email protected]

في فترة من الزمن، أمطرت العراق إسرائيل بوابل من الصواريخ، سوفييتية الصنع، متطورة ومجهزة بأجهزة و تقنية سوفييتية مرتبطة بالأقمار الاصطناعية التابعة لها حيث كان للعراق علاقة إستراتيجية مع الإتحاد السوفييتي السابق، لكن النتيجة وبسبب وجود التكنولوجية المتطورة ومراقبة الأقمار الاصطناعية الغربية في المنطقة ولأجواء إسرائيل الحليفة لها، لم تتمكن الصواريخ العراقية من إحداث تهديد جدي للإسرائيليين ولم تصب أهدافا مهمة منتخبة لتثير خوفا حقيقيا في المجتمع الإسرائيلي بسبب ضعف قدرة تصويبها لأهدافها وليس بسبب ضعف قوة نارها، خلافا لما قامت به إسرائيل في هجومها على المفاعل النووي العراقي عام 1981، والذي تمكنت  من تدميره تدميرا كاملا في حملة واحدة فقط بالاستفادة من تكنولوجية تسيير الصواريخ المتطورة التي تسيرها الأقمار الاصطناعية.

وشهد عام 2006 معركة ضارية بين إسرائيل وحزب الله على الأراضي اللبنانية جنوبا، استعملت إسرائيل في تلك الحرب كل أنواع أسلحتها الفتاكة أرضا وجوا وبحرا، ودمرت تدميرا شبه كاملا الجنوب اللبناني. وفي المقابل استعمل حزب الله معظم أسلحته لمواجهة الهجوم الإسرائيلي، ومنها صواريخه قصيرة المدى والكاتيوشا حيث أمطر المدن الإسرائيلية بها ليل نهار، لطم لك نؤدي هذه الصواريخ إلا لضحايا وخسائر متواضعة جدا مقابل الخراب الذي خلفته الحملة الإسرائيلية في جنوب لبنان وفي جنوب بيروت.

وفي نفس الحرب، كانت لدى حزب الله صواريخ متطورة من إيران، لو تمكن من الاستفادة منها، لخلقت خرابا كبيرا في إسرائيل وفي منشأته المختلفة نظرا لأهمية وقيمة نيرانها ودقة إصابة أهدافها، خصوصا بعد ما استفادت إسرائيل من كل أنواع أسلحتها لإحداث اكبر ضرر ممكن بالبنية التحتية للبنان ولحزب الله وبالجنوب اللبناني عموما بما في ذلك مساكن الناس والمشاريع الاقتصادية والبنية التحتية للحكومة في الجنوب وبشكل واسع.

وبقي سؤال مطروح من ذلك الوقت وحتى الآن، وهو، لماذا لم يستعمل حزب الله صواريخه الإيرانية المتطورة في مواجهة إسرائيل وبقي أمين عامه يهدد بها حتى وقف إطلاق النار ونهاية الحرب، وبقي سلاح الرد الرئيسي الذي استفاد منه حزب الله هي الصواريخ قصيرة المدى والكاتيوشا، وأهداف هذه الصواريخ كانت المدن الكبيرة التي لا تحتاج دقة في التصويب نظرا لكبر حجم الهدف، ولم تصب صواريخ حزب ألله أي من المواقع العسكرية أو اقتصادية أو النووية المهمة إلا في حالات استثنائية على الحافة وبالصدفة!

والجواب اليوم أصبح واضحا، وهو ان الصواريخ الإيرانية، ومعروفة للغرب تكنولوجيتها الصينية والروسية،  لم تكون قادرة على استهداف أماكن محددة وأهداف مهمة مطلوب استهدافها، نظرا لفقدانها للتوجيه الإلكتروني الدقيق الذي تحتاجه كافة الصواريخ المتطورة سواء كانت ارض جو، جو أرض، ارض بحر أو عكس ذلك, وهذا ما كان يفتقده حزب الله وتفقده الصواريخ الإيرانية في تلك الحرب وهذا هو السبب الذي افقد حزب الله القدرة على الاستفادة من صواريخه الإيرانية أي بالأحرى ان حزب الله لم يكن قادرا على الاستفادة المؤثرة من صواريخه وهذا ما اجبره على الحفاظ عليها في مخابئها تحت الأرض مع الاستمرار بالتهديد بالاستفادة من صواريخ أكثر تخريبا على لسان أمين عام الحزب!.

اليوم، والغرب وإيران في موجهة محتملة وإسرائيل تهدد بضرب منشئات إيران النووية وأمريكا تهدد هي الأخرى إيران ان لم يفلح المجتمع الدولي من منع إيران من تطوير سلاحه النووي، وبوارجها الحربية وحاملات طائراتها تراقب السواحل الإيرانية على بحر العرب والخليج العربي، إيران هي الأخرى هددت أكثر من مرة ومازالت تهدد بضرب الأهداف الأمريكية والإسرائيلية وإغلاق مضيق بابا السلام" هرمز"، لا وحتى هددت بضرب دول عربية توجد على أراضيها قواعد للأمريكان.

لكن إيران التي زودت حزب الله بتلك الصواريخ، وهي أصبحت تمتلك صواريخ حديثة أكثر تطورا، وأكثر تخريبا، يا ترى كيف تتمكن وبدون غطاء من الأقمار الصناعية التي عادة عن طريقها تصوب الصواريخ وتشخص أهدافها، كيف تتمكن من استهداف السفن والقوارب في البحر وتستهدف الطائرات والصورايخ في السماء وتستهدف قواعد عسكرية على الأرض من مسافات تتجاوز المئات وبعضها الآلاف من الكيلومترات من منصات الصواريخ الإيرانية، مثل استهداف إسرائيل مثلا؟!

لا شك ان إيران في حال الهجوم عليها ستكون قادرة على إطلاق بعض من صواريخها  في الساعات الأولى، لكن باتجاه أي أهداف؟ هل تتمكن إيران من هداية صواريخها باتجاه أهداف أمريكية وإسرائيلية بشكل دقيق وهي لا تمتلك تكنولوجية توجيه مسار الصواريخ المرتبطة بالأقمار الاصطناعية؟ هل تتمكن إيران ان تحصل على تغطية تكنولوجية وهداية صاروخية من الأقمار الاصطناعية التي تمتلك هذه التقنية وهي عمدة لأمريكا وأصدقاء أمريكا ولمن يخافون أمريكا؟

في توازنات بين إيران من جهة والغرب من جهة أخرى، اننا نجزم ان معظم الصواريخ الإيرانية ستسقط على تجمعات بشرية ومدن كبيرة في المنطقة  لا تحتاج إلى استهداف دقيق وإلى تكنولوجية مرتبطة بالأقمار الاصطناعية مثل ما فعل حزب الله في رد الهجوم الإسرائيلي عام 2006 حيث ستبقى الأهداف العسكرية البعيدة والصغيرة والمجهزة بأجهزة تشويش الكتروني أيضا بمنأى عن الصواريخ الإيرانية وهذا يعني ان القوة الأمريكية الموجودة في المنطقة وبسيطرتها الكاملة على أجواء المنطقة، بأقمارها الاصطناعية وبأسلحتها الموجودة فوق أجواء إيران وعلى سواحلها،ستقوم وهذه المرة بحجة " الرد على تجاوزات إيران على جيرانها والإخلال باستقرار المنطقة والعالم، بالرد المدمر، دون ان يلومها لائم، وستصبح السلطة الإيرانية التي استعملت كل وسائلها لقمع الشعوب وكافة الشرائح الاجتماعية والأقليات الدينية والنساء والشباب والأحزاب في الداخل واستخدمت كل ثروات البلاد لتسلحها وتمددها في ظل سياسات اقتصادية تقشفية عسكرية هبطت الخدمات فيها إلى اقل من مستويات حتى الدول الفقيرة في المنطقة، وهي مازالت تحكم بقبضة حديدية، لن يكون مصيرها أفضل من مصير يوغسلافيا السابقة!