بعد "بيع الكلى".. "بيع الأطفال" وسيلة الأسر الفقيرة في إيران للحصول على المال
بعد "بيع الكلى".. "بيع الأطفال"
وسيلة الأسر الفقيرة في إيران للحصول على المال
محمد المذحجي
كان لتقرير صحيفة شهروند (المواطن) التابعة لمنظمة الهلال الأحمر الرسمية الإيرانية تحت عنوان «بيع حياة الأطفال الذين ولدوا في مكان سيء، بثمن بخس» تداعيات كبيرة في المواقع الإيرانية وشبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت. وكتبت الصحيفة أن بعض العوائل تضطر لبيع أطفالها بأسعار قليلة جداً من 120 إلى 300 دولاراً بسبب الفقر الشديد أو المخدرات.
بينما يعلن المسؤولون الإيرانيون عن اتساع رقعة امبراطوريتهم باتجاه شرق وغرب إيران، بعد مرور سنوات من انتشار ظاهرة «بيع الكلى» بين الشرائح الفقيرة في المجتمع الإيراني، أصبح «بيع الأطفال» حل جديد العوائل الفقيرة للهروب من الفقر والجوع.
ويظهر تقرير صحيفة شهروند ومقابلتها مع بعض الأمهات اللواتي اضطرن لبيع أطفالهن من أجل «البقاء على قيد الحياة»، أن شيوع ظاهرة بيع الأطفال هو أكثر بكثير مما تم نشره في وسائل الإعلام خلال الفترات السابقة.
وأضافت الصحيفة أن بعض المومسات والنساء المدمنات ينجبن أطفال لبيعهم على الوسيط بهدف الحصول على مبالغ قليلة جداً بين 120 إلى 150 دولاراً، رغم أنهن يعانين من الإرهاق والضعف الجسمي الحاد بسبب تعاطي المخدرات.
وأكد التقرير، «أصبح بيع الأطفال بين النساء الفقيرات في مدينة ساري، مركز محافظة مازندران شمالي إيران، ظاهرة خطيرة جداً. الإصابة بمرض الإيدز بين النساء المدمنات الحوامل في تزايد مستمر. وتراجع أكثر من 350 امرأة مدمنة أو مومس مراكز الإرشاد التابعة لمنظمة الرعاية الاجتماعية والاقتصادية الإيرانية».
ويحاول الوسطاء في سوق بيع الأطفال في إيران حث بعض المومسات على إنجاب الأطفال، ويتفقون معهن على السعر مسبقاً الذي يتراوح بين 120 إلى 300 دولاراً، لكنهم يحصلون على مبالغ ضخمة من هذه التجارة، وكشف أحد هؤلاء الوسطاء لصحيفة شهروند أنه يجني أرباح تتراوح بين 2100 إلى 2400 دولاراً لكل طفل الذي يتم بيعه.
وقالت إحدى الأمهات التي باعت اثنين من أطفالها، «يوماً من الأيام جاء دائنو زوجي إلى بيتنا وأخذوا أصغر طفلي بسعر 4 ملايين ريال (120 دولاراً)، وبعد ذلك بعام، أخذوا طفلي الثاني بخمسة ملايين ريال (150 دولاراً). لكن لم أكن أعرف السعر الحقيقي، قال البعض إن كل طفل سعره 10 ملايين ريال (300 دولاراً). والآن لا نعرف أين طفليَّ وما حصل معهما؟».
وأشارت الصحيفة إلى ظاهرة أخرى وهي «إيجار الأطفال» في إيران، بحيث يتم استئجار أطفال العوائل الفقيرة للتسول في شوارع المدن الكبيرة، مقابل توفير الطعام لهؤلاء الأطفال.
وكشف التقرير عن ارقام خطيرة حول زيادة حالات الإصابة بمرض الإيدز في الأحياء الفقيرة، وتظهر الاحصائيات غير الرسمية لمنظمة الدعم الاجتماعي والاقتصادي في محافظة مازندران أن 50 في المئة من رجال حي «نو بنياد» الفقير في مدينة ساري شمالي إيران هم مصابون بمرض الإيدز.
وفي السياق ذاته، أكد عضو في جمعية الدفاع عن حقوق الطفل الإيرانية، محمد لطفي، أنه يتم استخدام نسبة كبيرة من الأطفال الذين يتم بيعهم، لعمالة الأطفال والعمل في مشاغل مختلفة، وأن نسبة قليلة منهم يتم بيعهم على العوائل التي لا تنجب.
وكشف أحد نشطاء حقوق الأطفال لوكالة دويتشه فيلة الألمانية وطلب عدم الكشف عن هويته أنه بسبب القوانين الصارمة بشأن إصدار شهادة الولادة وأوراق الهوية، انخفض بيع الأطفال للعوائل التي لا تنجب، بشكل كبير، وأنه سيتم استخدام هؤلاء الأطفال لنقل وبيع المخدرات والتسول في أنحاء إيران.
وفي تشرين الأول /أكتوبر الماضي، نشر إعلان من قبل عائلة في إقليم بلوشستان بإيران لعرض ابنها للبيع وهو في العام الـ5 من عمره، أثار اهتمام النشطاء الاجتماعيين ووسائل الإعلام الإيرانية. واظهر هذا الاهتمام أن هذا الإعلان لبيع الطفل في محافظة بلوشستان ليس الأول من نوعه، بل انتشرت خلال السنوات الماضية ظاهرة بيع الأطفال بين بعض العوائل الفقيرة لدرجة أنه تم تشكيل لجان ومجموعات عمل في بعض المحافظات الإيرانية لمعالجة هذه الظاهرة.
وأفادت صحيفة شهروند وقتها، أن العائلة التي عرضت ابنها للبيع تسكن في مدينة زابل في محافظة بلوشستان الإيرانية جنوب شرق البلاد، وطلبت منزلاً مقابل هذا العرض. وأشارت آرزو س، أم هذا الطفل، إلى أن إعاقة زوجها الذي كان سابقاُ يعمل في تهريب الوقود على الحدود الشرقية الإيرانية هي السبب، وانتقدت عدم تجاوب وتعاون السلطات الحكومية لتوفير الغذاء والسكن لعائلتها التي تتكون من 5 أشخاص.
وبعد كشف بيع وشراء الأطفال في عام 2011، أعلن غلام رضا أنصاري، رئيس محاكم محافظة أصفهان، أن عرض الأطفال للبيع من قبل العوائل لا يعتبر جريمة وفقاً للقانون الجزائي الإيراني، وصرح، «تسعي العوائل الفقيرة التي لم تتمكن من توفير تكلفة الحياة لأن تعطي أو تبيع طفلها للعوائل التي تقدم طلب الحصول على طفل من الآخرين، على أمل أن طفلهم يحصل على حياة أفضل وهم يكسبون بعض المال. ويتم تواصل العوائل في هذه الحالة من قبل المستشفيات والقابلات المحليات ويتم تبادل مبالغ كبيرة من المال لبيع الأطفال».
وأوضح رئيس محاكم أصفهان، «يتم بيع الأطفال من قبل مجموعات لديها عاملين في المنظمة الوطنية للتسجيل المدني لإصدار شهادة الميلاد والمستشفيات لاختيار الأطفال وتزوير شهادة المستشفى. ويحصل أعضاء المجموعات العاملة في مجال بيع وشراء الأطفال على مبالغ كبيرة من المال، ويُعطى القليل من هذه المبالغ لوالدي الطفل».
وفي السياق ذاته، أيد رضا جعفري، نائب المدعي العام في محاكم طهران، تصريحات رئيس محاكم مقاطعة أصفهان، وقال، «للأسف الشديد، لا يوجد قانون لتجريم بيع الأطفال من قبل العوائل ضمن مجموعة القوانين الجنائية للبلاد، وينبغي أن يتم دراسة ظاهرة بيع الأطفال من قبل الخبراء ووضع القوانين اللازمة للحد من هذه الظاهرة الخطيرة».
وجاءت تصريحات الأخير في اعقاب تشكيل ملف في إحدى محاكم طهران بسبب عرض طفلة للبيع وعمرها سنة واحدة فقط في عام 2012. وأفادت وكالة إسنا للأنباء عن هذه القضية، أن امرأة أعطت بعض المساعدة المالية لرجل عجوز وابنته الصغيرة في أحد شوارع طهران، وبعدها عرض الرجل العجوز على المرأة بيع بنته الصغيرة مقابل 30 مليون ريال إيراني (900 دولاراً).
وبما يتعلق بموضوع كشف المجموعات العاملة في مجال الإتجار بالأطفال، أعلن موقع فارس نيوز في كانون الثاني/يناير 2007 عن كشف شبكة كبيرة لبيع الأطفال حديثي الولادة، التي كانت تعمل في إحدى مستشفيات مدينة أصفهان لفترة 7 أعوام، واعترف أعضاؤها ببيع 145 طفل.