من "الباستيل" إلى تدمر
من "الباستيل" إلى تدمر
معاذ مؤيد
بسم الله ... تعقيب سريع على هدم جزء من سجن تدمر الرهيب
1- في 14 تموز 1789 م اقتحم الفرنسيون ثم أحرقوا سجن الباستيل في باريس وما تزال فرنسا حتى اليوم تحتفل بمناسبة اقتحام السجن وتدميره معتبرة ذلك يوما وطنيا مشهودا , وقد أبقت فرنسا محل الباستيل على نصب تذكاري فقط .
2- إزالة آثار ومعالم الظلم وإبدالها بنقيضها أمر لا تزال الأمم تفعله وهو من الأمور النفسية التي يتم معالجة كل من تعرض لظلم فادح بمثلها لما في ذلك من أسباب لشفاء لصدره وإذهاب لآثار ومحل ظلمه واحنه ففي هذا السجن أكره الأخ على فعل الفاحشة مع أخيه أمام والديهما وإني أتمنى على كل ناعق بالمؤامرة أن يضع نفسه محل واحد من هؤلاء ثم ليجيب هل هو مع هدم السجن أم ابقائه ؟ وبعد تتبعي لصفحات بعض سجناء تدمر السابقين لم أقع على واحد منهم إلا وهو مسرور بهدم السجن بل إن أحدهم كتب "ابن قحبة اللي بيبكي عليه" بحروفه وشكر آخرون الله تعالى ...
3- يقول أهل العماء والغباء "إن هدمه لطمس جرائم نظام الأسد" وهذا حمق مائق فجرائم الأسد في الأخاديد التي شقها حول تدمر وفي صدور الشهود على سجن تدمر وليست جدران السجن التي أفرغها النظام من وسائل التعذيب بشاهد على شيء إلا في صدور السجناء مما تسبب لهم من احياء ذكريات .
ملاحظة : السجن الذي فجرته الدولة هو السجن العسكري وليس السياسي .
وهذه شهادة منقولة من أحدهم : "كانوا يجمعوننا في ساعة متأخرة
من الليل باللباس الميداني الكامل،ويضعوننا في سيارات عسكرية محكمة الإغلاق،ويطوفون
بنا في الصحراء عبر مسارات متعرجة كي لا نعرف أين نذهب بالضبط،ثم تقف السيارات
وننزل لنشاهد رتلاً من الرجال يصطفون على حافة خندق طويل مجهز مسبقاً..
كانت رؤوسهم مغطاة بأكياس بيضاء والأضواء مسلطة
عليهم،وكان المطلوب ببساطة أن نقتلهم! كنا نطلق النار من البنادق الروسية على رؤوس
أناس لا نعرفهم،فيتساقطون في الخندق أو حوله،ثم نرمي الجثث،التي نجت من السقوط،في
المساحات الفارغة بجانب أقرانها ونفرغ باقي المخزن في تلك الأجساد الميتة،لتتحرك
الآليات بعدها وتردم الخندق وتسير فوقه حتى تضيع الآثار تماماً.
تنتهي المهمة حينها ونعود قبل طلوع الفجر ويبقى بعض
العناصر"من المتطوعين"يحرسون المكان لمدة يوم كامل.
المهمة ذاتها تكررت كثيراً طوال سنين خدمتي دون أن نجرأ
على البوح بها،قتلنا مئات الرجال وربما بينهم من نعرفه أو يعرفنا لكن تلك الأكياس
البيضاء كانت تحجب عنا وجوههم.
رمال الصحراء ستتكلم يوماً ما لتشهد على مقابر ضائعه حتى
الآن صنعها حافظ الأسد في تدمر"
-قالها لي يوماً شاب خدم في الشرطة العسكرية بسجن تدمر
بين عامي (1987-1989) قالها وهو يرتجف- ... منقول