ماذا قدمت وزارة التربية الوطنية من أجل مصلحة المتعلمين مقابل إجبار موظفيها المتقاعدين على مواصلة العمل بعد سن التقاعد ؟

كان من المفروض في ظل دولة الحق والقانون أن تترك الحرية الكاملة لموظفي وزارة التربية الوطنية الذين أحيلوا على التقاعد للاختيار بين الاستفادة من حقهم في التقاعد وبين مواصلة العمل إلى غاية انتهاء الموسم الدراسي بأجر  ، وألا  يكرهوا على ذلك إكراها بذريعة مصلحة المتعلمين ، وهي كلمة حق أريد بها باطل ، ذلك أن وطنية موظفي هذه الوزارة لا يمكن الطعن أو التشكيك فيها ، ولا توجد فئة أحرص على مصلحة المتعلمين من فئة موظفي هذه الوزارة، وهم الذين يرتبط عملهم بالمتعلمين أشد الارتباط ، وهم في درايتهم بالمتعلمين ومصلحتهم كأهل مكة دراية بشعابها . وكان من المفروض أن  تتقاسم الوزارة الوصية هم الحرص على مصلحة المتعلمين مع المتقاعدين من أطرها بحيث يقبل هؤلاء الاستمرار في الخدمة حرصا على مصلحة المتعلمين مقابل التزام الوزارة بأداء ما يجب عليها تجاههم ماديا ومعنويا حرصا على مصلحة المتعلمين أيضا . ويقتضي المنطق أن تستمر وضعية المتقاعدين المحتفظ بهم للخدمة  ماديا ومعنويا على ما كانت عليه  قبل تقاعدهم لأن الاحتفاظ بهم يعني أنهم يتحملون مسؤولة  يحاسبون عليها إذ لو قصر الذين تمدد خدمتهم بعد سن التقاعد فيها لتعرضوا لما يتعرض له الموظفون قبل تقاعدهم من عقوبات بما فيها الاقتطاع من أجورهم .ولا شك أن المتقاعدين الذين أرغموا على مواصلة الخدمة قد جازفوا بمصائرهم بما فيها احتمال تعرضهم للعقوبات ، وذلك بالاقتطاع من معاشاتهم أو إصابتهم بحوادث شغل أو ما شابه في غياب تعطيل  الوزارة الوصية في تعاملها مع موظفيها المتقاعدين القوانين المعتمدة مع موظفيها قبل التقاعد جزاء وعقابا  . ومعلوم أن واقع حال موظفي هذه الوزارة المتقاعدين هو أنهم أجبروا على مواصلة الخدمة مجانا وبدون مقابل،إذ لا يمكن اعتبار صرف معاشاتهم مرتبات تدفع مقابل مواصلة الخدمة بعد التقاعد، الشيء الذي يعتبر ابتزازا مكشوفا ، وهو ما يعبر عنه في المثل الشعبي "من لحيته بخره " . ومن غرائب ما تعرض له الذين أكرهوا على مواصلة الخدمة بعد سن التقاعد تعطيل صرف معاشات شريحة منهم ، وتعطيل صرف التعويضات عن المهام كما هو الحال بالنسبة لأطر الإدارة التربوية وغيرهم من الأطر التي تستوجب مهامها تعويضات في قوانين الوظيفة العمومية. وعلى هذا الوضع ينطبق المثل المشهور " جزاء سنمار " وهو الجزاء الذي لقيه المهندس المعماري سنمار الذي شاد لملك طاغية قصرا منيفا فألقاه من أعلاه .ولو كانت الوزارة الوصية على قطاع التربية تقدر مصلحة المتعلمين حق التقدير لما جازفت بمصيرهم من خلال تشغيل موظفيها المتقاعدين دون أجور أو تعويضات ،مع اعتبار صرف معاشاتهم بمثابة أجور، علما بأن  شعور هؤلاء بالغبن وهم يشتغلون مجانا ودون مقابل من شأنه أن يؤثر على عطائهم لأن من حق الأجير أن يتقاضى أجره قبل أن يجف عرقه كما تنص على ذلك الشريعة المحمدية ، وهي شريعة يقر بها دستور البلاد .ولا زالت لحد الساعة مواقف المتضررين من الإجبار والإكراه على مواصلة الخدمة بعد التقاعد دون أجور أو تعويضات أو حوافز لا تتجاوز الشعور بالغبن والتعبير عن السخط دون أن يتبلور ذلك إلى مواقف جماعية تفضي إلى قرع أبواب القضاء الإداري في دولة الحق والقانون ، وهو قضاء وجد خصيصا لرفع الحيف والظلم عن الموظفين ، وكذا لمنع الشطط في استعمال السلطة ضدهم . وهل يوجد ظلم أوحيف أكبر من تشغيل المتقاعدين لشهور دون أجر ؟؟؟ وهل يوجد شطط أشنع من إجبارهم وإكراههم على العمل مقابل معاشاتهم التي اقتطعت من أجور عرقهم يوم كانوا في الخدمة ؟؟؟ المؤسف جدا أن يتفرج موظفو وزارة التربية الوطنية  الذين لا زالوا في الخدمة على زملائهم المتقاعدين الذين أجبروا وأكرهوا على مواصلة العمل دون أجر مع أن نفس المصير ينتظرهم، وشأنهم في ذلك شأن قطعان البقر الوحشي التي تتفرج ـ وهي تقضم العشب أو تجتره ـ على الضحايا منها حين تفترسها السباع .ولم نسمع بوقفات احتجاجية أو اضربات دعما للمتقاعدين المجبرين على مواصلة العمل دون أجر من طرف نقابات أو جمعيات أو غيرها.و قد يعتبر في نظر الوزارة والحكومة وقي نظرمن ينحو نحوهما  موقف كل من يعبر عن استنكاره إكراه وإجبار المتقاعدين على الخدمة المجانية موقفا ضد مصلحة المتعلمين ، والحقيقة أن الوزارة والحكومة هي المجازفة بمصلحة المتعلمين من خلال موقف المقامرة مع الضحايا من موظفيها المتقاعدين الذين استخفت بهم استخفاف الإقطاعي بالأقنان أو السيد بالعبيد .ولو كانت الوزارة والحكومة تحرص فعلا على مصلحة المتعلمين ،وهي مصلحة عليا للوطن لاقتطعت من كل أجور مختلف الوظائف في القطاع العام والخاص نصيبا يصرف تحفيزا للمتطوعين من المتقاعدين الذين يقبلون مواصلة الخدمة عن طيب خاطر لا عن إكراه . ولو أن نصيبا مما صرفه مهرجان موازين على الراقصة الأمريكية العارية التي أهانت جمهورها المغفل  بقبلها ودبرها المكشوفين هي وفرقتها الماجنة وغيرها من الفرق العابثة  خصص لمصلحة المتعلمين لما طال الحيف فئة المتقاعدين من موظفي وزارة التربية ،وكان ذلك اعترافا بتطوعهم وتضحيتهم في سن الشيخوخة والعجز وتناول الأدوية وانتظار الرحيل إلى دار البقاء . فمتى سينصف المتقاعدون من موظفي وزارة التربية الوطنية وهم فئة عجزة وهن منهم العظم واشتعلت رؤوسهم شيبا ، وهو شيب يستحيي منه الخالق جل وعلا ، ولم تستحي منه الوزارة والحكومة ،علما بأن عدم توقير الشيب لا يصدر إلا عن ذي وقاحة  ؟؟؟