لماذا اتخذ بعض المحسوبين على الصحافة الشعب المغربي دروعا بشرية
لماذا اتخذ بعض المحسوبين على الصحافة الشعب المغربي دروعا بشرية احتموا بها حين رد صحفي الجزيرة على استفزازهم له ؟
انحدر العمل الصحفي إلى الدرك الأسفل من الحضيض عند بعض المنتسبين إلى العمل الصحفي، علما بأن العمل الصحفي عندنا صار حرفة من لا حرفة له خصوصا في مجال الإعلام الرقمي ، كما صار وسيلة تهديد ابتزاز بعدما كان مهنة شريفة هدفها الكشف عن الحقائق والانتصار للحق والتضحية من أجله بالنفس والنفيس . فبعدما استباح بعض المحسوبين على العمل الصحفي الحالة الشخصية للصحفي المصري أحمد منصور العامل بقناة الجزيرة القطرية من خلال النبش في ما سمي زواجا عرفيا اقترنت بموجبه مواطنة مغربية نسبت لحزب العدالة والتنمية بهذا الصحفي بتدخل من شخصية معروفة منتمية لهذا الحزب أيضا ، كان من الطبيعي أن يثور هذا الصحفي لكرامته المجروحة وأن يغضب لها عملا بالقاعدة القائلة : " من استغضب ولم يغضب فهو حمار ومن استرضي ولم يرض فهو شيطان ". وكان رد الصحفي في قناة الجزيرة من نفس جنس الإساءة التي نالته من بعض المحسوبين على الصحافة إلا أن هؤلاء أبوا إلا اتخاذ الشعب المغربي دروعا بشرية يحتمون بها ،ويستغلونه لتأليبه على هذا الصحفي الذي تبرأ من تهمة الإساءة إلى الشعب المغربي حين رد على الذين نال منه من المحسوبين على العمل الصحفي وقد نشر هؤلاء بأنفسهم عباراته التي تضمنت براءته من تهمة الإساءة إلى الشعب المغربي . وكان على المحسوبين على الصحافة أن يديروا حربهم مع صحفي الجزيرة وفق قواعد الحرب الصحفية دون إقحام الشعب المغربي فيها إلا أن معرفة السبب تبطل العجب كما يقال . فعندما نتأمل ظرف التجني على صحفي قناة الجزيرة ـ وهو صحفي حقيقي مقتدر وليس مجرد منتحل لصفة الصحفي كما هو شأن بعض من هاجموه ـ نجد الحملة ضده جاءت مباشرة بعد انتصاره الإعلامي المدوي في ألمانيا بعد اعتقاله التعسفي من طرف السلطات الألمانية التي حاولت تسليمه لمتزعم الانقلاب على الشرعية والديمقراطية في مصر في إطار صفقة تجارية إلا أن القضاء الألماني المستقل أحبط مؤامرة الحكومة الألمانية وكشف عن فضيحتها . ولا شك أن الحملة الإعلامية المنسقة والمغرضة بشكل مكشوف ضد الصحفي أحمد منصور جاءت من أجل الإجهاز على ما حققه من انتصار على حكومة ألمانيا التي ترفع شعار الديمقراطية وهي تتعامل مع متزعم انقلاب على الديمقراطية، الشيء الذي يعني أن ديمقراطية ألمانيا صورية فقط لأنها تضع مصالحها فوق مبادئها . ومن يدري قد تكون جهة ما معلومة قد استأجرت المحسوبين على الصحافة الذين استهدفوا أحمد منصور من خلال حشر أنوفهم في أمر شخصي جد خاص، ويدخل ضمن كرامة الإنسان وحريته الشخصية . وفضلا عن النية المبيتة للنيل من صحفي مرغ أنف الحكومة الألمانية في الوحل وعرى طبيعة الاستبداد المسكوت عنه في مصر والمظالم الفظيعة فإن المحسوبين على العمل الصحفي الذين استهدفوه استهدفوا أيضا حزب العدالة والتنمية في إطار ما يسمى الحملات الانتخابية المسعورة قبل الأوان والتي تخوضها بعض أحزاب المعارضة التي لا تدخر جهدا في البحث عن كل ما يسيء إلى سمعة هذا الحزب ولو كان زورا وبهتانا .ومن أساليب الهجوم في صراع هذه الأحزاب مع حزب العدالة والتنمية التدخل في أمور الأحوال الشخصية لشخصيات هذا الحزب كما كان الحال بنسبة لوزير ووزيرة ينتميان إليه حيث لم تهدأ عاصفة النيل منهما حتى اضطر رئيس الحكومة إلى إقالتهما وكان مجانبا للصواب عندما خضع لابتزاز خصومه السياسيين لأن المفروض في إقالة الوزراء أن يكون على أساس الفشل في مهامهم والتقصير في أدائهم لا على أساس أحوالهم الشخصية التي تدخل ضمن حرياتهم الشخصية الواجب احترامها شرعا وقانونا .ولقد وجد المحسوبون على الصحافة مادة دسمة في زواج الصحفي المصري بامرأة محسوبة على حزب العدالة والتنمية زواجا عرفيا وبواسطة شخصية من نفس الحزب . وبجهل واضح بطبيعة الزواج العرفي صار هذا الزواج عند المحسوبين على العمل الصحفي جريمة زنا وخيانة زوجية ارتكبها الصحفي المصري مع مواطنة مغربية محصنة رميت بالدعارة بهتانا ، وصار من كان واسطة في هذا الزواج قوادا حسب تعبيرهم ، وصارت الزوجة ضحية ومخدوعة . ومعلوم أن الزواج في شريعة الإسلام ينعقد بوجود زوجين عاقلين مكلفين يرضى كل منهما بالآخر زوجا مع وجود ولي وشاهدي عدل ومع دفع صداق أو جزء منه إلى جانب وجود نية بالزواج لأن الأعمال في شريعة الإسلام لا تصح إلا بالنية. ولا يجرم القانون المغربي الزواج العرفي كما زعم مهاجمو أحمد منصور وإلا فإن كل زواج لم يدون في عقود مكتوبة يعتبر جريمة وهو ما لا يقول به الفقه . وتدوين الزواج في عقود مكتوبة إنما هومجرد احتراز فقط لصيانة الزواج الذي ينعقد شرعا مشافهة تماما كما يحصل الطلاق مشافهة . وهذا أمر يبث فيه الفقهاء وأهل العلم، ولا دخل فيه للمحسوبين على الصحافة وما ينبغي لهم وما يستطيعون . وأتحدى هؤلاء أن يطلقوا زوجاتهم شفهيا ويزعمون أن طلاقهم لم يحصل ، كما أتحداهم أن يشهدوا شفهيا على زواجهم اثنين لا يطعن في عدالتهما مع وجود ولي ويدفعون صداقا أو جزءا منه مع نية صادقة بالزواج ثم يزعمون بعد ذلك أن النكاح لم ينعقد أو يتنكروا لما يترتب عنه من تبعات. وبناء على هذا فإن زواج الصحفي المصري ـ إذا صحت الرواية سندا ولم يجرح رواتها، ومتنا ولم يكذب ـ زواج شرعي ـ والله أعلم بنيته ـ وليس زنا أو خيانة زوجية . أما قضية توثيق هذا الزواج فسببها تعقيدات مسطرة التعدد التي يقف وراءها معارضو التعدد حيث يشترط القضاء عندنا شروطا تعجيزية للتعدد الشيء الذي يدفع الناس إلى ما يسمى الزواج العرفي، وهو زواج لا يمكن الطعن في مصداقيته ومشروعيته لمجرد أنه غير موثق كتابة . ولو رفعت الشروط التعجيزية عن التعدد لأقبل كثير من الناس على التعدد وفيه خيرهم كما أن فيه صيانة للأعراض التي تتهددها جرائم الزنا بسبب التعسير المضروب حول الزواج بما فيه التعدد .ونعود إلى قضية استهداف حزب العدالة والتنمية من خلال اتهام أحد شخصياته بالقوادة بلا حياء ولا خجل ، واتهام إحدى مناضلاته بالزنا والسفاح مع الصحفي المصري لنقف على حقيقة استهداف كل من ينتسب للإسلام عند الذين أثاروا هذه الزوبعة مستأجرين وبمقابل دون شك . ومما وصف به الصحفي المصري من طرف أحدهم أنه "متأسلم داعشي الفكر والممارسة " ولقد صارت تهمة الداعشية توزع مجانا في إطار تصفية الحسابات الحزبية والإيديولوجية تماما كما كان الحال في فترة سنوات الرصاص حيث كان كل من يريد النيل من خصمه يلفق له تهمة شتم النظام . ولا يجد خصوم الأحزاب أو الشخصيات ذات الانتماء الإسلامي في طول الوطن العربي أدنى حرج في نعتهم بالدواعش ، وهكذا صار كل من ينهل من الإسلام داعشيا حتى وإن تبرأ علانية من عصابات إجرامية وأدان إجرامها ، وهي عصابات مصنوعة مخابراتيا من طرف الغرب للقيام بدور الإساءة إلى الإسلام من جهة، ومن جهة أخرى للحيولة دون ما يسميه الغرب الإسلام السياسي والمتمثل في وصول أحزاب ذات مرجعية إسلامية إلى مراكز صنع القرار ديمقراطيا وعبر صناديق الاقتراع . ومن السخف الربط بين عصابات داعش الإجرامية وبين الأحزاب والشخصيات ذات التوجه الإسلامي . ومن العيب اتخاذ الشعب المغربي دروعا بشرية لتصفية حسابات حزبية وسياسوية ضيقة . ولا يمكن أن يزر الشعب المغربي وزر المحسوبين على العمل الصحفي ، ويتحمل مسؤولية ما بدر منهم وما صدر عنهم من إساءة في حق الصحفي أحمد منصور وهو الذي عبر بكل وضوح كما شهد بذلك الذين جرحوه وجرموه أنفسهم بأنه يحترم الشعب المغربي، ويكن له كل الاحترام .وعلى كل من أراد خوض السجالات الحزبية والسياسوية والحملات الانتخابية المتهافتة قبل الأوان ألا يحاول ركوب ظهر الشعب المغربي بغرض تأليبه على الخصوم السياسيين . والشعب المغربي أذكى وأوعى من أن يسمح بركوب المغرضين ظهره وأن يكون أداة في أيديهم توظف لخدمة أغراضهم التافهة .
وسوم: العدد 623