الجيلالي بونعامة.. لماذا يكرهونه؟
شهدت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية لولاية الشلف، وبالتنسيق مع الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية فرع الشلف، محاضرات لأساتذة من جامعة حسيبة بن بوعلي، وبحضور بعض القدامى الذين شاركوا في الثورة، يوما دراسيا بعنوان "الشهيد الجيلالي بونعامة .. حياة وكفاح".
إفتتح اليوم الدراسي مدير المكتبة، محمد قمومية Mouhamed Guemmoumia، فقال..
الثورة الجزائرية لم يكن لها زعيم غير زعامة الشعب الجزائري. وعلى المجاهدين أن يدركوا، أن الذي يمتلكونه ليس ملكهم بل هو ملكنا وملك هذه الأجيال. وأقترح ملتقى وطني حول الجيلالي بونعامة. وما كان له أن يقول، ليس الهدف هو نبش التاريخ. ولماذا تقام الدراسات التاريخية، مادام نبش التاريخ ليس هدفا من الأهداف.
تدخل الاستاذ محمد لعاطف، باعتباره رئيس الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية فرع الشلف، فقال..
العقل الاستراتيجي هو الذي خطط للثورة الجزائرية ولم تكن تخضع الثورة للعشوائية. والذين شاركوا في الثورة، هي تلك الثلة التي تخرجت من أرض الواقع رغم مستواهم الضعيف.
تدخل الأستاذ حسين بن فرج Housseyn Djilali Ben Fredj، فقال.. وجدت قلة المراجع. تعرّض الجيلالي بونعامة للتهميش لمدة 30 سنة، ولم تقام له ذكرى إلا سنة 1991. وكان يعتبر التطرق إلى حياته من المحرمات. ولم تشر جريدة "المجاهد" إلى وفاته إلا عبر الصفحات الداخلية وبعد شهر من وفاته. إمتنعت الهيئة من ترقية الجيلالي بونعامة إلى رتبة أعلى يستحقها، ولو بصورة رمزية بعد وفاته. ثم قال الشهرة نالها أصحاب الخارج وحرم منها القادة الميدانيون كالجيلالي بونعامة. واستشهد بعد ذلك بقائد فرنسي، يعترف أن الفترة سنتي 1960-1961، كانت من أحلك المراحل على الاستدمار الفرنسي، لأن بونعامة هو الذي كان يقوم على المنطقة الرابعة.
عوامل ساهمت في تكوين القائد المجاهد.. كان إبن بقال. طرد من المدرسة. التكوين العربي الاسلامي بدوار تبركانين ودرس عن الشيخ في مدرسة أسسها أبوه سنة 1937. دخوله في التجنيد الاجباري الفرنسي وشارك في حرب الفيتنام وطرد منها لأسباب نجهلها لحد الآن، وتعلم الجندية. إنتماءه في سلك النقابيين أثناء العمل بمنجم بوقايد بعد تسريحه من الجيش الفرنسي. إنتماءه للحركة الوطنية. إرتقى في الحزب ضمن المنظمة الخاصة، خاصة وأن تدريبات المنظمة الخاصة كانت ضمن منطقة الظهرة، مامكّنه من معرفة الميدان جيدا ويبدغ فيه. تعرض للسجن سنة 1946 لمدة 6 أشهر، لأنه عارض تزوير الانتخابات. وسجن للمرة الثانية للاشتباه فيه. فرضت عليه الاقامة الجبرية بوهران ثم فر. مشاركته في مؤتمر مع مصالي بفرنسا، الذي تعرف من خلاله على الحركة المصالية. أستشهد والديه وسجن أخوه، ولم يبقى له غير الاخلاص للجزائر. أستشهد عن عمر 35 سنة فقط.
ولد بالولاية الرابعة. عضو في المنطقة الثالثة من الولاية الرابعة. تولى المنطقة الثالثة من الولاية الرابعة الممتدة من الرمكة إلى الخميس. وكانت حركات مناوئة للثورة الجزائرية منها 4 حركات، كحركة كوبيس التي قضى عليها وعلى زعيمها. الولاية الرابعة عرفت اختناق من طرف فرنسا، واستطاعت ان تخرج منه بفضل التمويل الذاتي دون الانتظار السلاح من الخارج.
بونعامة الشخصية المحبوبة، لماذا؟.. كان أحد القادة يناديه بقوله والدي العزيز. كان بونعامة يقول، ليس القائد من يصنع بطولات، انما من يصنع رجالا يحبهم ويحبونه. وقد كان أعرفهم بالميدان، وقد إرتقى في الرتب العسكرية بشكل طبيعي، لذلك أحبه من حوله، عكس بعض القادة الذين كانوا يترقون بسرعة ولا يعرفون المكان.
تدخل الأستاذ يوسف صداقي، فقال.. تشتهر الونشريسي بقادة وعلماء منهم الحسن الونشريسي والمطماطي التنسي، وعرفت قادة في عهد الامير وفي عهد بومعزة.
يعتبر الجيلالي بونعامة من عائلة محافظة ميسورة. أبوه اشتغل بقالا. إلتحق بالمدرسة الابتدائية الخاصة بالجزائرين وبالأهالي بالتعبير الفرنسي. شاهد عمليات الانتقام الفرنسي. طرد من المدرسة وعمل بالدكان مع الاب في بوقايد. انخرط في صفوف الحركة الوطنية. أدى الخدمة الوطنية سنة1944. ثم عاد للمنجم سنة 1947 فيفري. إنضم الى انتصار حركات الحرية. أسند له قسم بوقايد، فتعرف على قادة الاصنام ووهران. وعين عضوا بالمنظمة الخاصة. سجن 6 أشهر لمعارضته تزوير الانتخابات. شارك في الاضراب. ألقي القبض عقب اندلاع الثورة.
تدخلت الأستاذة ليلى بوجلال، فقالت.. إنبثقت الولاية الرابعة عن مؤتمر الصومام، لكن بعدها عن الحدود تحول إلى عنصر سلبي نظرا لنقص الامداد بالسلاح. فرنسا ركزت على المنطقة الرابعة عن طريق تهجير السكان وإبعادهم عن المجاهدين. بادر بونعامة الى تكوين وحدات مقاتلة. كان جيش التحرير يضرب و ينسحب بسرعة حتى لايتعرض للمواجهة مع الجيش الفرنسي. وقد سببت هذه الهجمات حرجا كبيرا لفرنسا ذات العدد والعدة.
بقيت الإشارة أن الأستاذة ليلى بوجلال كانت توزع البسمات بالمجان طيلة إلقاء المحاضرة وكأنها في حصة صباحيات، وهي تتحدث عن قتلى الجزائريين وخسائرهم في الأرواح والممتلكات على أيدي السفاحين الفرنسيين.
تدخل الأستاذ اسماعيل توتة Ismail Touta، فقال.. هناك صعوبات في التحاور مع بعض المجاهدين، ويرفضون تقديم المعلومة. سنة 1957 كوّن الجيلالي بونعامة فرقة الصاعقة لمواجهة الثكنات وتخريب الاسلاك. كان تحت إمرته 174 كوموندوس، باعتباره كان يملك خبرة عسكرية.
تدخل الأستاذ محمد غزالي، فقال.. حين فشل الاستدمار في زرع حركات مضادة للجيش الوطني، حيث استطاع زرع الفتنة داخل جيش التحرير، وكانت سببا في بقاء فرنسا. ومن هذه الحركات..
حركة البلحاجيين كوبيس.. تخرج زعيمها من مدرسة شرشال برتبة عريف وكان من المصاليين. سجن وأطلقته فرنسا. سلحته فرنسا ضد الثورة التحريرية. إستطاع تجنيد منطقة عين الدفلى والشلف، خاصة الذين لم يستطيعوا اللحاق بجيش التحرير وتعامل على انه هو الجيش الرسمي وجيش التحرير. وكان يتقاضى أجرا عن كل مجند جزائري. ومع نهاية 1956 كان له جيشا قويا مكتملا يعارض ويناهض جيش التحرير.
قام الجيلالي بونعامة بمهاجمة كوبيس، خاصة عندما رأى الطائرات الفرنسية تساعد كوبيس. محاولا إستمالة جنود كوبيس المعارضين له لزعيمهم، عبر توزيع مناشير على المدنيين والعسكريين التابعين لكوبيس. وكانت النتيجة أن قتل كوبيس وقطع رأسه وقدم للقائد بوقرة، وقال حينها بوقرة، كان كوبيس معلمي ومدربي.
ومن نتائج القضاء على المنطقة بعد قتل كوبيس، أن المنطقة تنفست الصعداء وتم القضاء على التحالف القائم بين حركتين مضادتين للثورة وهما باشاغا بوعلام وكوبيس.
تحدث الأستاذ بلقاسم قرباش.. عن الاختراق الفرنسي للثورة الجزائرية عبر زرع جواسيس وخونة، وأعطى مثالا عن الجاسوس الألماني الذي غرسته فرنسا في صفوف جيش التحرير.
تحدث الأستاذ رضا بن عتو، فقال.. إمتازت مرحلة 1955-1959، بـمخطط شارل 1955. ومشروع ديغول المتمثل في سلم الشجعان. وخطابه المشهور1959. والمشاكل التي تعرضت لها الحكومة المؤقتة، عقب ضغظ هجومات الثورة الجزائرية.
لقاء الاليزيه.. توجه الثلاثي لمقابلة ديغول في أواخر سنة 1960 عن طريق قاضي فرنسي بالمدية. لم تكن الحكومة المؤقته تعلم باللقاءات السرية. ويقول الجيلالي بونعامة، انه لم يكن على علم بالاتصالات السرية، وكيف لم يكن على علم وهو كان ضمن الوفد الثلاثي. تأكدت فرنسا أنها لاتستطيع القضاء على الثورة، فحاولت عبر لقاء الإليزيه ضرب الثورة، خاصة وأن ديغول كان يشترط ترك السلاح لإجراء أي مفاوضات.
تحدث الأستاذ علي حدوم .. عن الجيلالي بونعامة من خلال كتاب "شاهد على إغتيال الثورة" الرائد لخضر بورقعة. وبما أن الأستاذ كان ضعيفا مرتبكا غير ملما بالموضوع، فضلنا عدم النقل عنه.
تحدثت الأستاذة فاطمة مهداوي، فقالت.. حاصرت فرقة الصدمة 11، الفرقة المظلية الفرنسية القادمة من كورسيكا، الجيلالي بونعامة. أستشهد معه 4، وأسر اثنين. ومباشرة بعد استشهاده، تم القيام بعدد من الاعمال الفدائية.
لم يعطى حقه من الاهتمام ولم يتم نشر خبر استشهاده الا بعد شهر. ومنعه من الترقية. وحرم من رتبة العقيد. ولحد الآن لم يتم العثور على جثته. والسبب في ذلك إتّهامه بالخيانة وحادثة الاليزيه . وتحدثت عن خصاله، فقالت..
كان الجيلالي بونعامة يحرس كغيره من الحراس. ويتنازل عن حذاءه ولباسه لجنوده.
قال محمد لعاطف.. كانت فرنسا ترصد 70 ألف جندي ، بينما كانت ترصد للمناطق الأخرى 40 ألف جندي، مايدل على قوة المنطقة في عهد الجيلالي بوعمامة. ويكفي المنطقة فخرا، أنها المنطقة الأولى التي تحررت وهي المنطقة الرابعة منها الاصنام سابقا الشلف حاليا .
قال المجاهد محمد عياد.. وهو الذي لم يستطع ان يتمالك نفسه من البكاء. الشهداء يفرحون بكم. الناس الذين احتلونا ووضعوا خطا أحمرا، مازلنا نعيش معهم وتعانون منهم أنتم كذلك. الاستدمار خلق لنا استدمار جديدا اسمه قدور وعمر. ثم دعا ربه بمرارة وقال، الله ينجينا من الذي له 18 أب. ومن ولد شريفا مات شريفا. ثم أوصى الجميع فقال، تحدثوا عن الفدائيين والمسبلين، لأن الفدائيين كانوا موتى وهم يدخلون المدينة. أعينونا فلم نستطع الآن نظرا للسن والعجز والمرض المجيء إليكم، حاولوا أن تتصلوا بنا ولكم منا كل شيء.
تحدث مجاهد آخر، فقال.. حين أنشت فرنسا منظمة الجيش السري OAS، سماها جيش التحرير، بـ..ORGANISATION DES ANIMAUX SAUVAGES
المجاهد عطاف.. الشلف متهمة بقضية كوبيس. وكوبيس شئنا ام أبينا كان مسؤولا وكان مسؤول على احمد بوقرة. وكانوا يعدون للثورة عبر التحضير والتدريب. وبعد أن ألقي عليه القبض تحول إلى عميل. ربحنا حرب لكننا خسرنا المخابرات وكانت فرنسا أقوى منا، والحروب بالمخابرات تنتصر. وكذلك إرتكبت فرنسا اخطاء استطعنا استغلالها. بونعامة هو قندوز سي امحمد بوقرة. ومحمد بوقرة هو الذي اعطى السمعة الحنة للمنطقة الرابعة. وبونعامة كان عسكريا بامتياز.
الشخص الواحد لايستطيع ان يقوم لوحده بالثورة التي كانت من طرف الجميع. وعلينا فهم كل مسار الثورة. كيف تمر المعلومة، معرفة الخائن من المخلص، التحضير، الاكل والشرب.
الثورة كانت تقوم على السياسي والعسكري والمخابراتي. نظريا السياسي هو من له الاسبقية، لكن في الواقع كان العسكري هو الذي له الاسبقية. لكن التحضير للعملية كانت من طرف الجميع وباستشارة الجميع.
تحدث المجاهد محمد عياد، فقال.. المجاهد ليس الذي يتحصل على الفيلا ويستبدل المرأة. ولن أغير ولن أبدل حتى تضعون التراب علي. حاسبوا المجاهدين على ماقدموا وما اكتسبوا، وأن لاننسى المرأة التي قدمت الكثير. ديغول لم يرحمنا، إنما رحم أبناءه الذين كانوا في سجون جيش التحرير.
وسوم: العدد 630